رغم تعديه التسعين إلا أن الروائي الكبير نجيب محفوظ مازال محتفظاً بألقه والتفاف (الحرافيش حوله) إذ يؤكد الشاعر عبد الرحمن الأبنودي أن هذه المجموعة المتألقة التي لا تمت بصلة إلى الوسط الأدبي تجمعت تحت مظلة حب نجيب محفوظ حيث يحرصون على الالتقاء به أسبوعيا في أحد الفنادق البعيدة، وقد قررت هذه المجموعة الاحتفال على طريقتها الخاصة بميلاد نجيب محفوظ الثاني والتسعين والجميع يشعر بسعادة غامرة لأن أمير الرواية العربية وبالرغم من سنواته التسعين ما زال يتمتع بصحة جيدة ولا تخلو الجلسات التي يتواجد بها من قفشاته التي تدل على سرعة بديهية وحضوره الذهني الشديد وساد الاحتفال حالة من الصمت لا يقطعها سوى بعض كلمات الود التي اعتدنا على سماعها منه عندما قدم الشكر لجميع الذين حرصوا على الاحتفال به وتمنى محفوظ أن تزول عن مصر كل المتاعب الاقتصادية وأن تظل دائما بلد الحضارة والإشراق الدائم . ويقول حافظ عزيز، مدير شركة استصلاح أراضي وأحد حرافيش محفوظ الجدد: بالرغم من أنني لست من الوسط الأدبي إلا أنني استطعت أن أحصل على تأشيرة دخول لمملكة نجيب محفوظ بعد الحادث الذي تعرض له عام 1994 حديث كنت حريصا على زيارته في المستشفى ولكنني حصلت على الإقامة الدائمة في دولة محفوظ منذ أربعة أعوام ومنذ هذا التاريخ وأنا أحظى بشرف الالتقاء به أسبوعيا وأتولى مهمة تلخيص جميع الأخبار التي ترد في الصحف المصرية طوال الأسبوع وأقوم بعرضها عليه وتظل دائما على متابعة التطورات التي تحدث داخل الأراضي الفلسطينية ولكنني في كثير من الأحيان أخفى عنه أخبار المجازر الوحشية التي يقوم بها جنود الاحتلال الإسرائيلي ضد أبناء الشعب الفلسطيني لأنه يشعر بألم شديد عند سماع هذه النوعية من الأخبار . ويضيف حافظ عزيز قائلا : ان نجيب محفوظ يؤمن بأن أهم الأسباب التي أدت إلى تخلف الأمة العربية هي عدم الاهتمام بالتنمية الاقتصادية والتي كانت ستكفل للدول العربية الانتصار في جميع معاركها. ويشير عماد العبودي أحد الحرافيش الجدد إلى أنه يتولى مهمة متابعة جميع القنوات الفضائية والإذاعات الأجنبية وتقديم تقرير لروائي مصر العالمي عن أهم الأحداث التي شهدها العالم وذلك خلال اللقاء الأسبوعي، حيث يهتم نجيب محفوظ بسماع أخبار الثورة التكنولوجية التي تسود العالم حالياً والاكتشافات الحديثة، ومن أهم الأخبار التي تبعث السرور داخل نجيب محفوظ اكتشاف عقاقير جديدة للأمراض التي تهدد مستقبل البشرية، كذلك فإن الأوضاع الاقتصادية تحتل مرتبة متقدمة في اهتمامات روائي مصر العالمي، فعندما أخبرته بأن السياحة المصرية شهدت انتعاشة كبيرة خلال الفترة الماضية بسبب الأحداث الإرهابية التي وقعت في تركيا مؤخراً، علق محفوظ على ذلك قائلاً أنه يتمنى زيادة حركة التدفق السياحي إلى مصر دون وقوع حوادث إرهابية في الدول الأخرى. ويضيف عماد العبودي قائلاً: من أهم مميزات محفوظ أنه لا يهتم بمحاولة البعض النيل من تاريخه وإنجازاته الأدبية ولعلي أتذكر واقعة في هذا الصدد حيث أقيمت إحدى المسابقات الأدبية وكان من المفترض أن يفوز بها أحد الأدباء الذين تعودوا على مهاجمة محفوظ دائماً وشعر روائي مصر العالمي بغضب شديد لعدم فوز هذا الأديب بالجائزة، وعندما قلت له أن هذا الأديب من الذين تعودوا الهجوم عليه خلال صفحات الجرائد قال أن هناك بعض الذين يبحثون عن الشهرة عن طريق مهاجمة الرموز ولكن هذا لا يمنع أنه كان يستحق الفوز بهذه الجائزة. ويؤكد الأديب زكي سلام المرافق الدائم لنجيب محفوظ أن من أهم القضايا التي تشغل ذهن نجيب محفوظ الأحداث الساخنة التي شهدتها دولة العراق، حيث يؤكد دائماً في جميع أحاديثه أنه سعيد بسقوط نظام صدام حسين الديكتاتوري الذي شهد الشعب العراقي خلال فترة حكمه كل ألوان العذاب والقهر ولكنه في الوقت ذاته يرفض تمام الرفض عودة الاحتلال بوجهه البغيض، خاصة بعد مرور أكثر من نصف قرن على انتهاء عصور الاحتلال. ويشير الأديب زكي إلى أن نجيب محفوظ يشعر بالقلق الشديد على مستقبل العراق والمعاناة التي يعيش فيها شعبه ويخشى من احتمالات تقسيم دولة العراق، ويتمنى أن يزول الاحتلال عن أرض الرافدين وأن يتولى العراقيون إدارة شؤونهم من خلال حكومة وطنية عراقية تراعي مصالح الشعب العراقي وتسهم في تقدمه ونهضته. ويرى محمد الشربيني (فنان تشكيلي) واحد أفراد حرافيش محفوظ الجدد أن نجيب محفوظ وسام عالمي يحمله كل مصري فوق صدره وأن مصر لم تستفد من وجود محفوظ على أرضها حتى الآن ويجب السعي إلى إقامة مؤتمر عالمي يشارك فيه رموز الفكر في العالم وجميع الحاصلين على جائزة نوبل خلال الأعوام الماضية وذلك بهدف نشر الأدب العربي في جميع أنحاء العالم من خلال أعمال نجيب محفوظ وأعتقد أن مثل هذا المؤتمر العالمي يمكن أن يؤدي إلى ايجاد ما يسمى بسياحة نجيب محفوظ ويكفي أن نعرف أن هناك أكثر من (29) ألف موقع على الإنترنت تضم أعمال نجيب محفوظ العالمية وجميع الدراسات التي أجراها الباحثون من جميع أنحاء العالم عن روايات وإبداعات محفوظ. ولذلك يجب الاستفادة بصورة أفضل من وجود نجيب محفوظ- أمد الله في عمره- على أرض مصر. ويضيف محمد الشربيني قائلاً: " لعل أهم ما يميز نجيب محفوظ انحيازه الشديد لكل ما هو مصري وانتماؤه لطبقة البسطاء فعندما توجهنا بصحبته منذ شهر لكي يشاهد التمثال الذي أقيم له داخل ميدان سفنكس التف حولنا مئات المواطنين في مظاهرة حب لروائي مصر العالمي الذي شعر بسعادة غامرة لأن قلوب المصريين مازالت تحمل كل هذا الحب والتقدير لعطاء نجيب محفوظ الذي وضع الأدب المصري والعربي على خريطة الأدب العالمي. عبد الرحمن الأبنودي