اطلق القرار 1405، الذي تبناه مجلس الأمن بالاجماع آلية لتشكيل لجنة "لتقصي الحقائق" في ما حدث في مخيم جنين. وطرحت الولاياتالمتحدة القرار على التصويت في مجلس الأمن ليل الجمعة - السبت بعدما كانت صباح اليوم ذاته تعارض أي تحرك في هذا الاتجاه. وأكد القرار "الحاجة الماسة إلى ضمان وصول الهيئات الطبية والإنسانية إلى المدنيين"، ورحب ب"مبادرة" الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الداعية إلى جمع معلومات دقيقة عما حدث في مخيم جنين عن طريق لجنة "لتقصي الحقائق" وطلبت إليه أن "يبقي مجلس الأمن على علم بذلك". وأعرب المجلس عن "قلقه للحالة الإنسانية الرهيبة للمدنيين الفلسطينيين، لا سيما أن التقارير الواردة في المخيم تفيد بوقوع عدد غير معروف من القتلى، فضلاً عن الدمار". ودعا إلى "رفع القيود المفروضة، ولا سيما في جنين، على عمليات المنظمات الإنسانية، بما فيها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ووكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى اونروا. وأكد "ضرورة أن تضمن كل الأطراف المعنية سلامة المدنيين واحترام قواعد القانون الدولي الإنساني المقبولة عالمياً". وقال السفير الأميركي جان نغروبونتي، في أعقاب جلسة التصويت: "انضممنا إلى مجلس أمن موحد ورحبنا بمبادرة الأمين العام اليوم بالتشاور مع السلطات الإسرائيلية التي عبرت عن الاستعداد للتعاون معه". وكان وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز أبلغ أنان استعداد إسرائيل لاستقبال وفد للاطلاع على ما حدث. وتوجه الأمين العام إلى مجلس الأمن بعدما أجرى اتصالات مع بيريز ووزير الخارجية الأميركي كولن باول، وتقدم بمبادرته لايفاد لجنة "لتقصي الحقائق". ووضع المجلس كل الصلاحيات، من الآلية إلى الفترة الزمنية في عهدة أنان. وعبر مندوب فلسطين الدكتور ناصر القدوة عن "التقدير" للأمين العام على المبادرة، ولمجلس الأمن على اهتمامه بالوضع الإنساني ودعمه القرار الذي ينطوي على "آلية واضحة، ترتبط بما حدث حيث ارتكبت جرائم حرب ووقعت مجازر فظيعة". وتابع "ان افراداً ارتكبوا هذه الجرائم ويجب تحميلهم المسؤولية ووضعهم أمام العدالة". وخص بالذكر رئيس الأركان شاؤول موفاز وقادة في قوات الجيش الإسرائيلي الذين "ارتكبوا جرائم الحرب". واعتبر القدوة ان "الاستنتاج المنطقي لهذا النوع من القرار" هو تشكيل هيئة لمحاكمة مجرمي الحرب على نسق محكمة يوغوسلافيا ورواندا وسييراليون. وقال إن القرار 1405 "خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح". ووصف المندوب العربي الوحيد في مجلس الأمن السفير السوري ميخائيل وهبة، مبادرة الأمين العام، بأنها "مهمة وشجاعة" ستكشف "ارتكاب الجيش الإسرائيلي جرائم لن تمضي بلا عقاب". وقال "ان المعنى القانوني لفريق تقصي الحقائق له ميزة فائقة الاهمية". وزاد ان "الخطوات العقابية" ستترتب على نتائج التحقيق ولم يستبعد اي اجراء، بما في ذلك السعي لفرض عقوبات على اسرائيل". واعتبر وهبة ان لمبادرة الأمين العام ومصادقة المجلس عليها في القرار 1405 "مغزيين"، هما "التحقيق في المذبحة التي ارتكبت في جنين، واجراء لمنع أية مذبحة تُرتكب لاحقاً، لأن العقل الشاروني عقل مجرم". واضاف: "قد تكون نتائج هذه التحقيقات هي الطريقة الى المطالبة بتشكيل محكمة لمحاكمة مجرمي الحرب لأن هذه الجرائم لا تقل خطورة عن الجرائم التي ارتكبت في البوسنة وكوسوفو ورواندا وسييراليون". رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري، السفير الروسي، سيرغي لافروف، قال: "هذا أول قرار ينطوي على آلية عملية، واجراءات قد تتخذ". وزاد ان فريق تقصي الحقائق سيكون "مستقلاً"، يحظى بتعاون الطرفين، اذ انه "من بالغ الاهمية استقصاء الحقائق لأخذ دروس منها تؤدي زيارات فريق تقصي الحقائق ليس فقط إلى الاطلاع على المعلومات فحسب، بل الى بناء الثقة المتبادلة". أما نائب السفير الاسرائيلي، آرون جاكوب، فنفى ارتكاب مجازر في جنين، وقال: "اسرائيل مستعدة للتعاون كاملاً مع أي جهد غير سياسي وحيادي لتطوير المعلومات الدقيقة حول ما حدث في جنين". وزاد: "يجب التحقق من كيف حدث وكيف ان مخيماً للاجئين أصبح مركزاً للارهابيين الفلسطينيين". وانتقد جاكوب مسؤولين دوليين من دون تسميتهم، اشارة إلى المفوض العام لوكالة "انروا" بيتر هانسن وممثل الأمين العام تيري رود لارسن وقال: "بعض مسؤولي الاممالمتحدة اطلقوا الحكم المسبق على الوقائع وقرروا الحكم قبل التحقيق، واني على ثقة ان الأمين العام سيأخذ ذلك في الحساب عندما يقرر من سيتولى التحقيق".