"لا أحب فقط أصلي بل أفخر به". لكن انتماء ريما لا يقتصر على وطنها الأول بل ينسحب على وطن ثان تعيش فيه بصحبة زوجها. ومنذ ثلاثين سنة تحاول هناك "وبحسب الظروف"، أن توضح للأميركيين الذين صدمت "بعدم ثقافتهم وفراغهم الفكري" ولكنها أعجبت "بطيبتهم الشديدة" أن المجتمع العربي ليس متخلفاً كما يظنون، وأن "المرأة العربية أكثر تحرراً فكرياً من نظيرتها الأميركية"، ما دعا بعض الأميركيين إلى القول انها أكثر غربية من النساء هناك لثقافتها وعلمها. ودعا بعض العرب الذين صادفتهم إلى الابتعاد عنها "لا اتصالات لي مع الجالية العربية" - تقول - "لا يتجاوبون مع محاولاتي لقاءهم، لأن زوجي أميركي وهم متعصبون. في البداية يردون علي، لكن كنوع من التهذيب فقط". في الواقع، لا تتوقف ريما عند هذا الأمر. والشيء الوحيد الذي يشغل حياتها وفكرها، وهي المتقاعدة، واجبها في معرفة الحقيقة وتكريس وقتها لتبيانها و"عدم ترك الأمور للصدف بل التعرف الى الناس، في كل مكان، وحتى خلال العطلة لأشرح لهم". صدمت ريما بأحداث 11 أيلول سبتمبر. ومنذ ذلك التاريخ وهي تود لو كان في إمكانها إمساك كل شخص في أميركا لتوعيه وتفهمه "أن العرب ليسوا هكذا، وأن سياسة بلدهم أميركا هي التي جعلت منا عالماً ثالثاً". تنسى ريما هنا، لشدة حماستها، ذكر أنه بلدها أيضاً. فجل اهتمامها منصب على محو الصورة التي انطبعت في أذهان الأميركيين حول العرب اهل هويتها الأولى. وهي تعتبر أنها في موقع يؤهلها للتوضيح لأنها تعرف "العالمين معاً الأميركي والعربي"، وتعلم أن "ديننا ليس كذلك". وعندما يهاجم دينها وهي التي تعرف حقيقته "أرجف كلي". تشرح ريما وتفند كل الاتهامات وتعطي الأدلة التي تثبت برأيها "مسؤولية الأميركيين عن الأحداث وتأثير الإعلام في عقول الناس" وتحاول إقناع الكثيرين بشروحاتها. وتدرك أن دورها صغير ومحدود، إنما "حتى لو غيرت إنساناً واحداً فهذا يكفيني". وتفاجأ مرة جديدة بردود البعض "لسنا بحاجة إلى تعلم سياستنا الخارجية لأننا مكتفون" ويدهشها ما تراه من "عدم فضولهم" لمعرفة ما يجري في الخارج. وعن "سطحية" تعاملهم مع الحياة، تعقد مقارنة بين مشهد من أحد المسلسلات العربية وقعت عليه بالمصادفة خلال توقفها في بلد عربي وبين المشاهد المتكررة في المسلسلات الأميركية "كان حواراً بين شاب وفتاة يحبان بعضهما بعضاً. تحدثا عن فرديته، نظرته للأمور، أفكاره وأسباب حبه للموسيقى الكلاسيكية في حوار عميق وجميل. في أميركا، سيكون حديثاً تافهاً عن الجنس والجمال"... وتتأسف ريما "لو كنت أستطيع تسجيل ذلك وترجمته لوضع هذه الصورة أمام ما يقابلها أميركياً لأريهم أين الثقافة، وأننا لسنا متخلفين". اعتزاز ريما الشديد ب"بلدها ودينها" لا ينسيها حبها للولايات ولا يمنعها من تفضيل "العيش في أميركا" حيث حياتها أفضل "طبيعة الإنسان تطمح إلى الحياة الأفضل" وحيث الحرية أكثر "لا عيب هناك. ألبس ما أريد، في بلدي أشعر أن حريتي محجوزة، علي أن ألبس كالآخرين وهذا يقيدني".