كشفت مصادر قريبة من الحكومة الجزائرية وجود مبادرة بين الدول الأعضاء في اتحاد المغربي العربي من أجل بلورة حل سياسي لقضية الصحراء الغربية التي دفعت المغرب إلى إبداء تحفظات عن العمل المشترك. وأوضح مصدر جزائري مسؤول، في لقاء مع "الحياة" امس، أن رؤساء دول الاتحاد الذين سيلتقون خلال النصف الثاني من حزيران يونيو المقبل سيدرجون ملف "تنقية الأجواء" بين الدول الأعضاء في شأن "النقاط التي ستحظى بالبحث والمتابعة وتشمل الوضع في الصحراء الغربية". وكان الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بحث، خلال الأسبوع الماضي، مع الرئيس التونسي زين العابدين بن علي والزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في الوضع في المنطقة. ويجري التحضير حاليا للقاءات مغاربية أخرى تعقد على هامش القمة العربية المقررة في بيروت الشهر المقبل. كما زار بوتفليقة الأربعاء مخيمات اللاجئين الصحراويين في تندوف، جموب غربي الجزائر، في زيارة هي الاولى لرئيس جزائري منذ إعلان "الجمهورية الصحراوية" في 27 شباط فبراير 1976. وتحادث الرئيس خلال الجولة السريعة مع زعيم جبهة "بوليساريو" السيد محمد بن عبد العزيز، لكن المصادر الرسمية لم تكشف، على غير عادتها، محاور هذا اللقاء الذي تم بحضور قيادات في "جيش التحرير" وأعضاء من "المجلس الوطني الاستشاري" في الصحراء. وتوقع المصدر "أن يهدأ التوتر الحاصل في العلاقة مع المغرب قريبا" وعبر عن قناعته بان الرئاسة الجزائرية "لا تنوي الإساءة إلى علاقات الجوار والأخوة مع المغرب"، مشددا على أهمية مراعاة "النيات الحسنة التي يعبر عنها الرئيس بوتفليقة بخصوص الرغبة في تنقية الأجواء بين البلدين". ولم يستبعد وجود عوامل داخلية دفعت الرئيس الجزائري إلى إثارة قضية الصحراء الغربية بنوع من التشدد. وقال: "قد تكون هناك فعلا عوامل داخلية عززت قناعة الرئيس بضرورة إثارة اهتمام الرأي العام الوطني حول القضايا التي تجمع كل الجزائريين". ويلاحظ أن التصعيد الجديد في العلاقات بين البلدين في شأن ملف الصحراء الغربية تزامن وتأزم الوضع الداخلي في الجزائر بسبب تنامي الضغوط على بوتفليقة وحالة الانسداد التي تعرفها منطقة القبائل. ولا تستبعد مصادر مسؤولة أن يكون الموقف الأخير الذي عبر عنه مجلس الوزراء وزيارة بوتفليقة لمخيمات تندوف محاولة لتجاوز الوضع الداخلي بإحياء "المخاطر" التي تهدد الجزائر. وعلى رغم اعلان الرئيس الجزائري، الاثنين الماضي، قراره تنظيم الانتخابات البرلمانية في 30 ايار مايو المقبل، جاء رفض تنظيمات العروش إجراء هذه الاستحقاقات وتأكيدها أنها ستمنعها بالقوة ليحدث نوعا من الارباك لدى رئاسة الجمهورية التي كانت تراهن على بلورة حل سياسي في المنطقة يمر عبر صناديق الانتخاب. وتواجه حكومة السيد علي بن فليس سلسلة من المشكلات المتراكمة منذ سنوات، خصوصا في الجانب الاقتصادي والاجتماعي. و تعيش البلاد، منذ أسابيع، سلسلة كبيرة من الإضرابات التي شملت قطاعات عدة مثل التربية والتعليم العالي والصحة والنقل، بشكل لم يسبق له مثيل منذ تنفيذ حكومة السيد احمد أويحيى، العام 1996، اصلاحات أدت إلى تسريح نحو 450 ألف عامل.