سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأوضاع اللبنانية تحتاج الى تكيف جديد وسريع مع الاحتمالات الاقليمية . المعالجات الاقتصادية تستعجل وقف التجاذبات في السلطة وجنبلاط يدعو حلفاءه المسيحيين لتغيير موقفهم من سورية
يقبل الوضع اللبناني الداخلي على مرحلة جديدة في ظل التطورات الاقليمية المتسارعة يجمع المراقبون على انها تحتاج الى صياغة العلاقات السياسية في صفوف المعارضة والموالاة من جهة وداخل السلطة التنفيذية من جهة ثانية. وتشير اوساط غير جهة سياسية ورسمية الى ان بقاء الوضع في الاراضي الفلسطينية المحتلة على حاله من الاجتياح الاسرائىلي لأراضي السلطة الوطنية وتفكيك مؤسساتها وارتكاب المجازر في ظل غياب اي افق سياسي، ودعم أميركي لرئىس الحكومة الاسرائىلية آرييل شارون، يفرض التهيؤ لمخاطر انعكاسات كل ذلك على المنطقة ولبنان بطريقة اكثر حسماً، تخفيفاً للأضرار وتحوطاً لآثارها السلبية خصوصاً على الصعيد الاقتصادي. وتلفت هذه الاوساط الى قضيتين مهمتين تحتاجان الى المعالجة في الوضع الداخلي، الاولى هي عودة التوتر الى علاقة رئىسي الجمهورية اميل والحكومة رفيق الحريري، ما يعيق تسريع المعالجات المتفق عليها للأزمة الاقتصادية، وأبرزها الخصخصة التي انتقد كل من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي التباطؤ فيها خلال محادثات الحريري في واشنطن الاسبوع الفائت، هذا فضلاً عن انعكاس التجاذبات داخل السلطة التنفيذية على الوضع المالي. ورأت مصادر نيابية تسريع الخصخصة بدءاً ببيع رخصة الهاتف الخلوي للقطاع الخاص، وصولاً الى الريجي وحصص من الكهرباء قبل نهاية العام لعله يعين مردودها الخزينة على التغلب على الصعوبات، بالتزامن مع مواصلة اجراءات خفض نفقات القطاع العام والادارة. وتردد في الاوساط النيابية والوزارية روايات كثيرة عن انتقادات مبطنة من محيط لحود للاجراءات الاقتصادية فيما ينتقد بعض محيط الحريري موقف الموالين للعهد، من هذه الاجراءات. واذ ظهر التوتر بفعل التجاذب حول اللقاء مع وزير الخارجية الاميركي كولن باول عند زيارته بيروت الاثنين الماضي، نظراً الى رغبة لحود بلقائه منفرداً، وامتناع رئىس المجلس النيابي عن لقائه، فإن الاوساط السياسية والنيابية تأمل تجديد التوافق بين الرؤساء على المعالجات الاقتصادية التي بات التسريع بها مصدراً للثقة بامكان التغلب على الصعوبات، ازاء الغيوم الملبدة اقليمياً. وترى مصادر وزارية انه بعد ان ساهم الرئىس السوري بشار الاسد في تجميد الخلافات بين اركان الحكم بعد القمة العربية فإنه ينتظر ان تلعب دمشق دوراً في توافقهم مجدداً. وفيما يغلب التوافق بين اركان الحكم ازاء السياسة الخارجية، لجهة دعم المقاومة في مزارع شبعا، وتعزيز التنسيق مع سورية في مواجهة الضغوط الاميركية، وفي التضامن مع الشعب الفلسطيني... فإن هذه المواضيع هي القضية الثانية التي تشكل منها عناوين اختلاف بين قوى سياسية يمكن تصنيفها في خانة المعارضة، خصوصاً ان موقف القيادات المسيحية يتفاوت في رفض استمرار عمليات المقاومة في مزارع شبعا وفي المطالبة بالانسحاب السوري. وترى مصادر وزارية ان العلاقات السياسية في هذا المجال بين المعارضين وبينهم وبين السلطة تحتاج الى اعادة صياغة. وتسجل المصادر في هذا المجال عنصراً جديداً هو ان رئىس "اللقاء الديموقراطي" النيابي وليد جنبلاط وضع عناوين جدول اعمال جديد لعلاقته مع القوى السياسية المسيحية المعارضة التي تحالف معها قبل سنتين في خطاب ألقاه ليل اول من امس فدعا الى وضع نظرية "تحييد لبنان" جانباً في ظل التطورات الحاصلة في الاراضي الفلسطينية المحتلة والى احتضان المقاومة انطلاقاً من مزارع شبعا، ملمحاً الى وجوب الافادة من اعادة الانتشار السوري وفق اتفاق الطائف من اجل تحسين شروط الشراكة اللبنانية - السورية "بعد الاشارات الايجابية"، التي اعطتها سورية. وجاء كلام جنبلاط في حفلة عشاء اقامتها "مؤسسة فؤاد غانم البون الاجتماعية" ليل اول من امس، في حضور اركان "لقاء قرنة شهوان" وعدد من رجال الدين المسيحيين، تحدث خلالها ايضاً عضو اللقاء النائب فارس سعيد، الذي دعا الى "اعادة انتشار الطبقة السياسية" والى "عروبة طوعية حضارية وديموقراطية". وقالت مصادر قريبة من جنبلاط ان خطابه الذي دعا فيه ايضاً الى استكمال مصالحة الجبل بتوسيعها وباعتماد الحوار حول كل المشكلات هو بداية توجهات جديدة سيعتمدها بعد اعادة الانتشار السوري في لبنان، ولقائه قبل اكثر من اسبوع مع الرئىس السوري بشار الاسد، وقراءته المتشائمة للوضع الاقليمي في ضوء ما يحصل في الاراضي الفلسطينية المحتلة. وهي قراءة لا تستبعد اسوأ الاحتمالات في المواجهة الدائرة في المنطقة. ويدعو جنبلاط اركان قرنة شهوان الى اعادة النظر في خطابهم السياسي. واذ يبدي بعض هؤلاء الاركان استعداداً للتعاطي بايجابية مع دعوة جنبلاط، فإن العناوين التي طرحها الاخير هي موضوع خلاف مع اركان آخرين في "اللقاء" يطالبون بمواصلة طرح شعار الانسحاب السوري ووقف المقاومة عملياتها في مزارع شبعا وتحييد لبنان، والتركيز على رفض توطين الفلسطينيين. واذ دعا جنبلاط الى الاقلاع عن "نظريات شوفينية" في الكلام عن التوطين، يعتبر ان بعض المواقف المسيحية يعيد الى الواجهة شعارات كانت مصدر خلاف قبل الحرب اللبنانية يفترض الا يتجدد الانقسام حولها، ويدعو الى تقارب من اركان لقاء قرنة شهوان مع سورية في ظرف تواجه مع الفلسطينيين احتمالات صعبة. وكان عضو اللقاء النائب فارس سعيد توجه في عشاء اول من امس في خطابه الى القيادة السورية قائلاً: "ان الزمن لا يرحم والحاجة الى التضامن باتت ملحة والاخطار ضد سورية تتعاظم ولا بد من تصحيح العلاقة اليوم قبل فوات الأوان". ويرى جنبلاط ان التعاطف الذي اكده البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير وأركان اللقاء مع الشعب الفلسطيني لم ينعكس كما يجب سياسياً وانه سيتابع الحوار مع قرنة شهوان في هذا الصدد. كما ان اللقاء سيبحث موقفه من المرحلة الجديدة الاسبوع المقبل.