بين اسرائيل وأميركا والضعف الأوروبي والصمت تدور الحرب على الشعب الفلسطيني. ووزير الخارجية المصري أحمد ماهر التقى عرفات الجمعة في 11 نيسان ابريل. لماذا اليوم، وقبل لقاء باول بعرفات بيوم واحد؟ سؤال جوابه واضح، وهو ان اللقاء محاولة لإقناع الرئيس الفلسطيني بضرورة قبول مقترحات زيني - شارون، وتحقيق وقف اطلاق النار، ثم العودة الى المفاوضات. على أية أرضية؟ هل هي المبادرة العربية أم ورقة تينيت وتقرير ميتشيل؟ انهم يطلبون وقف الانتفاضة، واعتقال من تبقى من المقاومين والنشطاء. ويريدون سلطة فلسطينية تقوم بدور الشرطي الذي يحمي أمن اسرائيل. هذا ما يطلبه بعض العرب، بعد ان احتلت العوامل الاقتصادية مكان القومية العربية، وتزايد الاعتماد على أميركا والغرب، وفي ظل فقدان القدرة على مواجهة الاعتماد هذا. وإذا درسنا الحال الاقتصادية لدول عربية فاعلة وجدنا ان العامل الاقتصادي القطري يوجه سياسة الدولة فدرت السياحة على الخزينة المصرية عام 2001 و2002، 1.8 بليون دولار في مقابل 4.5 بلايين دولار عام 2000. وهذا القطاع هو الأهم بعد النفط الذي طالب العراق باستخدامه كسلاح ضد أميركا والغرب واسرائيل. فالتجارة المصرية مع العراق تبلغ بليون دولار سنوياً. وتوقف ضخ النفط العراقي سيؤدي الى عدم قدرته على الوفاء بالتزاماته المالية. وبعض دول الخليج ينظر الى العراق كسوق استثماري مقبل للشركات التي تعاني الركود. فالعراق يسعى الى بناء ستة آلاف وحدة سكنية، ومستشفيات، وبنى تحتية. وتحاول دول الخليج الدخول الى السوق العراقية لتحقيق قيمة تجارية تصل سنوياً الى 3 بلايين. والقرار العراقي بوقف ضخ النفط لمدة ثلاثين يوماً كان له أثره المدوي في الدول العربية، تخوفاً من آثاره السلبية عليها، ومن فقدانها برنامجاً اقتصادياً مستقلاً يحمي مصالحها القومية. والنفط، في حال استخدامه كسلاح، يشكل تهديداً اقتصادياً لسورية ومصر والأردن. وقال باحث مصري من جامعة عين شمس: "من الخطأ الاعتقاد أن الأمر مجرد تضامن وطني بين الدول الشقيقة، العراق هو مخزن هائل للمال ولا يمكن التنازل عنه". وصحيح انه لا يمكن عزل الأمن عن الاقتصاد، لكن استبعاد الدول العربية من الترتيبات الأمنية في الشرق الأوسط، وتحديد الخطوات التي تضمن إضعاف المحور السوري - المصري، وابقاء الحال العربية ضعيفة، هدف استراتيجي أميركي، الى جانب ضمان تفوق قوة اسرائيل، كونها حامية المصالح الأميركية والغربية عموماً. وتركيا، بقوتها العسكرية والقواعد الأميركية والأوروبية على أراضيها، تقف في مواجهة العراق - ايران - آسيا الوسطى. النظام العالمي يؤسس لخارطة سياسية شرق أوسطية جديدة تكون اسرائيل فيها الدولة الأقوى اقتصادياً، والدول العربية سوقاً استهلاكية. ويمكن تحديد أهداف النظام العالمي الجديد بالآتي: 1 - عدم خروج أميركا من المنطقة 2 - ترتيب معادلات أمنية مع العرب 3 - اسرائيل هي القمة الاقتصادية وبورصة المنطقة 4 - التطبيع مع اسرائيل ضرورة عربية نظراً لفقدانهم أرضية القوة الاقتصادية، وعدم قدرتهم على تكوين منظومة اقتصادية عربية فاعلة في مواجهة ذلك 5 - إحكام القبضة الأميركية - الاسرائيلية على مصر وسورية 6 - الوجود الأميركي والأوروبي هو الأساس في المنطقة، أي استبعاد روسيا والصين واليابان. ويتلخص برنامج المواجهة العربي في برنامج نقيض لهذه الخارطة. والبرنامج الفلسطيني المقاوم يكون من خلال قيادة العمل العسكري والسياسي على الأرض الى جانب الانتفاضة واستمرارها، وإعادة تفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وائتلافها الفصائلي الى جانب الحركات الإسلامية حتى دحر الاحتلال، وكنس المستوطنين، واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، وعاصمتها القدسالشرقية وانجاز حق العودة للاجئين الفلسطينيين. ان اسرائيل تفتقد البرنامج السياسي لحل الصراع العربي - الاسرائيلي على أساس قرارات الشرعية الدولية. والقوة العسكرية لا ترسي سلاماً. لذا لا بد من ان تسقط حكومة الائتلاف الصهيوني الاسرائيلي، وينهض الاسرائيليون الى الحل السلمي السياسي الذي يؤمن الاستقرار والأمن لدول المنطقة جميعها. دمشق - أحمد الحاج صحافي فلسطيني