تجاوزت اسرائيل القنوات الديبلوماسية والعسكرية السرية مع الولاياتالمتحدة وانتقلت من التلميح الى التصريح برغبتها في ان تستعجل الولاياتالمتحدة ضرب العراق "في اسرع وقت ممكن"، في ما تعتبره الدولة العبرية فرصة يجب عدم تفويتها لضرب اكثر من عصفور بحجر واحد. واشار استطلاع للرأي العام الاسرائيلي الى تأييد غالبية كبيرة توجيه اميركا ضربة للعراق، بأسلحة تقليدية او غير تقليدية. فيما توجه وفد من الجيش الاسرائيلي الى واشنطن في اطار "التنسيق" في شأن ضرب العراق. اشارت تقارير صحافية اسرائيلية الى ان حكومة ارييل شارون حضت الولاياتالمتحدة على عدم تأجيل ضربتها لاسقاط نظام الرئيس صدام حسين، وكتب المراسل العسكري في صحيفة "هآرتس" الوف بن ان شارون بعث في الايام الخيرة برسائل الى الادارة الاميركية جاء فيها ان "تأجيل العملية في العراق لن يخلق وضعاً اكثر راحة للعمل في المستقبل". وترجم وزير الخارجية الاسرائيلي شمعون بيريز هذا الموقف في مقابلة بثتها شبكة "سي ان ان" الاميركية مؤكداً ان "المسألة ليست حول العمل ذاته بل متى، وليس اكيداً ان التأجيل جيد لانه يزيد الخطر واحتمالات التسلح العراقي". وزاد: "لا اريد ان اظهر كمن يحضكم على العمل. اعملوا وفقاً لاعتباراتكم". واعترف وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعيزر بزيارة "مجموعة مهمة" من القيادة الاوروبية الاميركية يوروكوم وقيادة المنطقة الوسطى الاميركية سانتوكوم تل ابيب، وتوجه وفد من الجيش الاسرائيلي الى واشنطن في اطار "عملية التنسيق" في شأن ضرب العراق. وقال بن اليعيزر في مقابلة نشرت امس ان الدولة العبرية حصلت على وعد ب"الانذار المبكر ولكن لا يوجد وعد حول الزمن، هل يكون قبل 24 ساعة او 48 ساعة او 96 ساعة". واضاف: "افتراضي ان العراقيين لن يتركوا لنا وقتاً للراحة من اللحظة الاولى التي يبدأ فيها الهجوم. الاميركيون سيفعلون الاعاجيب هناك، واذا عرف صدام انه لن يفر من الضربة الاميركية سيخرج كل ما لديه، وسنكون اهدافه الرئيسية. ليس لديه سلاح نووي بل اعتقد ان لديه سلاحاً كيماوياً وربما رؤوساً جرثومية اعداداً قليلة جداً وليست لديه قواعد اطلاق كثيرة". وكشف زئيف شيف الخبير العسكري الاسرائيلي ان الدولة العبرية قدمت "طلبين" الى الادارة الاميركية في شأن الهجوم على العراق، في الاول حددت زمناً معيناً مسبقاً لمعرفة موعد الهجوم، واشار زئيف الى ان الاميركيين "دهشوا وتساءلوا لماذا تطلب اسرائيل ان تعرف مسبقاً نسبياً عن الهجوم" اما الطلب الثاني فهو "ان تركز الولاياتالمتحدة في المرحلة الاولى من الحرب على ضرب الصواريخ العراقية في غرب العراق"، مشيراً الى ان الاميركيين اولوا غرب العراق في حرب الخليج اهمية ثانوية، فسقطت الصواريخ على اسرائيل حتى نهاية الحرب. وكشف ان المفاوضات مع تركيا "الدولة الاساسية في هذه الحرب" توشك على الانتهاء، وانها تنطوي على مساعدات اقتصادية ضخمة جداً. واضاف ان اتفاقات مماثلة تم التوصل اليها مع الاردن والكويت ودول اخرى خليجية. وتعتقد حكومة شارون ان لدى العراق 70 - 80 صاروخاً من طرازي "سكاد" و"الحسين" وان الولاياتالمتحدة لن تبدأ حربها قبل نهاية السنة. واشار المحللون الاسرائيليون الى ان الوقت "ملائم تماماً" لتسديد الضربة للعراق، ورأوا ان صدام سيضرب اسرائيل "عندما يشعر بأنه بات في الزاوية" ما سيفتح الطريق امام توجيه الدولة العبرية ضربة بالسلاح النووي "تمحو العراق كدولة". اكد ذلك دوري غولد مستشار شارون امس، اذ قال ان "لدى اسرائيل الامكانات وربما حرية التحرك لعمل الضروري للدفاع عن سكانها بما يمحو العراق كدولة". وتسعى الدولة العبرية الى تنفيذ الهجوم "في اقرب وقت ممكن"، وترى ان "الولاياتالمتحدة لن تجبرها على دفع الثمن بممارسة ضغوط اميركية حقيقية عليها"، في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وتعتبر ان العمليات الفدائية والتفجيرية من قبل الفلسطينيين التي تصنفها واشنطن ارهابية انقذتها من ان يعيد التاريخ نفسه في اعقاب حرب الخليج الثانية التي كانت احدى نتائج التحالف العربي مع اميركا فيها عقد مؤتمر مدريد الدولي. واشار زئيف الى ان اي فشل عسكري اميركي في الحرب على العراق او "تأجيل" هذه الحرب سيشجع ايران على امتلاك اسلحة نووية واخرى غير تقليدية و"اسرائيل ستعلق في وضع امني من شأنه ان يسوء بعد سنوات، ليس مع العراق فقط بل وايران ايضاً". واعتبر ان "الانتصار على عراق صدام حسين كفيل بأن يكون قوة محفزة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، والتصدي لحزب الله الذي يعمل لتشويش احتياجات السلام مع اسرائيل". الى ذلك، افاد استطلاع للرأي نشرت نتائجه "معاريف" العبرية ان 57 في المئة من الاسرائيليين يؤيدون الهجوم الاميركي على العراق فيما يعارضه 28 في المئة ورد البقية بأنهم "لا يدرون". وأيد 26 في المئة مهاجمة العراق، في حال اطلاقه صواريخ باتجاه اسرائيل، بأسلحة تقليدية و22 في المئة بأسلحة كيماوية او جرثومية و23 في المئة بأسلحة نووية. وقال 45 في المئة ان الدولة العبرية مستعدة للحرب فيما رأى 40 في المئة العكس.