طلب 30 من الأعضاء الديموقراطيين في مجلس النواب الأميركي من رئيس أركان الجيوش الاميركية الجنرال ريتشارد مايرز تسليمهم، في أقرب وقت ممكن، تقريراً سرياً محرجاً جداً عن الاستراتيجية الاميركية لمرحلة ما بعد الحرب في العراق. وفي رسالة الى مايرز، نشرت الخميس وسلمت نسخة منها الى الصحافيين، أكد هؤلاء النواب أنهم يريدون الحصول على هذه الوثيقة التي تحمل عنوان "عملية الحرية في العراق: دروس استراتيجية". وجاء طلب النواب قبل ان تقر لجنة في الكونغرس الموازنة الاضافية التي تبلغ حوالى 87 بليون دولار التي طلبها الرئيس جورج بوش من أجل العراقوافغانستان. ويفترض ان يصوت مجلسا النواب والشيوخ قبل نهاية الاسبوع المقبل على هذه الموازنة. وقال النواب في رسالتهم إن "الشعب الاميركي يطلب ان يمارس الكونغرس مسؤولياته الدستورية بدراسة عميقة لسياسة ما بعد الحرب في العراق التي تتبعها الإدارة قبل الموافقة على الموازنة الاضافية المخصصة بشكل أساسي للعمليات العسكرية". واضافوا: "نحن مقتنعون بشدة بأن المعلومات التي وردت في هذا التقرير … ستسهل هذه العملية وتسمح لنا بفهم أفضل لمهمتنا في العراق، لذلك نطالب بتسليمنا هذه الوثيقة فوراً". وعبر هؤلاء النواب عن دهشتهم لتمكن صحيفة "واشنطن تايمز" من الحصول على نسخة من هذا التقرير، موضحين ان عدداً كبيراً من المسؤولين الاميركيين، بينهم الحاكم المدني للعراق بول بريمر حصلوا على نسخة منه أيضاً. وأفادت صحيفة "واشنطن تايمز" ان هذا التقرير، الذي بدأ اعداده في 5 آذار مارس الماضي، أي قبل اندلاع الحرب، بطلب من وزارة الدفاع البنتاغون، يتحدث عن سلسلة من المحادثات مع مسؤولين عسكريين أميركيين كبار بينهم الجنرال تومي فرانكس، الضابط المتقاعد الذي كان يتولى قيادة القوات الاميركية في الخليج خلال الحرب. ويتضمن التقرير نقداً داخلياً لاستراتيجية الحرب التي اعتمدتها إدارة بوش في العراق، ويعتبر ان خطتها لمرحلة ما بعد الحرب "متسرعة وغير مناسبة". ويوجه انتقادات قاسية إلى الجهود التي بذلتها الإدارة الاميركية للبحث عن أسلحة الدمار الشامل بعد انتهاء العمليات العسكرية الاساسية في العراق، معتبراً أنها "مخيبة للآمال". ويرى معدو التقرير ان خطة العمل لم تسمح باطلاق عمليات البحث في وقت مبكر ومنعت القيادة الاميركية الوسطى من القيام بمهمتها بفاعلية. وكانت لجنة توزيع الموازنة في مجلس النواب وافقت مساء الخميس على الموازنة التي طلبتها إدارة بوش للعراق بشكل أساسي وأفغانستان وتبلغ 9.86 بليون دولار، ب47 صوتاً، بينهم عدد كبير من الديموقراطيين، مقابل 14. ورفضت اللجنة تعديلات عارضتها إدارة بوش تهدف الى تحويل جزء من 6.18 بليون دولار الى قروض من المبلغ الاجمالي الذي تمت الموافقة عليه لإعادة إعمار العراق. وقال رئيس اللجنة النائب الجمهوري بيل يونغ فلوريدا إن هذه الاموال تشكل "استثماراً لمستقبل أطفالنا، مستقبل من دون تهديد إرهابي ومن دون الخوف اليومي من هجوم مدمر على مدنيينا". من جهته، دان نائب رئيس اللجنة الديموقراطي ديفيد اوبي ويسكونسين "تلاعب الادارة بالمعلومات لمهاجمة العراق"، لكنه أكد ان الولاياتالمتحدة "لا تستطيع التخلي عن العراق الآن … ويجب ان تساهم في احلال الديموقراطية فيه". واتهم الادارة بأنها لم تقدر بشكل سليم نفقات الحرب، مطالباً بمزيد من المعلومات عن خطة عملها. كما انتقد عدم تغطية هذه الموازنة الاضافية المطلوبة بأي واردات فيديرالية، مشدداً على أنها ستزيد من العجز في الموازنة الذي سيبلغ رقماً قياسياً هو 500 بليون دولار في 2004. ورفضت كل اقتراحات اوبي ومن بينها إلغاء خفض في الضرائب للاثرياء الاميركيين ودفع جزء من الاموال الى البنك الدولي لضمان منح العراق قروضاً بقيمة اربعين بليون دولار. ويعادل المبلغ الذي أقرته اللجنة وما زال يتعين طرحه في مجلس النواب للتصويت الاسبوع المقبل على الأرجح، الى حد كبير المبلغ الذي طلبه الرئيس بوش. وحسمت اللجنة البرلمانية 7.1 بليون دولار من أصل 3.20 بليون دولار طلبها بوش من الكونغرس لإعادة إعمار العراق، عبر إلغاء النفقات التي اعتبرتها مبالغاً بها مثل 300 مليون دولار لبناء سجنين و150 مليون دولار لبناء مستشفيين للأطفال في البصرة ومليوني دولار لشراء شاحنات لجمع القمامة. وينص مشروع الموازنة الاضافية الذي تبنته اللجنة البرلمانية على 1.65 بليون دولار للعمليات العسكرية في العراقوافغانستان وغيرها من مناطق العالم في اطار الحرب على الارهاب. أما مبلغ 6.21 بليون دولار الذي بقي، فسيخصص لإعادة إعمار العراقوافغانستان. وادرجت اللجنة مبالغ لتمويل شراء سترات واقية من الرصاص لحوالى ثمانية آلاف اميركي في العراق لم يحصلوا عليها حتى الآن. كما خصصت 400 مليون دولار اضافية لإعادة إعمار افغانستان، ومبلغاً مماثلاً لاصلاح الأضرار في المنشآت العسكرية في شرق الولاياتالمتحدة التي سببها مرور الاعصار ايزابيل.