يتوقع قياديون في جبهة التحرير الوطني التي يرأسها «شرفياً» الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، أن تحوّل مسودة الدستور الجديد بما في ذلك المادة المتعلقة بتمديد سنوات الولاية الرئاسية، على البرلمان في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل. ولن يجد بوتفليقة على الأرجح أي عائق أمام إقرار الدستور الجديد بما أن جبهة التحرير، صاحبة الغالبية البرلمانية، تعلن ولاءها لأي مشروع يطرحه رئيس الجمهورية، ويدعمها في ذلك تحالف حزبي يضم تجمع أمل الجزائر والحركة الشعبية الجزائرية والحليف التقليدي التجمع الوطني الديموقراطي. ويأتي التوجه نحو إقرار الدستور المعدّل في وقت عزز بوتفليقة خلال الأسابيع الماضية سيطرته في مفاصل الدولة من خلال سلسلة تعيينات طاولت الحكومة وأجهزة مرتبطة بالاستخبارات، إضافة إلى تمكن مناصريه من السيطرة على قيادة جبهة التحرير. وفاجأ بوتفليقة بقراراته هذه كثيرين ممن كانوا يتوقعون انتهاء حكمه بسبب الجلطة الدماغية التي أقعدته شهوراً وهو يخضع للعلاج في فرنساوالجزائر. وكان الوزير الأول عبدالمالك سلال أعلن أول من أمس، أن اللجنة المكلفة تعديل الدستور أنهت عملها ورفعت تقريرها إلى الرئيس، موضحاً أن الاخير «سيدرس هذا التقرير ويمكن أن يعيده إلى اللجنة بعد وضع ملاحظاته. وقال إنه لحد الآن «لم يتم اتخاذ أي قرار» حول تعديل الدستور وإن «رئيس الدولة هو من سيقرر في الوقت المناسب». وعل رغم أن الوزير الأول لم يكشف فحوى هذا التعديل، إلا أن ما ينتظره حلفاء بوتفليقة هو إدراج تعديل على فترة الولاية الرئاسية بتمديدها لسبع سنوات، ما يضمن آلياً استمرار الرئيس في الحكم حتى العام 2016. وهذه الولاية الرئاسية الثالثة لبوتفليقة ويُفترض أن تنتهي العام المقبل (5 سنوات). ويرى سياسيون أن بوتفليقة يبدو قادراً الآن على إقرار التعديل الدستوري الذي يريده، بعد التعديل الحكومي حيث وضع قريبين اليه في المناصب الحساسة والمؤثرة. وعلّق سفيان جيلالي رئيس حزب «جيل جديد» وصاحب مبادرة الانتخابات الرئاسية المبكرة، بالقول إن التغييرات الهيكلية التي قام بها رئيس الجمهورية في الجيش ومديرية الاستعلام والأمن والحكومة والمجلس الدستوري والإدارة هي «امتداد لعملية مخطط لها -على الأقل من الناحية الظاهرية- تهدف إلى تثبيت النظام البوتفليقي». وقال إن المرض «الذي فاجأ الرئيس منذ عدة شهور خلط أوراق رئيس الدولة وحاشيته، ما جعلهم يسارعون في وتيرة التخطيط لضمان السلطة» لسنوات طويلة. ولم يستبعد إجراء «تعديلات دستورية تتضمن تمديد الولاية (الرئاسية) الحالية في تناقض تام مع كل من روح ونص القانون الأساسي للبلد». ومن الاقتراحات التي تردد أنها يمكن أن ترد في الدستور المعدّل استحداث منصب نائب لرئيس الجمهورية بصلاحيات واسعة، ما يفتح الباب على مصراعيه حول الشخصية التي يحتمل أن تحقق إجماعاً لتولي هذه المسؤولية، خصوصاً إذا ما استمر بوتفليقة في تقليص نشاطه السياسي. ويساند بوتفليقة عدد كبير من النخب النافذة المشكّلة من رجال مال وأعمال. وساهم السعيد بوتفليقة، الشقيق الأصغر للرئيس ومستشاره الخاص، في تشكيل نواة مؤيدة لحكم الرئيس تجمع داخلها غالبية التنظيمات الجماهيرية والنقابات. ويتمسك خصوم بوتفليقة في المعارضة بأمل تقديم مبادرات سياسية تقف في مواجهة التحالف المؤيد للرئيس. وتحدث عبدالرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم، أمس، عن مبادرة قادها حزبه وتوسعت لتشمل أحزاباً سياسية إسلامية ووطنية وشخصيات ذكر منها رئيسي الحكومة السابقين علي بن فليس وأحمد بن بيتور. وعبّر مقري عن معارضة حزبه تمديد حكم بوتفليقة، قائلاً: «في حالة التمديد يصبح المشهد السياسي الجزائري هزلياً ومحرجاً لسمعتنا».