"الحمد لله الذي اختار الخير لهذه الجماعة". بهذه الكلمات هنأ همام سعيد، أحد اقطاب التيار المتشدد في جماعة "الاخوان المسلمين" منافسه المحامي عبدالمجيد الذنيبات الذي حقق فوزاً صعباً في سابقة في تاريخ "الاخوان". عبدالمجيد الذنيبات، الذي جدد له للمرة الثالثة مراقباً عاماً ل"الجماعة"، فاز عبر الأوراق البيضاء، إذ حصل على أقل من نصف أصوات اعضاء مجلس الشورى 20 من أصل 41 مقابل 17 لمنافسة همام سعيد و4 أوراق بيضاء. ومع ان الصحافة اصطلحت على تسمية التيار المتشدد ب"الصقور" والمعتدل ب"الحمائم"، واضافت اليها تيار "الوسط الذهبي"، وأخيراً على هامش انتخابات مجلس الشورى "التيار الرابع"، إلا أن الخبراء في شؤون الجماعة ونشطائها يرون غياب الدقة في تلك المصطلحات والأوصاف. وان كانوا لا ينكرون وجود تجمع مغلق للتيار المتشدد يمكن اطلاق "الصقور" عليه. وهناك "تيارات متنوعة ومتحركة ليست مغلقة في ثنائيات الحمائم أو الصقور أو غيرها". ويستشهد الخبراء بالانتخابات الاخيرة لمجلس الشورى 41 عضواً الشهر الماضي والذي انتخب المكتب التنفيذي 7 أعضاء بمن فيهم المراقب العام ليلة أول من أمس. صحيح ان "الصقور" حشدوا إلى جانب استاذ الشريعة النائب السابق همام سعيد "لكن أكثرية مجلس الشورى كانت تتحرك باتجاه انتخاب مرشح ثالث غير همام وغير الذنيبات، وعبرت عن رأيها في الفوز الصعب للأخير". ويشير اعضاء في مجلس الشورى الى ان الأكثرية توصلت الى مرشح اجماع هو النائب السابق أحمد الكفاويين. وأعلن همام سعيد استعداده للانسحاب، لكن الكفاويين رفض ذلك، كما فعل آخرون "ما اضطر الأكثرية الى ايصال رسالة الى المراقب العام الجديد بضرورة مراجعة سياسات الجماعة السابقة". بدوره أكد الذنيبات، حسب مصادر في مجلس الشورى، أن فوزه "يعني انني الافضل فقد يقّدم المفضول على الفاضل". مشدداً على انه سيكون "مراقباً عاماً للجميع"، وهو ما يستدعي "الاستماع الى جميع الآراء والأخذ بها". وفي كلمته المرتجلة استعرض أبرز التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه الجماعة وبدأها بالاشادة "بصمود اخواننا في فلسطين"، داعياً الى دعمهم بالسبل كافة. وأشار الى الوضع العالمي المعادي للإسلام عقب تفجيرات 11 أيلول سبتمبر. أما على الصعيد الداخلي فتناولت كلمته التراجع الديموقراطي واستشراء مظاهر الفساد ومواصلة سياسة محاصرة وتجحيم الحركة الاسلامية. مطالباً ابناء الجماعة ب"صف موحد" لمواجهة تلك التحديات على رغم "اختلاف وجهات النظر". "الحياة" سألت يحيى شقره الذي أنتخب عضواً في المكتب التنفيذي، وهو من القيادات العريقة في الجماعة عن اسباب المنافسة غير المسبوقة في الانتخابات الاخيرة فأجاب "عندما تمسح النتائج عن لوحة الفرز تمسح معها الخلافات في وجهات النظر ويخرج الاخوان بأفضل ممّا دخلوا"، وأضاف: "توجد قيادة واحدة يجمع عليها الاخوان التعددية في الآراء لا في القيادة". المنافسة الحادة وازاها عزوف حاد من قيادة المكتب التنفيذي السابق للجماعة، والذي اتخذ ابرز قرارات الجماعة سواء ما خص مقاطعة انتخابات 1997 او التعامل مع تداعيات رحيل الملك حسين والعهد الجديد ، ومواجهة تحدي طرد قيادة حركة المقاومة الاسلامية "حماس" من الاردن واغلاق مكاتبها. لم يعد من تلك القيادة غير عبدالحميد القضاة عضواً في المكتب التنفيذي والمراقب العام عبد المجيد الذنيبات. ويتكون المكتب التنفيذي، وهو القيادة اليومية للجماعة من 7 اعضاء بمن فيهم المراقب العام ونائبه وأمين السر، وينتخب من بين اعضاء مجلس الشورى الذي تنتخبه القواعد. نائب المراقب العام السابق عماد ابو دية رفض الترشيح لعضوية مجلس الشورى، ورفض كل من جميل ابو بكر الناطق الرسمي وسالم الفلاحات عضو المكتب التنفيذي الترشيح لعضوية المكتب التنفيذي، بعد فوزهما بالتزكية في انتخابات الشورى. القيادي يحيى شقره وصف الثلاثة الذين رفضوا العودة لمواقع القيادة بانهم "من دعائم الحركة، واحترم مجلس الشورى رغبتهم بالعزوف عن الترشيح" منوهاً ب"جهدهم المقدر في خدمة الجماعة". الموضوع الاساسي الذي يشغل الاوساط السياسية الأردنية هو هل ستعدل الجماعة عن قرار المقاطعة الذي اتخذته عام 1997؟ يجيب شقره "كان من أسباب تقديم موعد انتخابات مجلس الشورى الرغبة في حسم الموقف من الانتخابات" وعن موعد الحسم؟ أجاب: "في أقرب اجتماع ممكن". القواعد الاخوانية أبدت ارتياحها، وكذلك الأوساط السياسية، إلى نتائج الانتخابات، التي عكست توافقاً على خط الاعتدال الذي يمثله المراقب العام الذنيبات. لكن عضواً في مجلس الشورى قال ل"الحياة": "رسالة الاعتدال فهمتها الحكومات المتعاقبة على انهاء رسالة اذعان". واضاف: "انتخاب همام سعيد وآخرين معروفين بالتشدد رسالة بأن الاعتدال مشروط وليس مطلقاً". وانتخب اضافة الى همام سعيد كل من النائب السابق أحمد الكوفحي وأحمد الزرقان، وهما أقرب الى خط التشدد "الصقور". وهو ما اعتبره القيادي "محاولة لتحسين شروط الاعتدال". وأكد العضوالذي فضل عدم ذكر اسمه على ان "الاعتدال الزائد للقيادة السابقة فتح الأبواب أمام مسلسل التراجع الديموقراطي واستمرار سياسة محاصرة الجماعة. وهذا يعني ان التشدد خيار إذا استمر تشدد الحكومات".