دعا الرئيس اللبناني العماد ميشال عون الحكومة الجديدة برئاسة زعيم تيار «المستقبل» سعد الحريري، إلى إعطاء الأهمية اللازمة لمكافحة الفساد، لأن الوزراء «مسؤولون عن إهمال التعاطي مع الفساد في وزاراتهم»، وبدأت لجنة من 7 وزراء يرأسها الحريري، شكّلها أول اجتماع عقدته الحكومة برئاسة عون أمس، على إعداد البيان الوزاري الذي ستطلب على أساسه الثقة من البرلمان. ووصل إلى بيروت ليل أمس، وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت حاملاً رسالة من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الرئيس عون سيسلمها إليه اليوم. وتوقعت مصادر مطلعة أن يوجّه إليه دعوة لزيارة رسمية إلى باريس، على أمل أن تستضيف الأخيرة اجتماعاً لدعم لبنان أثناء الزيارة. وفيما بدأت لجنة صوغ البيان الوزاري اجتماعاتها عصر أمس، بدا واضحاً أن أبرز تحديات الطبقة السياسية هو الموقف من قانون الانتخاب الجديد، الذي يفترض أن تجرى الانتخابات النيابية استناداً إليه الربيع المقبل، وسط تباعد في المواقف من اعتماد النسبية الكاملة كما يطالب «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري وحلفاء لهما، مقابل تفضيل تيار «المستقبل» و «اللقاء النيابي الديموقراطي» برئاسة وليد جنبلاط وحزب «القوات اللبنانية» وقوى أخرى، بصيغة مختلطة تجمع بين النظامين النسبي والأكثري. ولم يستبعد وزير الداخلية نهاد المشنوق عضو لجنة صوغ البيان الوزاري، أن ينجز قبل عيد الميلاد (الأحد المقبل)، وهو الأمر الذي إذا صح يعني إنجاز البيان في سرعة كبيرة قياساً إلى الخلافات التي كانت تتحكم بصوغ البيانات الوزارية للحكومات خلال العقد الأخير، نتيجة اتساع شق الخلاف بين المكونات اللبنانية منذ عام 2005. وأشار المشنوق إلى أن صيغة البيان ستتناول موضوع «المقاومة» وفق ما تضمنه خطاب القسم للرئيس عون ونص بيان حكومة الرئيس تمام سلام (لم يذكر العبارة الثلاثية التي يكررها حزب الله على الدوام، أي «الجيش والشعب والمقاومة»). وعلمت «الحياة» أن ممثل الحزب في اللجنة الوزارية لم يطالب بتضمينه هذه العبارة، واكتفى بالدعوة إلى التذكير بتحرير مزارع شبعا المحتلة. وفيما شدد عون في جلسة الأمس، على أن من مهمات الحكومة الرئيسة إقرار الموازنة وإجراء الانتخابات النيابية على أساس قانون جديد، باشرت لجنة ثلاثية مؤلفة من «المستقبل» و «حزب الله» وحركة «أمل» منبثقة من الحوار بين الفريقين الأولين الذي يرعاه بري، اجتماعات بعيدة من الأضواء أمس أيضاً، لمحاولة التوصل إلى صيغة مشتركة لقانون الانتخاب، وسط تعدد المشاريع المطروحة. ومن هذه المشاريع اقتراح سبق أن توافق عليه بري مع عون يقضي بتأهيل 3 مرشحين عن كل مقعد على مستوى القضاء (دائرة مصغرة) يختارهم ناخبو مذاهبهم على النظام الأكثري (على غرار ما سمي ب «مشروع القانون الأرثوذكسي» الذي لقي معارضة واسعة)، ليتنافسوا في مرحلة ثانية على مستوى المحافظة (الدائرة الموسعة) على النظام النسبي. وينتظر أن يكون إنجاز قانون الانتخاب الشغل الشاغل للطبقة السياسية في الشهرين المقبلين، لاسيما أن المهل القانونية لتنظيم الانتخابات باتت داهمة، لئلا تجرى على أساس القانون الحالي، الذي تعتبره أكثرية القوى، وخصوصاً المسيحيين، لا يؤمّن التمثيل الصحيح. كما أن التباين على قانون الانتخاب يعكس التنافس على الأرجحية في السلطة بين فريقين عريضين متباعدين هما «حزب الله» وحلفاؤه والموالون لمحور إيران-النظام السوري، مقابل «المستقبل» وحلفائه المناهضين لسياسة «حزب الله» وتدخلاته في سورية وغيرها من دول المنطقة، في شكل يعكس الصراع الإقليمي على القرار السياسي اللبناني. وعلى رغم التوافق الذي أفضى إلى انتخاب العماد عون رئيساً وإلى تشكيل الحكومة برئاسة الحريري، فإن التناقضات التي تحكم موازين الحكومة الجديدة ظهرت أول من أمس في جلسة الحوار بين «المستقبل» و «حزب الله»، إذ أثار ممثلو الأخير مسألة التصريحات التي أدلى بها الحريري ضد ما تتعرض له مدينة حلب، وانتقدوا اعتبار كتلة «المستقبل» ما يقوم به الحزب وإيران وروسيا في المدينة جرائم ضد الإنسانية، ورأوا أن كلام رئيس الحكومة جاء خارج سياق مناخ التوافق الذي يطغى في البلد. وفي اليوم الأول لبدء الحكومة الجديدة عملها، شهد مخيم عين الحلوة الفلسطيني تطورات أمنية صباح أمس، تمثلت بمقتل ناشط من تنظيم «عصبة الأنصار» الإسلامية لكنه عضو في حركة «فتح» في الوقت ذاته، ما أدى إلى اشتباكات بين مجموعات إسلامية وحركة «فتح» تسببت بمقتل رجلين أصيبا جراء إطلاق النار بين الجانبين. وتجددت الصدامات بالأسلحة الرشاشة عصراً.