كانت لافتة موهبة الصبيّ المصري فارس المملوك (12 سنة) الذي تمكن من قراءة نصوص هيروغليفية معقدة، ما دفع متحف الآثار التابع لمكتبة الإسكندرية لتبنيه علمياً لكي يتمكن من إتقان اللغة الهيروغليفية بفروعها الأربعة، كونه يتقن فرعاً واحداً اليوم. بدأ فارس اهتمامه بالآثار المصرية منذ سن السادسة، وفق والده الفنان التشكيلي يسري المملوك الذي يقول: «لدى بلوغه سن التعليم الأساسي ظهر اهتمامه بالآثار المصرية، وتحديداً عقب مشاهدته فيلماً وثائقياً عن الملك الفرعوني توت عنخ أمون، فانبهر وتعلق فوراً بالحضاره المصرية القديمة، ونشأ في نفسه شغف البحث في الحضارة المصرية وآثارها وتراثها». عائلة فارس تلقّبه ب «العالم المصري الصغير» لشدة نهمه بالآثار المصرية، وفق الأب الذي قال إن ابنه أصبح لديه نهم للقراءة المتخصصة في الحضارة المصرية القديمة والتاريخ الفرعوني، من خلال الإطلاع على الكتب الموثوقة عبر الإنترنت أو المكتبات العامة. بل إنه توسع في الحصول على المعرفة من خلال زيارة غالبية المناطق الأثرية في مصر، في محافظتي الأقصر وأسوان (جنوب)، والأهرام الثلاثة في محافظة الجيزة، والمتحف المصري في محافظة القاهرة، ومتحف الإسكندرية القومي... ويضيف يسري المملوك: «من ضمن اهتماماته أنه بدأ بنفسه تعلم اللغة الهيروغليفية للتعرف على كل ما نقش وسجل في نصوص في مخططات أو على جدران المعابد والمقابر وأسطح التماثيل والألواح الحجرية المنقوشة». أثارت اللغة الهيروغليفية القديمة لدى فارس رغبة عظيمة في كشف ما تحمل من معانٍ، ودفعته إلى تعلمها لقراءة المخطوطات والمنقوشات بهذه اللغة التي تنقسم إلى أربعة فروع هي الهيروغليفية، الهيراطيقية، الديموطيقية، والقبطية، ولكل فرع الزمن الخاص الذي استخدم فيه كنمط للكتابة. وعن تميز فارس المملوك في الخطوط المصرية يوضح والده: «مثَّل الخط الهيروغليفي لدى فارس تحدياً عظيماً، ما جعله يركز على تعلمه في شكل دقيق، حتى امتاز في قراءته بطلاقة». يتلقى فارس تعليمه عن اللغة المصرية القديمة أسبوعياً على يد مدير متحف الآثار في مكتبة الإسكندرية حسين عبدالبصير، في مركز الخطوط الهيروغليفية، التابع للمكتبة. ويصف عبدالبصير تلميذه بقوله: «يجيد قراءة اللغة القديمة بطلاقة، ويعرف تاريخ مصر القديمة وآثارها بامتياز، منتهجاً في ذلك نهج العالم الفرنسي جان - فرنسوا شامبليون، الذي فك رموز اللغة المصرية القديمة في سن صغيرة، وكان فذاً، وأسس علم المصريات عام 1882». ويضيف: «الشاب الصغير عاشق للحضارة المصرية القديمة وقارئ نهم في هذا المجال، ويملك معلومات وفيرة عن الأسر الفرعونية والملوك والديانة والآلهة والتحنيط والآثار وتفاصيلها، إضافة إلى عشقه ودراسته اللغة المصرية القديمة والكتابة الهيروغليفية». ويؤكد عبدالبصير أن متحف الآثار يرعى هذه الموهبة المصرية المبشّرة بوضع برنامج تعليمي لفاري، كما تجري الآن مخاطبة الجهات المعنية، حتى يمكن تقديم أفضل ما لديهم لمساعدة هذه الموهبة، بحيث تحقق المرجو منها في خدمة مصر وآثارها.