باريس - "الحياة" - "الزلزال"، "الصدمة"، "السطو الانتخابي"، "قنبلة لوبن". لم يلزم الصحف الفرنسية أكثر من هذه العبارات المقتضبة للتعبير عما ساد فرنسا عقب صدور نتائج الدورة الاولى للانتخابات الرئاسية، والتساؤل عن اسباب بعث زعيم "الجبهة الوطنية الفرنسية" اليميني جان ماري لوبن بصفته اللاعب الرئيس في الحياة السياسية. ادانة الطبقة السياسية شكلت موضع اجماع في مختلف الصحف الفرنسية، "السياسيون جميعاً ابتعدوا عن المشكلات الفعلية للفرنسيين" كتبت "لا شارانت ليبر"، ما دفع الفرنسيين على حد قول "ليبراسيون" الى "المقامرة بالديموقراطية". ورأت "لا ديبيش دو ميدي" ان انتصار اليمين المتطرف يعبر عن "غضب بدائي وغريزي" وعن "رفض للسياسة المتحضرة" لأنها لا تتطابق مع مشكلات المواطنين. ولعب التركيز الذي شهدته الحملة على التدهور الأمني دوراً واضحاً في اعادة احياء اليمين المتطرف، فهذه المشكلة، تقول "ليبراسيون"، كانت النقطة الاضعف لدى المرشح جوسبان، وضم صوته الى صوت شيراك، في شأنها برأي الصحيفة "أغرق الحملة الانتخابية في الهوة المدببة للتدهور الأمني" ما ادى "الى تبديد حصيلة آراء جوسبان على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي". وأسفت "لا شارانت ليبر"، لما وصفته "باهتراء الحياة السياسية الذي سمح للوبن الظهور في مظهر السياسي البعيد النظر في حين انه رجعي وعنصري". ولاحظت "لو فيغارو" من جانبها ان الاحداث الدولية، بدءاً من تفجيرات 11 ايلول سبتمبر مروراً بانعكاساتها الداخلية على الوضع الفرنسي، وصولاً الى انعكاسات الوضع السائد في الشرق الاوسط، دفع الناخبين الى نوع "من الاسقاط على الوضع الامني المتردي في فرنسا" ما اتاح للوبن "الاستناد الى الواقع القائم" من "دون الحاجة لاضافة اي شيء عليه لتبرير طروحاته المبنية على رفض الآخر واعتباره مصدر تهديد والانطلاق في دعواته الهادفة الى الانطواء على الذات والتقوقع". ولا بد بعد ذلك من تحديد ملامح الصورة المستجدة لفرنسا عبر نتائج الانتخابات: "فرنسا القبيحة" تقول ليبراسيون، "فرنسا الهرمة" تقول "لا كروا"، "فرنسا المتشنجة والمجزأة" تقول "لا ديبيش دو ميدي". وما لا شك فيه ان هذه الديموقراطية، باتت عرضة للانتقاص، ما لم تحدث يقظة عامة واعادة صوغ شاملة للخريطة والمؤسسات السياسية في البلاد، وفقاً ل"ليبراسيون".