سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تباين وجهات النظر بين الحكومة والمجلس الأعلى للبترول ... والشركات تطلب معرفة "من سيوقع العقود". الشركات الأجنبية تبدأ اليوم تقديم خططها لتطوير حقول الشمال الكويتية
تكرر في الفترة القليلة الماضية تأجيل الحكومة الكويتية لاستحقاق مواجهة مجلس الأمة ومحاولة اقناعه بجدوى الاعتماد على الشركات الأجنبية لتطوير حقول نفط الشمال. واتهم عدد من النواب وزارة الطاقة ب"المراوغة والتسويف". وقالت اللجنة المالية البرلمانية إن "الوزارة غير جاهزة بعد لتقديم المشروع على نحو كامل إلى مجلس الأمة، لذا فهي تؤجل الاستحقاق". كشفت مصادر نفطية كويتية واسعة الاطلاع ل"الحياة" عن انقسام داخل الحكومة والمجلس الأعلى للبترول في شأن جدوى اللجوء إلى مجلس الأمة. وهناك رأي يقول إن "العقود التي ستبرم مع الشركات الأجنبية هي عبارة عن عقود تشغيلية وليس في ذلك أي شكل من أشكال التملك، أي أنها ستأتي وفقاً للدستور". والرأي الآخر يُشدد على أهمية اطلاع مجلس الأمة على كل خطوة في هذا المجال لأخذ موافقاته اللازمة لأن القضية حساسة للغاية بالنظر إلى أن القطاع النفطي الكويتي مؤمم بالكامل منذ أكثر من ربع قرن، ودخول الشركات الأجنبية العملاقة من جديد لتطوير حقول الشمال سيثير زوابع سياسية قد تكون الحكومة في غنى عنها، بالنظر إلى أن الدستور يمنع أي نوع من أنواع المشاركة النفطية مع طرف أجنبي. ولب الخلاف يكمن في أن لشركات النفط الدولية وكلاء كويتيين من "العائلات التجارية" الكبرى التي كانت متهمة من قبل مجموعات إسلامية وشعبوية بالتوجه السياسي وقبلية بالانتماء الديموغرافي، بأنها استحوذت على مقدرات البلد منذ ما قبل استقلاله، غير تاركة للآخرين سوى فتات الوظائف الحكومية والأعمال الصغيرة والمتوسطة غير المدرة للثروات على نحو كبير. وتشير هذه المجموعات السياسية المعارضة إلى أن تحالف كبار التجار مع الحكومة في شأن المضي قدماً في تطوير حقول نفط الشمال ستذهب "خيراته" بالعمولات فوق الطاولة وتحتها للوكلاء المحليين الذين يقل عددهم عن عدد الأصابع، فيما البقية تتفرج كيف تستغل ثروة البلاد لحساب قلة قليلة. ويمثل تطوير حقول الشمال الركن الأساسي في استراتيجية مستقبل القطاع النفطي الكويتي الرامية إلى طاقة انتاج تزيد على 4 ملايين برميل يومياً في غضون السنوات الست المقبلة، فضلاً عن أن تطوير حقول الشمال سيخفف الضغط عن الحقول المستغلة حالياً، لا سيما حقل برقان الكبير. وتدافع وزارة الطاقة عن خطتها بالاشارة إلى أن حقول الشمال الروضتين والصابرية والعبدلي والرتقة القريبة من الحدود مع العراق تُعد من أصعب الحقول لجهة الانتاج بسبب كمية الماء المصاحب 5 براميل ماء مقابل برميل واحد من النفط. وهذه المشكلة لم تواجهها "شركة نفط الكويت" من قبل، لذلك فهي بحاجة ماسة إلى الخبرات الأجنبية. وتبدأ اعتباراً من اليوم 3 اتحادات نفطية كبرى تقديم خططها التطويرية إلى مؤسسة البترول الكويتية، والاتحادات هي: 1- "اكسون - موبيل" على رأس اتحاد يضم "شل" و"كونوكو - فيليبس" و"ميرسك"، على أن تكون "أكسون" و"شل" مشغلين. 2- "شفرون تكساكو" على رأس اتحاد يضم "توتال" وشركة روسية وأخرى صينية وثالثة كندية، على أن تكون "شفرون" و"توتال" مشغلين. 3- "بي بي" على رأس اتحاد يضم "اوكسيدنتال" وشركة هندية، على أن تكون "بي بي" مشغلاً. وعقود التشغيل المطروحة من قبل مؤسسة البترول قد تمتد بين 20 و30 سنة، مقابل نسبة من الأرباح والاستثمارات المطلوبة تراوح بين 7 و10 بلايين دولار، وعلى عاتق الاتحاد الذي يفوز بالنسبة الأكبر من الاستثمار المطلوب. النسب والتواقيع وهناك نقاط اختلاف بين مؤسسة البترول والاتحادات المذكورة، أبرزها الآتي: 1- ما هي النسبة التي سيحظى بها الاتحاد الفائز؟ 2- عقد تشغيل، أو عقود تشغيل، إذ تطالب الاتحادات من الآن بتوضيح ذلك لمعرفة ما إذا كان التوقيع سيكون لمرة واحدة أم أن كل عقد خاص بتطوير حقول الشمال بحاجة إلى توقيع منفصل. 3- هل يحق للاتحاد الفائز الدخول في مزايدات أو مناقصات لتطوير حقول جنوبالعراق؟ فمؤسسة البترول تفضل أن يمتنع الاتحاد الفائز عن ذلك حتى لا تتضارب المصالح. 4- ما هي كمية الانتاج وطاقته الفعلية حالياً في حقول الشمال؟ أهي 450 ألف برميل في اليوم كما تُقدر الشركات الأجنبية، أم 600 ألف برميل يومياً كما تؤكد مؤسسة البترول؟ والفرق بين الانتاجين يعني فرقاً كبيراً في الاستثمار المطلوب، علماً بأن الهدف هو الوصول إلى 900 ألف برميل يومياً. 5- من هي الجهة التي ستوقع العقد أو العقود: وزارة الطاقة أم "مؤسسة البترول" أو "شركة نفط الكويت"؟ وهذا السؤال جوهري في ظل تشابك الصلاحيات بين الجهات الثلاث المذكورة، والقانون الخاص بالثروة النفطية لا يوضح تلك الملابسات، إذ تظهر بين الحين والآخر تباينات تؤدي إلى خلافات عميقة بين وزارة الطاقة ومؤسسة البترول، وشكلت الشهر الماضي لجنة خاصة لفض التشابكات المربكة. 6- ماذا سيكون دور الوكيل المحلي أو الوكلاء المحليين للشركات الفائزة شركات عدة في اتحاد واحد؟ وهل ستتضمن العقود أي اشارة إلى هؤلاء الوكلاء ودورهم أم سيتم استثناؤهم، كما تفعل السعودية بالنسبة لعقود الغاز مع الشركات الأجنبية؟ لحل كل تلك الاشكالات والحؤول دون سلبياتها المعطلة للمشروع ككل، تقترح وزارة الطاقة على مجلس الأمة مشروع قانون إطار لا يذكر حقول الشمال بالاسم، بل يطلب تشريعاً لاستثمار الثروة النفطية عموماً بالاستعانة بالشركات الأجنبية من دون أي تدخل من الوكلاء. إلا أن هذا القانون المقترح يلقى معارضة شديدة من تيارات نيابية شعبية وإسلامية، لأنه لا يلغي وجود وكلاء ما وراء الشركات، مع ما يعني ذلك من افضليات تؤدي إلى ضغوطات من هنا وهناك.