ما زالت فرنسا تكن كل الحب للآثار المصرية، خصوصاً الآثار الفرعونية، وما زالت المتون والمكتشافات الجديدة والقديمة في أرض الفراعنة تغذي نهم الشعب الفرنسي الذي يعتز ويفخر بأنه سبب فك ألغاز تلك الحضارة القديمة بفضل العالم الفرنسي الجليل فرانسوا شامبليون الذي لولاه ما عرف المصريون وشعوب العالم ما تتحدث به لغة هذه المتون، ومعاني تلك الاشارات وماهية هذه الرموز والعبارات، ولسار الزائرون بينها جاهلين يطوفون بطلاسم على جدران تاريخية. ولأن العطور تتخذ مكاناً عالياً في صرح الحضارة الفرعونية وبسبب ولع الفرنسيين بدنيا العطور، وافقت الحكومتان المصرية والفرنسية على اطلاق عبق مهرجان "عطور من مصر" في كل من القاهرةوباريس ومارسيليا في نيسان ابريل المقبل ليغطي كل مجالات المتون المتعلقة بالعطور والجماليات. عطور فرعونية اهتم المصريون القدماء بالعطور ومستحضرات التجميل سواء للنساء أو للرجال، واشتهروا بصناعتها وخصوصاً الزيوت العطرية والمستخلصات العطرية من الأزهار، وكانت شجرة اللبان من اهم المصادر العطرية التي يستعملها الكهنة في اثناء الطقوس الدينية. وتبين متون معبد ادفو كيف كانوا يصنعون العطور التي قد تصل الى مدة لا تقل عن ستة أشهر، وكان الصيادلة والاخصائيون يحملون الروائح العطرية والطيب في أوانٍ من البللور او المرمر او الزجاج الطبيعي. وشاعت في مصر الفرعونية مواد التجميل المعطرة حيث كانوا يدلكون أجسادهم أياماً عدة بعطر من زيت النفط سمي "سونتي" ومن البخور المسمى "أنتي" لإزالة العرق والرائحة الكريهة التي قد تنبعث من الجسم في فصل الصيف. ولم يقتصر الاهتمام على النباتات المصرية وانما وجهت الملكة حتشبسوت انظارها خارج مصر، وكانت البعثة التي أرسلتها الى بلاد بونت لجلب اشجار البخور من اشهر البعثات التي تفوح بأريج اهتمام أو شغف المصريين بالعطور. وتحكي نقوش الجدران روايات وحكايات عن العطور وتقول اشهرها: "عطور بعض الربات اقوى من عطور أية امرأة او ربة أخرى". وكانت العطور رمزاً للتبرج والرفاهية للنساء والرجال الذين كانوا يتعطرون، خصوصاً في الاعياد والولائم حيث يظهرون والعطور تتقطر منهم على جدران المتون. المهرجان العطري لذلك، أرادت مصر وفرنسا أن تجعل هذا المهرجان دروساً للجيل الجديد من المصريين والفرنسيين ليتعرفوا الى فنون العطر والجماليات في مصر الفرعونية حيث سيقام المهرجان في المتحف المصري والمتحف الزراعي ومتحف الفن القبطي ومتحف الفن الإسلامي والحدائق وبيوت القاهرة وقصورها، وفي متحف اللوفر في باريس، ومتحف الفيي شاريتيه في مارسيليا. وسيتعرف زوار المتاحف إلى تاريخ صناعة العطور في مصر الفرعونية وتطورها في مصر القبطية ومصر الإسلامية من خلال معارض للتراث، وورش للأطفال، وحفلات موسيقية، وأمسيات أدبية، ونزهات في حدائق القاهرة، ولقاءات حرفية، وبرامج تلفزيونية، وندوات عن "العطور ومستحضرات التجميل في مصر القديمة" و"العطور ومستحضرات التجميل في مصر القبطية" و"العطور ومستحضرات التجميل في العالم العربي الإسلامي". وسيتم عمل كتالوغات وكتيبات عن الزهور والعطور والنباتات باللغتين المصرية والفرنسية.