موسكو - "الحياة" - طلبت موسكو من القيادة العراقية تجميد العمل بقرار إلغاء عقود شركات نفطية روسية ودعت الى ايجاد "حل مقبول" للمشكلة. وعقد في العاصمة الروسية مشاورات بين خبراء اميركيين وروس حول "قائمة السلع المزدوجة"، اقترحت موسكو خلالها استبدال آليات تصدير السلع المدنية الى العراق بأخرى "أكثر مرونة". بثت وكالة "ايتار تاس" ان وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف بعث برسالة الى القيادة العراقية طلب فيها تجميد العمل بقرار إلغاء عقود شركة "لوك اويل" النفطية الروسية ودعا الى البحث عن "حل مقبول للمشكلة" عن طريق الحوار بين الجانبين. ونقلت الوكالة عن ايفانوف الذي كان يتحدث الى صحافيين روس في مانيلا ان الدعوة الروسية "صيغت بشكل حازم"، وقال انها ليست المرة الأولى التي تهدد فيها بغداد بإلغاء عقود نفطية بسبب تعطل العمل في ظروف الحصار الدولي المفروض على العراق، لكنه أشار الى ان موسكو ستواصل حماية مصالح الشركات الروسية. وكانت الخارجية الروسية اعربت في أول رد فعل رسمي عن أسفها لصدور القرار العراقي ووصفته بأنه لا يتوافق مع جوهر العلاقات الودية بين البلدين، ولاحظ بيان الخارجية ان هذه الخطوة جاءت في وقت تبذل موسكو مساع حثيثة لتخفيف حدة التوتر والبحث عن حلول سياسية للوضع حول العراق. وأكد ان روسيا ستواصل جهودها في هذا الاطار. ونفى رئيس مجلس الشيوخ الروسي سيرغي ميروتوف ان يكون موقف روسيا من الأزمة العراقية مرتبطاً بالعقود النفطية، وقال ان سياسة موسكو "ذات طابع مبدئي" وتقوم على ضرورة تنفيذ كل قرارات مجلس الأمن واعطاء المفتشين فرصة للإجابة عن السؤال الاساسي حول احتمال امتلاك العراق أسلحة دمار شامل، واستبعد ميروتوف موافقة موسكو على استخدام القوة ضد العراق حتى لو ثبت ذلك، وقال ان مهمة المجتمع الدولي عندئذ يجب ان تتركز على تدمير هذه الأسلحة. الى ذلك، عقدت في موسكو أول من امس مشاورات اميركية - روسية حول التعديلات التي اقترحتها واشنطن على قائمة السلع المحظور على العراق استيرادها. وذكرت مصادر ديبلوماسية روسية ان موسكو عرضت موقفها من اضافة سلع جديدة الى القائمة كما دعت الى ايجاد "صيغ اكثر مرونة" في آليات تصدير السلع المدنية الى العراق. واعتبر عدد من المحللين في موسكو أ ف ب ان قرار بغداد الغاء العقد مع شركة "لوك اويل" سيتيح للكرملين زيادة دعمه للولايات المتحدة في المواجهة مع العراق، بينما تسعى بغداد الى التقليل من اهمية الخلاف. وقال المحلل الروسي المستقل بافيل فلغنهاور ان "بغداد لم يعد لها مدافعين صلبين في موسكو" بعد قرارها إلغاء عقد استغلال احد أكبر الحقول النفطية القرنة الغربي-2 والذي كان وقع عام 1997 مع الشركة. واضاف ان "شركة "لوك اويل" هي التي كانت ترسم السياسة تجاه العراق في وزارة الخارجية وفي الكرملين". موضحاً أن "الكرملين كان يريد منذ زمن التخلي عن دعمه للعراق وهو الآن بات قادراً على بذلك". ومنذ الجمعة نقلت وكالة "ريا نوفوستي" عن مصدر حكومي روسي قوله ان موقف بغداد "يلغي أحد أهم أسباب معارضة تدخل عسكري ضد العراق". وهذا التهديد يؤكد ان النفط هو عامل اساسي في اللعبة السياسية في العراق وان اللوبي المدافع عن العراق في موسكو تلقى ضربة قوية. وجاء رد الفعل الرسمي الروسي الاحد أي بعد 72 ساعة على قرار إلغاء العقد. وفي موقف اكثر ديبلوماسية اعربت وزارة الخارجية الروسية عن الاسف للقرار العراقي وعن الامل بحل هذا الخلاف عبر التفاوض. وحتى قبل صدور الموقف العراقي الرسمي سعت بغداد الى الحد قدر الامكان من الاضرار. واعرب نائب الرئيس طه ياسين رمضان عن رغبة بغداد بالتعاون مع موسكو على رغم مسألة "لوك اويل" اثر لقاء تم مع السفير الروسي في بغداد. من جهته اعرب السفير العراقي في موسكو الاحد عن "اقتناعه العميق" بأن روسيا لن تتخلى عن دعمها للعراق. وقال عباس خلف: "ان روسيا بلد كبير وعضو دائم في مجلس الأمن له مصالح مهمة في المنطقة وفي ايران وفي الشرق الاوسط. وهو لن يغير موقفه من اجل بضعة براميل نفط"، الا انه لم يكن قادراً على تقديم تبرير لقرار بغداد. وحسب الخبير الروسي اندريه بيونكوفسكي فإن الرئيس العراقي "انفجر غضباً" عندما علم ان اتصالات تجري بين مسؤولين في شركة "لوك اويل" ومعارضين عراقيين في المنفى. واضاف بيونكوفسكي: "على أي حال فإن كل العقود العراقية مع شركات روسية وهمية، أي عبارة عن أوراق يلوح بها صدام حسين امام النخبة السياسية الروسية مدغدغاً نقطتي ضعف لديها: التوسع الامبريالي، ومناهضة الولاياتالمتحدة، على طريقة رئيس بيلاروسيا الكسندر لوكاشنكو". ومهما يكن فإن الخطوة الاميركية تساهم في توضيح الوضع. وحتى الآن فإن موقف موسكو، حسب تعبير بيونكوفسكي، كان موضع تجاذب بين "لوك اويل" الداعمة للعراق وبين مراهنة الرئيس فلاديمير بوتين على الولاياتالمتحدة. وحسب فلغنهاور فإن "لوك اويل" لم تكن قلقة فقد حصلت قبل عشرة ايام على ضمانات اميركية بالابقاء على عقدها بعد تغيير النظام في بغداد.