جمعية أسر التوحد تطلق أعمال الملتقى الأول للخدمات المقدمة لذوي التوحد على مستوى الحدود الشمالية    سلمان بن سلطان: نشهد حراكاً يعكس رؤية السعودية لتعزيز القطاعات الواعدة    شركة المياه في ردها على «عكاظ»: تنفيذ المشاريع بناء على خطط إستراتيجية وزمنية    تحت رعاية خادم الحرمين.. «سلمان للإغاثة» ينظم منتدى الرياض الدولي الإنساني الرابع    "موسم الرياض" يعلن عن النزالات الكبرى ضمن "UFC"    رينارد يواجه الإعلام.. والدوسري يقود الأخضر أمام اليمن    وزير داخلية الكويت يطلع على أحدث تقنيات مركز عمليات 911 بالرياض    عمان تواجه قطر.. والإمارات تصطدم بالكويت    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان    الجيلي يحتفي بقدوم محمد    جسر النعمان في خميس مشيط بلا وسائل سلامة    تيسير النجار تروي حكاية نجع في «بثينة»    الصقارة.. من الهواية إلى التجارة    زينة.. أول ممثلة مصرية تشارك في إنتاج تركي !    "الصحي السعودي" يعتمد حوكمة البيانات الصحية    مستشفى إيراني يصيب 9 أشخاص بالعمى في يوم واحد    5 طرق لحماية أجسامنا من غزو البلاستيك    الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يلتقي بابا الفاتيكان    26 مستوطنة إسرائيلية جديدة في عام 2024    استدامة الحياة الفطرية    قدرات عالية وخدمات إنسانية ناصعة.. "الداخلية".. أمن وارف وأعلى مؤشر ثقة    إعداد خريجي الثانوية للمرحلة الجامعية    "فُلك البحرية " تبني 5600 حاوية بحرية مزود بتقنية GPS    محمد بن سلمان... القائد الملهم    البرازيلي «فونسيكا» يتوج بلقب بطولة الجيل القادم للتنس 2024    برنامج الابتعاث يطور (صقور المستقبل).. 7 مواهب سعودية تبدأ رحلة الاحتراف الخارجي    العقيدي: فقدنا التركيز أمام البحرين    قطار الرياض.. قصة نجاح لا تزال تُروى    تعاون بين الصناعة وجامعة طيبة لتأسيس مصانع    5.5% تناقص عدد المسجلين بنظام الخدمة المدنية    وتقاعدت قائدة التعليم في أملج.. نوال سنيور    «بعثرة النفايات» تهدد طفلة بريطانية بالسجن    رشا مسعود.. طموح وصل القمة    فريق علمي لدراسة مشكلة البسر بالتمور    "الداخلية" تواصل تعزيز الأمن والثقة بالخدمات الأمنية وخفض معدلات الجريمة    غارات الاحتلال تقتل وتصيب العشرات بقطاع غزة    تنمية مهارات الكتابه الابداعية لدى الطلاب    منصة لاستكشاف الرؤى الإبداعية.. «فنون العلا».. إبداعات محلية وعالمية    محافظ جدة يطلع على برامج "قمم الشبابية"    تشريعات وغرامات حمايةً وانتصاراً للغة العربية    سيكلوجية السماح    عبد المطلب    زاروا معرض ومتحف السيرة النبوية.. ضيوف «برنامج خادم الحرمين» يشكرون القيادة    آبل تطور جرس باب بتقنية تعرف الوجه    هجوم ألمانيا.. مشهد بشع وسقوط أبشع!    استراتيجية الردع الوقائي    التشريعات المناسبة توفر للجميع خيارات أفضل في الحياة    تجويد خدمات "المنافذ الحدودية" في الشرقية    خادم الحرمين يرعى منتدى الرياض الدولي الإنساني    سعود بن بندر يلتقي مجلس «خيرية عنك»    ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة والزيارة يصلون مكة ويؤدون مناسك العمرة    القبض على شخص بمنطقة الحدود الشمالية لترويجه «الأمفيتامين»    كافي مخمل الشريك الأدبي يستضيف الإعلامي المهاب في الأمسية الأدبية بعنوان 'دور الإعلام بين المهنية والهواية    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف.    تجمع القصيم الصحي يعلن تمديد عمل عيادات الأسنان في الفترة المسائية    "مستشفى دلّه النخيل" يفوز بجائزة أفضل مركز للرعاية الصحية لأمراض القلب في السعودية 2024    نائب أمير مكة يفتتح غدًا الملتقى العلمي الأول "مآثر الشيخ عبدالله بن حميد -رحمه الله- وجهوده في الشؤون الدينية بالمسجد الحرام"    ولادة المها العربي ال15 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"لقاء قرنة شهوان يتعرض لهجمات عنيفة بسبب موقفه من دمشق ... ولدى السلطة رغبة في وضعنا في حال معركة مع السوريين لتبرير سياستها" . سمير فرنجية : أحداث فلسطين طوت صفحة مع المسيحيين والخلاف مع سورية انطوى مرحلياً
نشر في الحياة يوم 27 - 04 - 2002

كيف تنعكس التطورات الاقليمية المتسارعة على الصعيد المسيحي في لبنان وعلى علاقة المعارضة المسيحية بسائر الفرقاء اللبنانيين وبالفلسطينيين والسوريين؟ أسئلة كثيرة تطرح أجاب عنها العضو الفاعل في "لقاء قرنة شهوان"، الذي يضم اركان المعارضة المسيحية، سمير فرنجية.
واعتبر فرنجية رداً على أسئلة "الحياة" ان ما حصل ويحصل في فلسطين وزيارة وفد فلسطيني للبطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير طوى صفحة أليمة مع المسيحيين. ورأى ان قيام دولة السيادة في لبنان مرتبط بقيام دولة مستقلة في فلسطين ودولة المعاصرة في سورية.
ورأى فرنجية ان المعركة في فلسطين حاسمة لأنها تصب في اعادة التوازن للعلاقات الدولية بعد 11 أيلول سبتمبر. واعتبر الخطوات السورية الأخيرة في لبنان ايجابية وانتقد السلطة السياسية في لبنان "لأن لديها رغبة في وضعنا في حال معركة مع السوريين لتبرير استمرارها في سياستها". وقال "لم نطلب المشاركة في الحكم".
وهنا نص الحوار مع فرنجية:
التطورات في فلسطين أدت الى خطوات ومواقف تضامنية مع الشعب الفلسطيني وكان للبطريرك صفير ول"لقاء قرنة شهوان" موقف تضامني أيضاً، لكن هذا لم يترجم على الأرض في تحركات داخلية وخارجية. لماذا؟
- ثمة مواقف متميزة اتخذها البطريرك صفير. وأذكِّر هنا بموقفه في أثناء القمة العربية في بيروت في شأن فلسطين، إذ قال انه يرفض اسكات صوت فلسطين وبالتحديد اسكات صوت رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات. وجاء هذا الموقف ليناقض الموقف الرسمي اللبناني، وأعقب ذلك تحركات عدة في المدارس وإعلان اضراب وصلوات وجمع تبرعات في الكنائس للشعب الفلسطيني. أما لجهة التظاهرات فليس من شأن الكنيسة الدعوة لها، لكن حصلت سلسلة تظاهرات شارك فيها أعضاء من "قرنة شهوان" وآخرها كانت التظاهرة التي اضيئت خلالها الشموع تضامناً مع كنيسة المهد، وقبلها انطلقت تظاهرة في طرابلس، شارك فيها أيضاً اعضاء من "قرنة شهوان" الى جانب الرئيس عمر كرامي وسبقتها أيضاً تحركات مشتركة مع الحزب التقدمي الاشتراكي و"اللقاء الديموقراطي"، وأذكِّر هنا بأن ما حصل في فلسطين كان له أثر على مستويين: مستوى الذاكرة اللبنانية، لأن زيارة الوفد الفلسطيني لبكركي طوت صفحة من صفحات الماضي الأليمة وحصل اجماع مسيحي. وهو اجماع لبناني بطبيعة الحال على دعم القضية الفلسطينية في فلسطين. والجانب الثاني سياسي، وهو ما بلوره "لقاء قرنة شهوان" بوضوح ويتعلق بمسألة توطين الفلسطينيين، إذ أصبح حل هذه المشكلة مرتبطاً بدولة فلسطينية مستقلة في فلسطين. وهذا الموقف هو عكس الموقف الرسمي الذي يعتبر ان منع التوطين هو في ابقاء الجبهة في الجنوب مفتوحة مع اسرائيل. نحن نعتبر ان الأولوية في حل مشكلة التوطين، هي لإقامة الدولة الفلسطينية، وياسر عرفات في آخر محادثات كامب ديفيد حصلت لم يطالب الا بحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. أما الجانب الثالث الذي يتعلق بالموقف الذي أعلنته الكنيسة وأعلنه "لقاء قرنة شهوان" لجهة عدم فتح جبهة الجنوب فهو يلتقي مع موقف السلطة الفلسطينية التي ترفض أيضاً فتح جبهة الجنوب وأُعلن ذلك من فلسطين ومن جانب جماعة "فتح" في لبنان بوضوح.
حول هذه المسألة هناك تباين بيننا وبين الدولة، وبيننا وبين "حزب الله"، لكن بيننا وبين الفلسطينيين يوجد تطابق كامل.
هناك قوى سياسية مسيحية عدة تضع التضامن في مرتبة متأخرة قياساً الى طرحها مسألة التوطين ورفضه وتتصرف كأن ما يحصل في فلسطين لا يعنيها. ما هو الجهد الذي يمكن البطريركية وقرنة شهوان ان يبذلاه من أجل تغيير هذه الصورة؟
- لا شك في أن ثمة قوى منكمشة على نفسها، أو لديها رهانات أخرى، لكنها لم تعد تمثل الضمير المسيحي في البلد. وعلى رغم الخلافات التي حصلت مع الفلسطينيين فإن المسيحيين يعتبرون اليوم ان القضية الفلسطينية هي قضية حق وينبغي دعمها، ونحن في بيان "قرنة شهوان" ذهبنا الى أبعد من ذلك وطالبنا الانتشار اللبناني في كل دول العالم بأن يدعم القضية الفلسطينية باعتبارها قضية شعب، وباعتبار ان قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس هو المدخل لحل مسألة التوطين في لبنان، ولاخراج لبنان من أزمته. وبالنتيجة فإن وضعنا مرتبط بقيام سلام عادل وشامل في المنطقة، يشمل الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين أيضاً، فلا مستقبل لنا في هذه الحال المستمرة من خلال هذه الحرب التي تنزف على الأقل بالنسبة الى لبنان منذ 35 عاماً، فموقفنا اذا شئت هو موقف هجومي بالنسبة الى هذه المسألة، وقيام دولة السيادة في لبنان مرتبط بقيام دولة استقلال في فلسطين، وبرأيي الخاص مرتبط أيضاً بقيام دولة المعاصرة في سورية. ان مستقبل علاقاتنا بسورية مرتبط بمقدرة السوريين على تطوير نظامهم وبقيام دولة مستقلة في فلسطين، وهذه المنطقة لها دور أساس في العالم العربي، واخراجها من الأزمة لا يتم عبر اخراج فريق منها، فإما ان تحل كل هذه الأزمات، وهي مترابطة وإما لا شيء يُحل، واسرائيل تلعب باستمرار على اعطاء الأولوية لجانب من هذه الأزمة المترابطة على حساب الجوانب الأخرى وبالتالي تمديد عمر الأزمة القائمة. وبالعودة الى المسيحيين أتصور أن رأي الأكثرية هو في هذا الاتجاه. كذلك من المؤكد ان موقف الفاتيكان هو في هذا الاتجاه أيضاً، وقضية كنيسة المهد أحدثت هزة كبيرة في الوسط المسيحي.
ألا تعتقد ان قضية كنيسة المهد يجب ان تكون دافعاً الى تنظيم تحركات لتعميق هذا الموقف الجديد عبر تحركات داخلياً وخارجياً أوسع وأكثر فاعلية في تعميق عناوين المرحلة الجديدة لفتح صفحة جديدة والانتقال الى الفعل أكثر من اعلان مواقف؟
- ما أريد قوله في قضية كنيسة المهد هو انه بعد 11 أيلول أصبح هناك منطق مكمل لبعضه بعضاً. أي معادلة الرئيس الأميركي جورج بوش - أسامة بن لادن، أي انها حرب صليبية والرد عليها هو رد بن لادن على المستوى نفسه، كأن الصراع في العالم هو صراع ديني بين المسلمين والمسيحيين. في "لقاء قرنة شهوان" أخذنا موقفاً واضحاً، هو ان هذا الصراع ليس صراعاً دينياً، أحداث فلسطين ضربت الفريقين. ضربت الفريق الأميركي وضربت فريق بن لادن، أي منطق بن لادن ومنطق بوش. والأسباب هي:
أولاً: تبين ان المسيحيين والمسلمين في فلسطين هم في وضع واحد وفي موقع ومصير واحد.
ثانياً: تجربة ما حصل في فلسطين أثبتت ان التضامن الكبير الذي حصل في أوروبا مع الفلسطينيين ضرب فكرة صراع الحضارات، وبحسب الاحصاءات الأخيرة في أوروبا التي أعدتها "نيويورك تايمز" تبين ان أكثرية الرأي العام الأوروبي في الدول الأساسية مؤيد لفلسطين. وبالتالي ما حصل أيضاً، خصوصاً بعد الكلام الذي كنا نسمعه عن صراع الحضارات بين العالم العربي وأوروبا، هو أن أحداث فلسطين أحدثت تقارباً في هذا المعنى. أما على مستوى الكنيسة ففي تقديري ان التقارب واسع على رغم انه لم يسلط الضوء عليه في شكل كافٍ، ثمة تحرك واسع قام به البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم للروم الأرثوذكس، ومجلس كنائس الشرق الأوسط، وهناك اتصالات تجرى حالياً لعقد قمة روحية حول هذه المسألة التي قاربت بين الطوائف الإسلامية والمسيحية في شكل لافت جداً. وما يهمنا في هذا المجال هو ان ثمة مشكلات كانت حاصلة في الناصرة سابقاً بين المسيحيين والمسلمين وكانت اسرائيل تحاول استغلال ذلك كي تلعب دور الحكم بين المسيحيين الفلسطينيين والمسلمين الفلسطينيين. التطورات أنهت تماماً هذا الموضوع ووضعت المسيحيين والمسلمين في فلسطين في خانة واحدة. وهناك كلام مميز للرئيس ياسر عرفات في هذا المجال. فخطابه الدائم يتضمن لغة واحدة. لغة وحدة وطنية. يتحدث باسم المسلمين والمسيحيين. ويجب ان نطالب بأكثر من ذلك وباستمرار لأن المعركة التي تخاض في فلسطين الآن هي حاسمة لفلسطين وللعالم العربي وللعلاقة بين العالم العربي والإسلامي والغرب، وهي تصب في هدف اعادة التوازن الى العلاقات الدولية من بعد احداث 11 أيلول، إذ أصبح العالم العربي والعالم الإسلامي في قفص الاتهام، وسُلط الضوء أيضاً على الدور السيئ الذي تلعبه اسرائيل في تأجيج صراع بين العالمين العربي والإسلامي وبين الغرب. ولو ان العامل الاسرائيلي غير موجود لما كنا نرى الكثير من الأمور التي نشاهدها اليوم، وكذلك لو ان الأميركيين التزموا فرض سلام عادل وشامل لكانوا هم أيضاً وفروا على أنفسهم وعلينا متاعب كثيرة. جميع الناس أخذوا يشعرون بكل ذلك، لقد حصلت فعلاً اعادة ترتيب للأوضاع على ضوء ما حدث. وهذا أمر ايجابي.
كان لكم موقف يدعو الى عدم توتير الجبهة في مزارع شبعا، فهل تبعه أو سيتبعه حوار مع "حزب الله"؟
- ثمة اتصالات دائمة بيننا وبين "حزب الله" ويبدو انه لا يوجد اتفاق على هذا النهج، لكن عندهم وضوح ان الخط الأزرق لا يُلعب به، ولديهم وضوح أيضاً ان الأطراف الفلسطينية التي أعيد ادخالها الى منطقة الجنوب لا تندرج في سياق مواجهة فعلية مع اسرائيل، بل جاءت من باب المزايدة. وهنا لا أقصد الأطراف التابعة للسلطة الفلسطينية. أما على جبهة مزارع شبعا فإن التوتير فيها لا يقدم ولا يؤخر، ولم يأت تلبية لدعوة السلطة الفلسطينية، ولم يأت في اطار تنسيق عربي شامل، وهذا الأمر يترك لرئيس الحكومة الاسرائيلية آرييل شارون المجال ليحدد طبيعة أو طريقة الرد وزمانه. وبهذا المعنى نعطيه ورقة مجانية، لأن ليس في استطاعتنا حسم شيء في مزارع شبعا، ونحن منطقنا في هذا الجانب ان المزارع مثلها مثل الجولان محكومة بالقرارين الرقم 242 و338 وبالتالي عندما يؤخذ قرار بالتحرير العسكري نشارك جميعاً فيه، لكن ليس فقط على مساحة 10 كيلومترات مربعة فقط. وهذا لا يمنع وجود حوار حول المسألة.
الاختلاف في تقويم ماذا يكون عليه دور المقاومة في المزارع، ربما يكون نابعاً من قراءات لبنانية متعددة ومختلفة لاحتمالات الوضع الاقليمي، فهل هناك قراءة موحدة وواضحة للقاء قرنة شهوان للاحتمالات المقبلة؟
- لا شك في ان لدينا خوفاً كبيراً من أن أوضاع المنطقة خطرة جداً، والأوضاع الداخلية خطرة جداً، هناك تراكم لمشكلة اقليمية جزء منها وضع الجنوب والجزء الأساس هو وضع فلسطين، والمشكلة الداخلية هي الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخانقة، ومنذ مدة ونحن نقول بوجوب حصول حوار جدي حول طريقة المواجهة ونصطدم بسلطة همها الوحيد ادارة خلافاتها في ما بينها، من دون ان نجد الشعور نفسه تجاه خطورة الأوضاع عند الأطراف الحاكمة. أما بالنسبة الى السوريين - ونحن نعتبر ان هذه السلطة هي في جزء كبير منها توليد لقرار سوري - فهناك خطوات ايجابية عند السوريين اتخذت في المدة الأخيرة، منها: زيارة الرئيس السوري بشار الأسد الى لبنان، اعادة انتشار الجيش السوري وفقاً لاتفاق الطائف، والكلام على تصحيح العلاقة الاقتصادية اللبنانية - السورية. لكن هذا لا يكفي، لأنه لا يمكن الادارة نفسها التي أسهمت في ايصال الأمور الى ما وصلت اليه، ان تقوم بإنقاذ البلد من الأزمة الموجود فيها. ولو كنا في ظروف طبيعية لكنا طرحنا بعد اعادة انتشار الجيش السوري في لبنان اجراء انتخابات مبكرة، من أجل ان يختار الشعب اللبناني نفسه السلطة التي يريدها. الظروف التي نعيشها صعبة واستثنائية. وعلى الأقل، يمكن ان يحصل حوار لبحث اعادة تأهيل هذه السلطة، خصوصاً اننا نعيش اليوم مشكلات نحن في غنى عنها، لا علاقة لها لا بالأزمة الاقليمية ولا بالأزمة الاقتصادية. وهي مسألة تتعلق بوضع كل طرف من أطراف السلطة وبخلافات ظهرت في القمة العربية وتظهر كل يوم. فسلطة كهذه، بمعزل عن الأشخاص الذين يشكلونها كما هي الآن، هي سلطة عاجزة. ما هي الطريقة لجعلها قادرة؟ هل بحوار مباشر معها؟ أليس لسورية دور في ادارة هذا الأمر، كونها هي التي أوجدتها؟ أليس المطلوب من السوريين ان يأخذوا تدابير في هذا الشأن؟ اعتقد ان هذه الأمور هي قيد البحث، لكن يوجد شعور جدي لدى "قرنة شهوان" بأن الوضع مرشح للأسوأ، ونحن نعتمد لغة الاعتدال باستمرار في مقابل مواجهة من جانب السلطة بالاستفزاز. بمعنى اننا أبدينا ارتياحنا لزيارة الرئيس السوري وطالبنا بحوار، فجاءنا قرار المحكمة العسكرية بإدانة عضو قرنة شهوان توفيق الهندي والحكم عليه ثلاث سنوات. هناك شعور كأن المطلوب استفزاز هذه الفئة من اللبنانيين لوضعها في معركة دائمة مع أطراف أخرى، هذه الاستفزازات من أجل تجديد الصراع الداخلي غير ناجحة لأننا استطعنا من خلال دعوتنا الى الحوار ومصالحة الجبل وخطوات عدة طي صفحة الصراع الداخلي. الآن ربما توجد رغبة لدى هذه السلطة بأن تضعنا في استمرار في معركة نحن والسوريين، ربما لتبرير استمرارها في سياستها. نحن نعتبر اننا مقبلون على مرحلة خطرة واعادة تحديد معالم المنطقة السياسية. وخوفنا من أن تؤدي قضية العراق أيضاً الى تبديل معالم من منطقة جغرافية، فكل الاحتمالات مفتوحة مع ضرب العراق - وما نقوله نحن هو الدعوة الى ان نحل مشكلاتنا من أجل مواجهة هذه المعركة لنعود ونستعيد دورنا في لبنان وسورية وفلسطين، هذه المنطقة التي يوجد ترابط بينها، لتلعب دورها من جديد. هذه هي دعوتنا وشعورنا، وعلاقتنا بالأطراف مبنية على هذا الشعور والالحاح، لكن السلطة هي في مكان آخر.
من اللافت ان وليد جنبلاط كحليف لكم بدأ تحولاً ربما يضع مسافة معكم حول الموقف من سورية، كيف تقومون هذا التحول وما الذي سيرتبه على علاقتكم به؟
- الكلام على تحول هو كلمة كبيرة، أتصور ان وليد جنبلاط يعتبر، كما نفكر نحن، ان اللحظة خطرة لدرجة تتطلب من الأطراف المعنية - نتيجة خطورة هذا الوضع - اجراء حوار في ما بينها والتخفيف من الاحتقان. وكلام جنبلاط جاء في لقاء حصل في كسروان بدعوة من النائب منصور البون في حضور ألف وخمسمئة شخص، وهذا الموقف جاء ليحاور به جنبلاط لا ليعلن فض التحالف. على العكس، هو يقول ان ثمة معطيات جديدة وكيف يمكننا مواجهتها. نشارك جنبلاط في مخاوفه، وهو متشائم جداً من امكان الوصول الى حل في المنطقة، وخائف جداً من ضربة العراق ونتائجها على وحدة دول المنطقة، اضافة الى خوفه الأكبر على الوضع الاقتصادي والاجتماعي وبالتالي هو يدعو الى القيام بشيء في هذا المعنى. كل فريق لديه اجتهاد. لكن، هناك بحث مشترك. والعلاقة بين اللقاء ووليد جنبلاط علاقة ثابتة وتحالفية.
هناك اعتقاد أن المعارضة المسيحية لم تتخذ خطوات ايجابية مناسبة في العلاقة مع سورية في مقابل خطوة اعادة انتشارها في لبنان وفق الطائف وان المطلوب موقف أكثر جرأة من "قرنة شهوان". ما هي توجهات اللقاء في هذه الظروف الاقليمية الراهنة التي تشمل ضغوطاً أميركية - اسرائيلية على لبنان وسورية؟
- الموقف أخذه اللقاء والقوى المسيحية عموماً، وهو موقف جديد. ففي ضوء الصراع الحالي فإن الخلاف مع سورية انطوى مرحلياً، ولم يحصل أي رهان ضد سورية، ولم نعتبر لحظة ان علينا الوقوف في موقع المتفرج وننتظر نتائج ما قد يحصل في المنطقة لبحث طريقة توظيفه في معركة مع سورية. ما نقوله باستمرار ان علاقتنا بالسوريين علاقة دائمة نريد ان نحسن طبيعتها، لا ان ننقض عليها ولا نريد العودة الى فترات الصراع السابقة. على العكس، لسورية الأولوية على كل دول العالم بالنسبة الينا، لكن بهذا النمط من العلاقة لم نصل الى شيء، ومسؤولياتنا نحن تجاه سورية تحمّلناها، فقد تعرضنا لانتقادات وهجمات عنيفة بسبب تمسكنا باتفاق الطائف وبشعارنا الأساس وهو تصحيح العلاقة بسورية، وآخر هذه الانتقادات جاءنا من العماد ميشال عون ونحن واجهنا هذه الضغوط، وعلى سورية في المقابل ان تعتبر ان العلاقة مع لبنان لم تعد تحتاج الى ان تمر عبر أدوات محلية ضامنة لمصالحها. ما نطلبه هو علاقة قائمة على مؤسسة هي المجلس الأعلى واعطاؤه الفرصة الحقيقية ليتمكن من تنظيم هذه العلاقة بما فيها العلاقة الأمنية، لا ان تتكون العلاقة الأمنية خارج المجلس والعلاقة الاقتصادية داخله، أي ان تكون العلاقات مؤسساتية بين لبنان وسورية. ما نقول هو ان هذه التركيبة السياسية يوجد فيها شيء عابر وشيء دائم ونحن لا اعتراض لنا على الدائم، ولنحتكم الى الناس في هذه المسألة والانتخابات تقرر هذا الأمر. ومن المناسب مثلاً ان يكون هناك قانون انتخاب عادل. والى حينه من المفيد تأليف حكومة انتقالية عاقلة هادئة تساعد على طي صفحة الماضي نهائياً، ان على صعيد العلاقة الداخلية أو العلاقة بيننا وبين سورية، لكن ما نُواجه به بالنسبة الى السوريين أكثر بكثير مما يراه الناس. اذ كل يوم تحصل مزايدة علينا، وهذا الثبات بالموقف تجاه سورية قد يكون للمرة الأولى في تاريخ العلاقة المسيحية - السورية. لا يوجد كلام من جانبنا بأننا لا نعترف بالحقوق المشروعة لسورية، لكن ليس في استطاعة سورية الاستمرار بمنطق الحرب القديم، أي ان العلاقة بلبنان تمر عبر أدوات "موثوقة"، لكن ليس من اللبنانيين. يجب ان يبدأ التغيير. سورية تعتبر انه ما دامت الثقة مفقودة فإنها مضطرة للتمسك بهذه الأدوات. ونحن نقول لهم انه من أجل بناء هذه الثقة عليكم ان تتخلوا عن هذه الأدوات. انها حال البيضة والدجاجة. نحن لم نطالب لا بالمشاركة في الحكم ولا بأي شيء آخر. وبتطبيق هذا الاتفاق الذي يضمن حقوق الجميع، ثمة مسؤولية على سورية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.