يتزايد القلق الروسي من احتمالات توجيه ضربة عسكرية الى العراق. وقال مصدر رفيع المستوى أمس ان استهداف بغداد سيكون "اختباراً لمتانة العلاقات بين موسكووواشنطن" وعلمت "الحياة" ان روسيا تحض العراق على "خلط الأوراق" الأميركية والاستفادة من المفاوضات مع الأمين العام للأمم المتحدة لاتخاذ "القرار المناسب في الوقت المناسب". وأكدت مصادر روسية مطلعة وصول 40 عنصراً من القوات الأميركية الخاصة الى شمال العراق، وتأمل موسكو أن يتحلى زعماء الأكراد بالحكمة ولا يتورطوا بعمل عسكري ضد بغداد. ونقلت وكالة "ايتار تاس" الرسمية عن ديبلوماسي روسي لم تكشف اسمه قوله ان واشنطن تعرف ان لدى موسكو "مصالح اقتصادية" في العراق وأنها ستتضرر في حال توجيه ضربة الى بغداد، لذا فإن إقدامها على مثل هذا العمل سيصبح "اختباراً لمتانة" العلاقات الثنائية. ولامت روسيا الجانب الأميركي لأنه يتهم العراق بسبب "الاشتباه" في حيازته أسلحة ممنوعة فيما الولاياتالمتحدة تغض الطرف عن أنظمة ... نفذت برامج نووية وصاروخية "لمجرد أن لها علاقات خاصة" معها. وعلمت "الحياة" ان روسيا تدرس مختلف السيناريوهات التي يحتمل ان تختار واشنطن واحداً منها للتعامل مع الملف العراقي. وفي مقدمها العمل العسكري الذي يميل الخبراء الى اعتباره الأرجح لكنهم يرون أن الولاياتالمتحدة لن تتسرع في تنفيذه وستتخذ القرار النهائي في ضوء معطيات كثيرة، منها احتمال تأزم الوضع في افغانستان وتطور الأوضاع على خط التماس الفلسطيني - الاسرائيلي. ويعتقد ديبلوماسيون في موسكو ان زيارة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني ومؤتمر القمة العربية في بيروت يستثمران، اميركيا، لقياس ردود الفعل المحتملة، الى جانب اتصالات واشنطن مع الأوروبيين ل"تليين" موقفهم. وفي حال قبلت سيناريوهات "الصقور" في القيادة الأميركية ستتمثل المرحلة الثانية في وضع آليات التنفيذ ويرجح أن يكون بينها اقناع الأتراك والأكراد بتحرك مشترك في اتجاه بغداد. وفي هذا السياق أكد مصدر روسي مطلع ان لدى موسكو معلومات عن وصول 40 عنصراً من القوات الخاصة الأميركية الى كردستان. ولكن المصدر قال انه يأمل بأن يكون لدى رئيس الحزب الديموقراطي الكردستاني مسعود بارزاني ورئيس الاتحاد الوطني الكردستاني جلال طالباني "ما يكفي من الحكمة" لعدم التورط في المخططات الأميركية. ويشير الخبراء الى احتمال ان يحاول الأميركيون اقناع قادة وامراء قطعات عراقية بالتحرك ضد النظام مع بدء الضربات الجوية والصاروخية. إلا ان الخبراء أنفسهم يؤكدون ان الولاياتالمتحدة تخطئ إذا وضعت آمالها في "حركة ضباط أحرار" فاعلة. ولم يستبعد القيام بعمليات "كوماندوز" موجهة ضد الرئيس العراقي وأركان حكومته، ولفت الانتباه ان الاسرائيليين كانوا تحدثوا عن استعدادهم ل"وضع خبراتهم" في مجال تصفية الكوادر الفلسطينية، رهن الاشارة الأميركية. ويرى مصدر عسكري روسي ان الولاياتالمتحدة قد تلجأ الى "توليفة" تضم عناصر من كل هذه السيناريوهات لكنه قال ان الأميركيين "لا يعرفون العراق مثلما نعرفه نحن من خلال خبرة طويلة" وفي ضوء ذلك استبعد "نزهة سهلة" للأميركيين في بغداد. ورفض ديبلوماسي روسي رفيع المستوى تحدثت اليه "الحياة" الخوض في احتمالات العمل العسكري وقال ان المطلوب حالياً هو "تخريب اللعبة الأميركية لا مناقشة احتمالاتها". وتابع ان اللقاء بين الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان ووزير الخارجية العراقي ناجي صبري "إذا لم يصبح شكلياً فإن نتائجه الايجابية قد تخلط الأوراق الأميركية". وأضاف ان العراقيين يعتقدون بأن الضربة حتمية سواء وافقوا على قبول المفتشين أم رفضوا، ورداً لحل هذه الحجة يدعو الديبلوماسيون الروس الى حرمان أميركا من "غطاء شرعي" وهم يرون ان الموافقة على عودة المفتشين تسحب مثل هذا الغطاء وحتى إذا أقدم الأميركيون على المجازفة العسكرية فإن غالبية دول العالم ستتهمهم باهمال "بديل فعلي وواقعي". وتخشى موسكو من أن تتأخر بغداد في اعلان قرار ايجابي وتصدره بعد فوات الأوان، وتحديداً بعد الاجتماعات التداولية التي سيعقدها مجلس الأمن الدولي في أيار مايو. ويلح الجانب الروسي على قبول "السلة" التي اقترحها وتنص على تعليق العقوبات ثم رفعها مقابل الموافقة على عودة المفتشين. وتؤكد موسكو ان "السلة" ليست هدفاً نهائياً بل مجرد أداة ويمكن تعديلها بالتفاهم مع بغداد. ورداً على سؤال ل"الحياة" عن احتمال ان يقبل العراقيون مبدأ "السلة" ويسلموا ورقتهم الأخيرة فيما سيرفض الأميركيون ويطالبون بتطبيق قرارات مجلس الأمن كما هي، قال ديبلوماسي رفيع المستوى ان هذا الاحتمال لا يمكن الغاؤه ولكن علينا ان نلعب ورقتنا". وذكر خبير شارك في المفاوضات المتعلقة بالقائمة ان روسيا تعمل ل"توسيع المسموح وتقليص المحظور" وتحرص في المقام الأول على استبعاد السلع الروسية من الممنوعات خصوصاً ان موسكو تتعاقد مع بغداد على معدات غالباً ما تمنع لجنة العقوبات تصديرها. ويشكو الروس من أن العراق "يتعامل سياسياً مع موضوع اقتصادي" وهم يرون ان "القائمة" ليست كما تعتقد بغداد تمهيداً لفرض مشروع "العقوبات الذكية". ، إلا أن مصدراً روسياً رفيع المستوى أشار أمس الى هذا الاحتمال، اذ نسبت اليه وكالة "ايتار تاس" الحكومية قوله ان المشاورات الروسية - الأميركية في شأن "قائمة السلع" لا ينبغي ان تستخدم "ستاراً للتحضير لضربة على العراق".