فرضت الجيولوجيا على دبي ان تستنفد ثروتها النفطية بحلول سنة 2010، لذلك وجب على حكام الامارة بذل الجهد في البحث عن مصادر بديلة للدخل، فكان السباق مع الزمن وجاءت النتائج مرضية. وواصلت دبي مسيرتها التنموية عام 2002، لتستكمل ما بدأته في الأعوام السابقة، لتعزيز تنافسيتها الاقليمية وايجاد البيئة المناسبة لنمو الاعمال سواء المحلية منها او الخارجية. تشترك المبادرات الحكومية الجديدة، التي يقودها ويتابعها يومياً ولي عهد الامارة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بصفة واحدة انها مليئة بالتحديات والصعاب وهدفها الاساسي هو تعزيز النمو الاقتصادي في الامارة واطلاق طاقات القطاع الخاص واشراكه بفاعلية في التنمية وبلوغ الاستقرار الاقتصادي المتوازن بعيداً عن النفط، الذي اصبحت مساهمته في الناتج المحلي البالغ 17.5 بليون دولار لا تزيد على عشرة في المئة منه. المركز المالي اعلن مطلع العام الماضي عن إنشاء "مركز دبيالمالي العالمي"، في مبادرة جديدة من شأنها أن تعزز موقع الامارة على الخارطة الاقتصادية والمالية العالمية وتجعلها مركزاً رئيسياً للخدمات المالية الإقليمية، اذ يوفر المركز الجديد، الذي يتوقع ان يبدأ باستقبال طلبات العمل السنة الجارية، للمؤسسات المالية خياراً جديداً من العمليات المالية والخدمات الاستثمارية المتنوعة ذات المعايير العالمية لتغطية اسواق يتجاوز حجمها 1.5 بليون نسمة وتقدر تعاملاتها بأكثر من تريليون دولار سنوياً، وتشمل دول مجلس التعاون الخليجي وشبه القارة الهندية وشمال الخليج وآسيا الوسطى وبلاد الشام وتركيا وقبرص وشرق وشمال افريقيا. وقال مصرفيون اجانب في دبي ان تحويل دبي الى مركز مال دولي عبر اقامة مشروع "مركز دبيالمالي العالمي" سيستغرق وقتاً ليس بالقصير ، وسيكلف مئات عدة من ملايين الدولارات لاقامة البنية الاساسية المخصصة لاستيعاب شركات المال والاستثمار والتأمين والوساطة والاستشارات. ولفت المصرفيون الى ان الاستثمارات المطلوبة لاطلاق المشروع ستوظف في بناء حي مالي على غرار "السيتي" في لندن، لتجمع العاملين في الشركات الراغبة في اتخاذ دبي مقراً لعملياتها المالية في الشرق الاوسط، وسط تقديرات ان يكلف بناء الحي الجديد الذي سيقام وسط مدينة دبي الجديدة بمحاذاة شارع الشيخ زايد الشهير بالابراج الشاهقة قرابة بليون دولار. وتهدف دبي من وراء اقامة المركز الجديد الى دعم أسواق رؤوس الاموال الاقليمية عبر انشاء بورصة مالية اقليمية مع التركيز على اصدار سندات الدين والتمويل الشامل وتوفير حاجات كل من منتجي الاصدارات والمستثمرين بطرق فعالة عبر مؤسسات مالية عالمية والاستفادة بشكل اساسي من الفارق الزمني بين مراكز المال العالمية في الشرق والغرب. وقال مراقبون ل"الحياة" ان المشروع يمثل رهاناً جديداً لدبي التي نجحت في العقود الثلاثة الماضية في التحول الى مدينة أعمال من خلال تركيزها على تجارة اعادة التصدير والطيران والشحن البحري والجوي والتقنية والاعلام. وسيكون لمركز دبيالمالي العالمي سلطة تنظيمية واحدة مستقلة تتبنى هيكلاً تنظيمياً مكونا من المجلس التنظيمي واللجنة الرقابية وذلك لتحقيق الشفافية بالفصل بين وظيفتي التنفيذ والرقابة، في حين تعتمد السلطة نموذجاً يتبنى التشريعات والقوانين بصورة واضحة وشفافة. مركز دولي للمعادن بعد اسابيع من اعلان المركز المالي اعلنت الحكومة عن مشروع استراتيجي جديد يهدف الى انشاء مركز دولي للمعادن الثمينة والسلع، يعد بمثابة منطقة حرة تتيح للمستثمرين فيها فرصة التملك الكامل مع اعفاء ضريبي لمدة 50 سنة. ويضم المركز الجديد مشاريع لاقامة ثلاث مصاف للذهب ينفذها القطاع الخاص المحلي والاجنبي. وتسعى الامارة من خلال المشروع الحيوي الى الاستحواذ في غضون سنوات قليلة على نصف تجارة وصناعة الذهب في العالم التي تقدر حالياً بين 2300 و 2400 طن سنوياً، والاستفادة من المكانة التي بلغتها في تجارة الذهب العالمية، اذ يمر عبرها سنوياً ما يزيد على 300 طن. ويتبع للمركز مجلس استشاري يعمل على وضع اللوائح والانظمة لتوفير حد اقصى من الشفافية في حين تضم قائمة الشركاء الاستراتيجيين التي ستضمها المنطقة الحرة الجديدة مجموعة من المصارف الدولية النشطة في هذا المجال وتجار العملات والمجوهرات وممثلين عن المصارف المركزية، بالاضافة الى شركات الشحن والطيران والتأمين والتغليف والتخزين والدمغ وغيرها من المؤسسات المهتمة بالاتجار بالسلع الثمينة. هيئة الاستثمار والتطوير بين المشروعين العملاقين المقدر تكاليفهما ببلايين عدة من الدراهم، عملت حكومة دبي على تأسيس هيئة مستقلة تعنى بالاستثمار والتطوير يتركز عملها على محاور اربعة هي: وضع الاستراتيجيات والسياسات الخاصة بجذب وتشجيع الاستثمارات الكبيرة إلى الامارة، منح الامتيازات والحوافز الاستثمارية للمنشآت والشركات الكبيرة التي تستثمر داخل الامارة، العمل على تسهيل اجراءات الترخيص للمنشآت والشركات الاستثمارية لتلك المنشآت والشركات وانشاء وامتلاك وتطوير المنشآت والشركات الاستثمارية سواء كان بمفردها أو بالاشتراك مع آخرين. وتسعى الحكومة من وراء انشاء الهيئة الى ان تكون عوناً للقطاع الخاص المحلي على المضي قدماً في تنفيذ مشاريعه في البلاد بمرونة اكبر بعيداً عن أي تعقيدات قد تواجهه ومساعداً للاستثمارات العربية والعالمية للقدوم الى الامارة لتنفيذ المشاريع التي تواكب حاجات نموها وتطلعات الاقتصاد الوطني. وقال رئيس مجلس ادارة الهيئة محمد القرقاوي: "نهدف الى خلق فرص استثمارية لرؤوس الاموال المحلية وتوفير الخدمات المتميزة لها وايجاد قنوات اتصال بين رجال الاعمال المحليين والعالميين وايجاد شراكة حقيقية سواء بين الشركات الوطنية او بين الشركات الوطنية والاجنبية". ومن المقرر ان يتركز عمل الهيئة على اعداد دراسات جدوى لمشاريع نوعية يمكنها تحقيق اضافة جديدة للاقتصاد الوطني وذلك بالتعاون مع بيوت خبرة دولية، وستقوم بعد ذلك بالترويج للمشاريع المذكورة محلياً واقليمياً وعالمياً. دعم الشباب وحرصت الحكومة على عدم اغفال المبادرات المخصصة لفتح مجال العمل الخاص امام مواطنيها وأسست هيئة دبي للاستثمار والتطوير، وهي مؤسسة جديدة تعنى بادخال الشباب الاماراتيين الى ميدان العمل التجاري والحر. واعلنت عن انشاء صندوق تمويل بالتعاون مع "بنك دبي الاسلامي" لتمويل المشاريع الجديدة للشباب يبلغ راس ماله 200 مليون دولار. وتهدف المؤسسة الجديدة التي اطلق عليها اسم "مؤسسة محمد بن راشد لدعم رجال الأعمال الشباب" الى تمويل 200 مشروع في السنة الاولى بتسهيلات تسديد تصل الى تسع سنوات وبفوائد مخفضة، مع اعفاء التسديد في السنة الاولى. ولدعم المؤسسة بقوة، امر ولي عهد دبي بالزام الدوائر والهيئات الحكومية في الامارة كافة تخصيص نسبة لا تقل عن خمسة في المئة من مشترياتها ولوازم مشاريعها وخدماتها لصالح المشاريع المسجلة لدى المؤسسة، وذلك لتأمين قنوات تسويق مضمونة لمنتجات المشاريع الاستثمارية التي ستطبق في أعمالها أرفع المعايير العالمية وتسعى لتحقيق أعلى درجات الجودة والقدرة التنافسية. التكنولوجيا في تشرين الاول اكتوبر عام 2002 وعلى هامش التظاهرة التقنية السنوية التي تنظمها الامارة، اطلقت دبي مشروعاً تقنياً جديداً سينضم الى سلسلة المشاريع التقنية التي التزمت الامارة تنفيذها في اطار خطتها الاستراتيجية للاقتصاد الرقمي الجديد. ويضم المشروع الذي اطلق عليه "واحة دبي للسيليكون" في المنطقة الحرة في مطار دبي الدولي اول مصنع لاشباه الموصلات في العالم العربي يجري العمل على استكمال الدراسات الخاصة به بالتعاون مع شركة "انتل" الاميركية وشركة "كومينكيت" الالمانية ومقاطعة بريدنغ بيرغ الالمانية. وتقدر كلفة المصنع الاستثمارية بنحو 1.7 بليون دولار وسيتم تشييده في السنوات المقبلة بعد ان يتم انجاز بناء المصنع الحالي المماثل في المانيا التابع للشركاء بالاضافة الى حكومة دبي والتي تمثلها المنطقة الحرة في مطار دبي. وتأمل الامارة، التي انشأت قبل ثلاثة اعوام مدينة للانترنت، من اقامة الشركات العالمية العاملة في تجارة التقنية في واحة دبي للسيليكون ان تكون الواحة المنطقة الصناعية الأولى من نوعها في العالم المتخصصة بشكل حصري في صناعة أشباه الموصلات. وستوفر الواحة التي ستمتد على مساحة 6.5 مليون قدم مربع قطع أراض متكاملة المرافق للراغبين في إقامة مبان مصممة حسب الطلب، إضافة إلى مبان مسبقة البناء ومجهزة بالكهرباء والماء والاتصالات والاتصالات الإلكترونية اللازمة، وأكبر تشكيلة من نوعها من خدمات الدعم الاخرى. المدينة الطبية أعلن قبل نهاية العام الماضي في دبي إطلاق مشروع "مدينة دبي الطبية" الذي يهدف الى تحويل الإمارة إلى مركز عالمي متميز للرعاية الصحية ومقر لتدريس العلوم الطبية وبحوث وتقنيات علوم الحياة ومركز متطور للعلاج الطبي. وقدر القائمون على المشروع الكلفة الإجمالية ل"مدينة دبي الطبية"، التي سيبدأ تنفيذها في غضون ستة شهور وتستكمل مرحلتها الاولى في النصف الاول من سنة 2005، قرابة 1.8 بليون دولار ومن المقرر ان تشارك الحكومة والقطاع الخاص في تمويلها. مشروع "دوبال" اعلنت "شركة الومنيوم دبي" دوبال المملوكة لحكومة الامارة عن تنفيذ مشروع لتحديث وتوسيع مصهر الالومنيوم لزيادة طاقته الانتاجية بواقع 174 الف طن سنوياً الى 710 آلاف طن من 536 الف طن حالياً، بما يعادل زيادة قدرها 32 في المئة. وقالت الشركة ان الزيادة الجديدة في الانتاج سيتم تنفيذها على مراحل تنتهي بحلول سنة 2006، مشيرة الى تكاليفها ستصل الى بليون دولار، يجعل مصهرها الاكبر من نوعه في العالم الذي يقام في مكان منفرد. المطار واطلقت دائرة الطيران المدني في دبي عام 2002 الاعمال الانشائية لمشروعها العملاق الخاص بتوسيع مطار دبي الدولي والتي ستنجز بالكامل بحلول سنة 2006 بهدف زيادة الطاقة الاستيعابية للمطار بنسبة 150 في المئة الى 55 مليون راكب مقابل حوالى 22 مليون راكب الطاقة الحالية للمطار، وهو ما يعزز مكانة المطار كأكبر مطار في الشرق الاوسط. وقدر الشيخ احمد بن سعيد آل مكتوم رئيس الدائرة كلفة مشروع التوسعة بين 13 بليون درهم 3.5 بليون دولار و 15 بليون درهم، مشيراً الى ان تمويل التوسعة الحالية سيتم من مصادر ذاتية للدائرة بالاضافة الى "طيران الامارات" التي ستساهم في التمويل ايضاً. ولفت الى ان المطار سجل العام الماضي معدل نمو قدره 15 في المئة، وحجم تعاملاته اتجه الى تجاوز حاجز ال15 مليون راكب في نهاية العام الماضي.