التف أحباء الكاتب الكبير نجيب محفوظ حول مستشفى الشرطة في العجوزة التي دخل اليها ليل اول من امس إثر اصابته بنزلة برد حادة. وأكد أطباء قسم الرعاية المركزة أن حاله مستقرة ومطمئنة. واوضحوا أن محفوظ أُدخل الى المستشفى مصاباً بالتهاب في الشعب الهوائية وارتفاع في درجة الحرارة مع الجفاف، متوقعين أن يخرج محفوظ من المستشفى في غضون اسبوع. وكان تسرب نبأ دخول محفوظ الى المستشفى هز الكُتاب والمثقفين في مصر خوفاً على الشيخ الجليل الذي احتفل قبل أيام بعيد ميلاده الثاني والتسعين. ومستشفى الشرطة في حي العجوزة على نيل القاهرة الذي يفصل بينه وبين منزله "شارع" يحمل اسم محفوظ نفسه كان أطلق عليه كتحية تكريمية لابن الحي الحاصل على جائزة نوبل في الآداب العام 88، وكانت قدما محفوظ عرفت الطريق الى المستشفى القريب بعد محاولة اغتياله العام 94 عندما طعنه شاب مشحون بالجهل ضد كتابات لم يقرأها "رواية أولاد حارتنا". وانقذ اطباء في المستشفى محفوظ من موت محقق، ولكن تركت الطعنة الغادرة الكثير من الاثار على صحة التسعيني المنظم. ومارس محفوظ لسنوات في المستشفى نفسه تمارين علاج طبيعي، لكنه لم ينقطع ابداً عن عاداته اليومية وخصوصاً لقاءات الحرافيش القدامى والجدد. وكان محفوظ قبل محاولة الاغتيال اجرى جراحة في القلب في لندن في احدى المحطات المهمة في سيرته الصحية التي رغم تجاوزه التسعين بعامين الا انها لم تكن ممتازة بحال. فمحفوظ منذ شبابه المبكر يعاني من الرمد الربيعي الذي حرمه من الكتابة والقراءة من نيسان ابريل إلى أيلول سبتمبر من كل عام، كما أصيب بمرض السكري في الاربعينات من عمره ما جعله يقلع عن عادات غذائية كثيرة ويلتزم بشكل مدهش بأوامر الاطباء في اتباع رجيم قاس وممارسة رياضة المشي التي لم يقلع عنها الا بعد محاولة اغتياله الاخيرة. وقبل نوبل بسنوات بدأ سمعه يضعف تدريجياً وبعد الجائزة التي اصبح موظفاً لديها على حد تعبيره انقطع عن القراءة يطالع عن طريق صديقه زكي سالم وبدأ يكتب أعمالاً قصيرة تميل في صياغتها نحو الحكمة والاختزال وهو ما لم يتوقف عنه قط. ولمحفوظ أكثر من 50 رواية ومجموعة قصص وعدد من السيناريوهات المميزة التي كتبها بقلمه للسينما خصوصاً في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، الا أن محفوظ لم يكتب سيرة مكتفياً بحواراته لاصدقائه التي اشهرها "محفوظ يتذكر" للروائي والصحافي جمال الغيطاني و"اصداء السيرة الذاتية" للناقد الكبير رجاء النقاش. أما تكريم محفوظ وباعترافه كان هائلا، وتمنح الجامعة الاميركية جائزة سنوية باسمه، أما محافظة الجيزة التي يعيش فيها الآن فإنها انتهت تقريباً من صنع تمثال من البرونز لنجيب محفوظ على يد النحات عبده سليم سيوضع في غضون أسابيع وسط ميدان سفنكس الشهير، وطالع محفوظ صورة ضخمة للتمثال في عيد ميلاده الاخير واثنى عليها.