انطلقت رحلته إلى الله من خلال صدفة..فقد كان في رحلة بحرية قبل أكثر من ثلاثين عاماً.. وتسنى له خلالها التعرف على الطبيعة.. وانتقل بشكل تدريجي إلى البوذية، وسرعان ما عرف الله من خلال كتاب ل مالكوم إكس أشهر أمريكي دخل الإسلام. هكذا يوصف الداعية الأمريكي «وين بينيت» رحلته في الدخول إلى الإسلام، وقبل أن نبدأ الحوار معه، سألته لماذا تحب السعودية، قال: لأني أعتبر نفسي سعودياً فقد عشت فيها وماأزال منذ عام 1985م.. تشعب الحوار بنا، ونبدأ مع الداعية «أبو حذيفة عبدالرحيم» الذي رفض هذا الاسم وبدا معتزاً باسمه الأصلي مؤكداً أن الإسلام يحث على الحفاظ على الاسم الأصلي: - الحمدلله أنا أؤمن بأن الناس لا يتحولون إلى الإسلام بل يعودون إليه، لذا فقد عدت إليه، كنت أعمل خادماً للكاهن، و كانت تراودني فكرة أن أصبح قسيساً حتى عرفت عن مسألة حظر النساء فعدلت عن الفكرة، وكنت أعزف وأدق على الطبول لمجموعة من كهنة المسيح لمدة سنتين تقريباً، ولكنني لم أجد شيئاً روحياً في ذلك يملأ قلبي، فتركت ذلك وبدأت أجوب في الشوارع وأعيش حياة خاطفة – كما يسمونها – قبل أن أعتنق البوذية وهي – كما يقولون – طريق يجد المرء من خلاله السلم والأمن عن طريق التأمل وأساليب أخرى، وجدتها طريقة جيدة بداية الأمر، لأنها جعلتني أشعر بالخير في داخلي، ولكن سرعان ما ذهب عني ذلك الشعور، والشيء المهم الذي وجدته بنقص هذه العقيدة أن أتباعها لا يتكلمون عن الله أو عن علاقة المرء بالخالق. - كنت أتوق دائماً إلى عبادة الله ولكنني لم أجد في البوذية ذلك. وتنقلت إلى عدة أديان وعندما وصلت إلى السنة الجامعية الثالثة التحقت ببرنامج دراسة علمية للتدريب الميداني والحصول على امتياز في الدراسة بالكلية في الوقت نفسه، وتم تكليفي بمهمة الضابط المسؤول عن التدريب مع رحلة في سفينة خاصة بالأبحاث تابعة للقوات البحرية، كانت الرحلة خلال اعتناقي البوذية، وخلال هذه الرحلة الطويلة وجدت نفسي أقضي أياماً كثيرة على ظهر السفينة وأنا محاط بالجبال الجليدية العائمة والمياه الباردة، وفي لحظات كتلك يجد الإنسان وقتاً للتأمل في الحياة، عندها تيقنت أنه لا بد أن يكون هناك إله، وأنني ارتكب أخطاء في سلوكي اليومي. وقابلت في السفينة شخصاً من الهنود الحمر يدعى «جو» قدَّم لي كتاباً عن البوذية بعد أن عرف اهتمامي بها، وسألني عما إذا كنت أعرف «مالكوم إكس»؟ شعرت بالخجل لأنني لم أكن أعرف عنه شيئاً، واكتشفت بعد ذلك أنه من مشاهير المسلمين عام 1965م، فلم أستطع أن أحبس نفسي عن قراءة كتابه وأحسست بارتياح لشخصية مالكوم إكس، وعندما وصلت إلى نهاية الكتاب، حينها كنا قد اقتربنا من القطب الشمالي – قمة العالم- قررت اعتناق الإسلام هناك.. حاولت الصلاة والصيام كما ورد في كتاب مالكوم إكس، ومن عجائب قدرة الله أنه كان على ظهر السفينة شخص آخر يحمل نسخة من القرآن الكريم وبعض الكتيبات، كنا في شهررمضان وصمت ثلاثة أيام وكنت أشرب العصير فقط (الطريقة التي أحسبها صحيحة) ثم بدأت أحدث الناس عن الإسلام وأشرح لهم ما عرفته عنه. ونزلنا في محطة جديدة «جزيرة الكنز» وكنت تواقاً لأقابل شخصاً مسلماً كنت أقف في محطة للحافلات، فتوقفت حافلة وسألت قائدها إذا كان يعرف نادياً لموسيقى الجاز؟ فقال إنه لا يذهب إلى هذه الأندية، لأنه مسلم، وانصدمت ولم أستطع أن أتخيل ذلك، وهو أول رجل مسلم قابلته، مكثت في حديث طويل معه وسألته عن الله وعن الجنة والنار، وسألته عن الفرق بين المسيحية والإسلام، وكيف يبين لي أن عيسى ليس الله وليس ابن الله؟ وسألته هل الإسلام دين خاص بالسود أو العرب فقط؟ وهل يكره المسلمون اليهود؟ وأعطاني ذلك الشخص كتباً أضاءت لي الطريق بعد ذلك. - في الحقيقة هذا الاسم لم اختره لنفسي، بل هو من أشخاص كنت أتعلم العلوم الشرعية على يديهم هناك في أمريكا، وفي بادئ الأمر كان نطق هذا الاسم صعباً جداً لكن بعد فترة أصبح سهلاً، ولكن اسمي الحقيقي قبل الإسلام «وين بينيت» ما زال هو الاسم الرسمي لي، لأنه لا ينبغي على الشخص الذي أسلم أن يبدل اسمه والأفضل أن يحتفظ به، وأنا دائماً عندما يعتنق شخص الإسلام على يدي أحدِّثه بذلك وأنه ليس ضرورياً للإسلام. - بعد إسلامي تقدمت بطلب بعثة دراسية من جامعة شيكاغو لأدرس الماجستير في «اللغة العربية» بجامعة الملك سعود وحصلت عليها، وجئت للسعودية عام 1985م، وحرصت على أن أدرس اللغة العربية في الماجستير التي تخالف تخصصي في مرحلة البكالوريوس «الأحياء الدقيقة» والسبب في ذلك أنني مسلم ويجب أن أتعلم لغة القرآن الكريم والإسلام. - عندما أسلمت وعدت لدراستي الجامعية دعوت أصدقائي في الجامعة وأسلم على يدي 20 شخصاً تقريباً ومنهم كثير تعرَّف على الإسلام ورحبوا به، ومازلت أدعوا الأصدقاء والمقربين مني للإسلام وهناك تجاوب كبير خصوصاً بعد معرفتهم الحقيقية بالإسلام. وبعد مجيئي للسعودية ذهبت للدعوة في دول إفريقية مثل: غانا وجنوب إفريقيا والسنغال وكينيا وبنين وغيرها عن طريق مكتب الدعوة وتوعية الجاليات ورابطة العالم الإسلامي، وكان الهدف منها أنني أمريكي مسلم وعرفت الإسلام وأدعوا إليه ووجدت إقبالاً وترحيباً من الناس هناك واعتنق البعض منهم الإسلام، ومع الأسف لم تكن لي فرصة للدعوة في الدول الآسيوية حتى الآن وأتمنى أن أجد فرصة لذلك ولن أتردد أبداً في استغلالها. - من أفضل قصص الدعوة للإسلام لدي وأجملها في حرب الخليج عام 1991م عندما كان أفراد القوات الأمريكية في العراق قررت أن أنشر الإسلام بينهم ووفقني الله بدخول فوق ال 10 آلاف شخص منهم للإسلام، وكانت هذه الخطوة التي قمت بها بين الجيش الأمريكي لها أثر إيجابي. فبعد بعثة الرسول – صلى الله عليه وسلم – لم يأت غير المسلمين بهذا الشكل في الجزيرة العربية، وذلك عندما حضر نصف مليون جندي أمريكي للجزيرة العربية، ونتائج الدعوة أن غيرت فكر الجيش الأمريكي وقاموا بجلب قائد لهم، كما تغيرت نظرتهم للإسلام وأخذوا أفكاراً جيدة عنه بخلاف ما كانوا يعتقدونه أو ما ينقل إليهم عن الإسلام سابقاً وتعلموا من ذلك أنه يجب أن يكون لهم إمام وسمحوا للمرأة أن تتحجب وسمحوا للرجل بأن يعفي لحيته، وتعرَّف الذين أسلموا على شهررمضان وكيف يصومون وصاموا معنا. - أفضل طريقة للدعوة للإسلام في أمريكا وغيرها أنك تسأل الشخص الذي تدعوه للإسلام ماذا تعرف عن الإسلام؟ فيجيب عليك بأنكم تذبحون الناس وفي دينكم تعبدون محمداً، وتتزوجون أكثر من امرأة، ومن هنا يكون المنطلق الحقيقي للدعوة من تصحيح الأفكار المغلوطة وغير المفهومة لديه، وأفضل طريقة هو أن تعكس الصورة الحقيقية للمسلم وألا يأخذ عنك أفكاراً سلبية في جميع الجوانب وتطبق إسلامك بالدين المعاملة. - الذي حدث في 11 سبتمبر كان سبباً لإسكات الدعوة الإسلامية التي كانت نشطة وقائمة هناك في ذلك الوقت، وتبنى ذلك إعطاء فكرة سيئة عن الإسلام للناس، بالعكس نرى الإسلام جميلاً في بريطانيا وغيره، وهذا الفعل كان له أثر في الدعوة للإسلام، حيث أعطت الناس هناك فكرة سيئة عن ديننا الإسلامي. والهدف من ذلك أنهم كانوا وما زالوا يشيرون للأفعال السيئة مثل أحداث 11 سبتمبر للمسلم دون النظر في هويته وأصله ومن قام بفعل ذلك الشيء، وذلك لأخذ فكرة سيئة وصورة غير جيدة عن المسلم. من قبل حتى لو كانوا ليسوا مسلمين المهم هو اتهام المسلم حتى يشوهوا صورته ويعرقلوا صورة الإسلام لدى الناس، فبكل تأكيد؛ الشعب هناك شعب إعلام وكل ما يراه الناس في الإعلام يصدقونه وبالتالي يتقبل الناس هناك ما ينقل إليهم، ويأخذون فكرة سيئة عنه لتأثرهم بذلك، ومن ثم يتم إعطاء الناس فكرة سيئة بأن المسلمين يقتلون الناس، وإعطاء الصورة النمطية المتعارفة من كراهية وغيره. - حتى نغير صورتنا لديهم يجب أن نمتلك جميع الإمكانات الكبيرة الإعلامية والمالية وغيرها حتى نقيم الدعوة للإسلام هناك، فيجب ألا نعتمد على الغرب. ومع الأسف الأمر المحزن والمخجل لو شاهدنا القنوات العربية نرى نساء يرقصن ويغنين ومنظرا لقتل الأطفال وضرب النساء وغير ذلك مما يشوه الإسلام، وليس فيها أي وسيلة للدعوة للإسلام أو تحسين صورته لدى الغير، فالتغيير يجب أن يبدأ ويكون من داخلنا. - في أمريكا الآن حوالي 100 ألف سعودي تقريباً، عندما تكون في أمريكا وترتدي البنطلون لا يعرفون من أنت ولا يطلبون منك هويتك، ولا يعرفون إلا عندما تأتي إلى المطار بالجواز فقط، فالعرب والسعوديون هناك يظهرون كإسبان أو لاتينيين. أما إذا عرفوا أنك مسلم فالمعاملة تعتمد على الشخص، فبعض الأشخاص عندما يعلم أنك مسلم يؤذيك ويقف ضدك وما إلى ذلك، والبعض الآخر يرحب بك ويعاملك معاملة أخوية وتصلي أمامه ولا يفعل شيئاً بل بعضهم يصلي معك. أمريكا دولة كبيرة والشعوب فيها مختلفة فلا يهتمون بالآخرين، وأكبر مثال على ذلك أوباما من أم كينية وليس هناك شخص يهتم به من هذه الناحية، فالناس هناك راقية وليس لديها عنصرية، وأنا أنصح السعوديين قبل السفر إلى أمريكا التعرف على العادات هناك في العمل والأكل والنوم والأماكن العامة وغيرها، فبعض الأماكن ليس فيها قوانين لحمايتك مثل كاليفورنيا فبعض الناس لا يستطيعون دخولها وهناك ألوان يمنع لبسها. قضيت نصف عمري هنا في السعودية فأنا أحبها عامة ومكةالمكرمةوالمدينةالمنورة خاصة، أحبها جداً جداً، أنا وأبنائي الذين هم موجودون هنا منذ عام 1985م، وأتمنى بعد وفاتي أن أدفن في المدينةالمنورة. جميع الأجانب من الهنود والباكستانيين والأمريكان والأوروبيين قبل مجيئهم إلى السعودية يعتقدون أن الصحابة رضوان الله عليهم لا يزالوا موجودين إلى اليوم، ولكن عندما يأتون يفاجأون ويصدمون بالواقع من تعامل بعض الناس معهم لكن بعدها يعرفون أن الصحابة لم يعودوا موجودين فيتقبلون الواقع. - السعودية من أفضل الدول السياحية وفيها بعض المناطق التي تناسب السياحة مثل: مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، جازان، وفرسان، ومدائن صالح، وينبع وهي من أروع المناطق للغوص، وأبها، والطائف، والباحة، والصحراء الجنوبية خاصة والصحراء في المملكة عامة. وأنا قمت بدعوة أصدقائي وأقاربي في أمريكا وأوروبا وغيرها للسياحة هنا في السعودية ونقلت لهم كل ما يخص السياحة وأبدوا ترحيبهم بذلك، لكن هناك أمر صعب دائماً ما يصدهم ويقف أمامهم وهو الحصول على التأشيرة الأمر الذي يُعد صعباً جداً هنا، حتى عندما تقوم بطلب تأشيرة للوالدين أو الإخوة أو الأبناء تواجه صعوبة في ذلك. - أحب عادات وتقاليد السعوديين كلها فأنا عشت في السعودية من عام 1985م كما قلت، وهي بلدي ووطني، أحب القهوة العربية والتمر والصحراء والمفطح والمرقوق والقرصان والحنيني، وكرم السعوديين عامة وأبناء حاتم الطائي في حائل خاصة، الذين لفتوا نظري كثيراً بكرمهم كما عُرف عن ابن المنطقة حاتم الطائي بالكرم، وأنا أحبهم وأحب السعوديين كثيراً، واعتبر نفسي وأبنائي منهم.