استقبل الأمين العام لجبهة التحرير الوطني علي بن فليس، أمس، بصورة مفاجئة اللواء مصطفى محمد الخروبي المبعوث الشخصي للزعيم الليبي العقيد معمر القذافي إلى الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وجاء اللقاء الذي جرى في المقر المركزي للجبهة في حيدرة بعد ساعات قليلة من استقبال بوتفليقة الموفد الليبي في الإقامة الرئاسية في ولاية باتنة 450 كلم شرق الجزائر حيث توقف رئيس الجمهورية في إطار جولته في ولايتي المسيلة وبرج بوعريريج. واستمر اللقاء أكثر من ساعتين، بحث فيها الطرفان الأوضاع السياسية الصعبة التي تمر فيها الجزائر في ضوء مبادرة اقترحها الزعيم الليبي "لتجنب انفلات الأوضاع داخل المؤسسات الدستورية القائمة"، وعلى رأسها البرلمان والمجالس المحلية المنتخبة التي تحوز فيها جبهة التحرير على الغالبية. وعلى خلاف تقاليد الحزب في الاستقبالات الرسمية، لم تعلن جبهة التحرير عن اللقاء الذي حضره أعضاء من الوفد الليبي الذي يزور الجزائر. كذلك لم تشر إليه وكالة الأنباء الجزائرية. ورفض قياديون في جبهة التحرير في اتصال هاتفي مع"الحياة"، مساء، التعليق على اللقاء الذي جمع بن فليس مع موفد القذافي. وكان اللواء الخروبي أوضح في تصريحات وزعتها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، أمس، عقب لقائه، مساء الأربعاء، مع الرئيس بوتفليقة في باتنة أن المحادثات التي جرت بحضور وزير الخارجية عبدالعزيز بلخادم "تناولت التعاون الجزائري - الليبي والقضايا المشتركة"، لافتاً إلى أن ليبيا "تتابع ما تم تحقيقه في الجزائر والمجهودات التي بذلها الرئيس بوتفليقة لتحقيق الوئام والمصالحة الوطنية وتجسيد المشاريع وخفض حجم المديونية". وأكدت مصادر سياسية ل"الحياة" أن الموفد الليبي جاء حاملاً "مبادرة وساطة" لإنهاء التوتر بين رئيس الجمهورية والأمين العام لجبهة التحرير، المرشح للانتخابات الرئاسية المقررة مطلع 2004. ورفض مسؤول الإعلام في رئاسة الجمهورية في اتصال مع "الحياة"، أمس، تقديم معلومات إضافية عن زيارة الخروبي. ووصف ديبلوماسي متقاعد الزيارة بأنها "تعبير عن حرص القذافي على استقرار الجزائر وهو أمر عودنا عليه في السنوات الماضية". لكنه تابع ان "ما يحدث حالياً في الجزائر من توترات سياسية لم يبلغ بعد مرحلة الخطر". ويشير مراقبون الى أن الزيارة تأتي في سياق صراع حاد بين الرئيس الجزائري ورئيس الحكومة السابق الذي كان سحب وزراءه السبعة في الحكومة بعد محاولة منعه من عقد المؤتمر الاستثنائي للحزب. وتلتزم قيادة الجيش حتى الآن الحياد في الصراع بين بوتفليقة وبن فليس، وهو ما يرشح البرلمان لأن يكون الحلبة المقبلة للمواجهة بين الطرفين. في غضون ذلك، شهدت الجمعية العامة للنقابة الجزائرية للقضاة، أمس، ملاسنات حادة بين أنصار الرئيس الجزائري ومؤيدي بن فليس بسبب المواقف المتباينة لكل طرف من حكم القضاء الاستعجالي ضد المؤتمر الاستثنائي الذي طعن في شرعيته المسؤول الأول في مجلس قضاء العاصمة محمد زيتوني. وفجر رئيس نقابة القضاة محمد رأس العين الصراع عندما استنكر ما سمّاه "استخدام السلطات جهاز العدالة لتحقيق طموحات سياسية"، وهو ما دفع مؤيدي بوتفليقة إلى الرد بقوة مستنكرين محاولات توريط النقابة في الصراعات السياسية.