حقق المطرب التونسي صابر الرباعي نجاحاً واسعاً خلال السنوات الأخيرة بفضل موهبته ولجوئه إلى الجمع بين الاغاني المعاصرة والطرب العربي الأصيل. ويتذكر جمهوره له دائماً الكثير من الأغاني ويرددها معه ومنها "ع اللي جرى" و"خلص تارك". "الحياة" التقته في حوار شامل. هل تعتقد ان عمرك الفني يوازي نجوميتك وجماهيريتك؟ - أنا أؤمن أن كل شخص يأخذ نصيبه، فربما لو ذاع صيتي قبل عشر سنوات لما كنت أقنعت الجمهور كما أقنعه اليوم، ربما كانت تجربتي لا تكفي لأواصل سنوات أخرى، فأظن أن لكل وقت في حياة الفنان أهميته، ومرور زمن على تجربة الفنان يعطيه المساحة الكافية للنضج الفني على نار هادئة، وللقيام بخطواته وأعماله بتأن وتخطيط جيد. لا استطيع أن أقول انني لم آخذ وقتاً كافياً لأبلور أعمالي، كما لا استطيع ان أقول انه فاتني الزمن. قال لي أكثر من شخص لماذا تأخر ظهورك، ولكن ما أعتقده انني ان قدمت فني منذ عشرة او خمسة عشر عاماً، ربما ما أخذت المكانة التي حققتها اليوم، وربما نضجت مواهبي على نار هادئة واختياري الوقت المناسب لتقديم أعمالي هو الذي ساهم في نجاحي النسبي حالياً. منذ متى بدأ ظهورك كمطرب؟ - منذ العام 1985 بدأت أغني في البرامج التلفزيونية مع المذيع التونسي الراحل نجيب الخطاط، وكان سنداً كبيراً لي، ثم بدأت كمحترف، وبدأ الناس يعرفونني منذ تسعينات القرن الماضي. لماذا توقف الفيلم الذي كنت تنوي تمثيله مع ليلى علوي ومنى زكي؟ - لا يوجد فيلم، ولن أقوم بتمثيل فيلم. أنا لم أعط موافقتي على تمثيله مطلقاً وقرأت في الصحف انني اتفقت في شكل نهائي على تمثيل الفيلم وهذا كان مفاجأة، والحقيقية ان كل ما حدث انني كنت في جلسة تعارف مع الفنانة ليلى علوي والمنتج محمد حسين رمزي والمخرج عمرو عرفة، ولكنني لم اعط موافقة لأنني أعتقد أن الوقت ما زال مبكراً على الخوض في تجربة السينما، فعلي أن ابرز نفسي كموسيقي في البداية لئلا يكون للتثميل رد فعل معاكس او سلبي لما حققته كمطرب. ولكن السينما عادة تخدم المطرب وتوسع انتشاره ونجوميته؟ - بالطبع، والباب مفتوح دائماً، لكنني لا أعتقد ان الوقت حان لخوض التجربة بعد. خلق عرض الفيديو التلفزيوني لأغنية "عاللي جرى" مع أصالة رد فعل جيداً، فهل تفكر في تكرار تجربة الدويتو مع مغنية أخرى؟ - الفكرة واردة جداً ولكن ما زلت ابحث عن النص الملائم من ناحية وأيضاً حتى تهدأ موضة الدويتو، ففي اعتقادي أن الدويتو ليس مجرد حماسة لفكرة وانما اختيار النص الذي سيغنى أهم من فكرة غناء دويتو، فالنص هو الجزء الأهم. تلعب مصر دوماً دوراً مهماً في نجومية المطربين والفنانين العرب وانتشارهم، هل تفكر في الاستقرار في القاهرة؟ - أحضر الى مصر مرات عدة خلال السنة، ولكنني مستقر في تونس. المسافات الآن لم تعد طويلة، ساعات وأكون في مصر، كل ما أحتاج اليه وجود حجز على متن الطائرة. المهم أن أكون موجوداً في مناسبات كبرى، فمن الممكن ان أكون أعيش في مصر وليس لي وجود فاعل وحيوي في مصر. وأحياناً أمضي الشهر في مصر وأحقق حضوراً في دار الاوبرا وهذا يخدمني لسنوات عدة. كما ان بعدي النسبي من مصر يضعني في حال شوق وهذا مهم ايضاً. المهمّ هو الفنّ كيف بدأ مشوار صابر الرباعي الموسيقي والفني؟ - بالمصادفة، على رغم أنني درست الموسيقى وحصلت على الماجستير من معهد الموسيقى العربية في تونس - قسم العزف على آلة العود، ومثلت تونس في الكثير من المهرجانات الدولية والفرنكوفونية، وشاركت ثلاث مرات في مهرجان قرطاج ومهرجان الاغنية التونسية ومهرجان الموسيقى العربية العام 1996 وكانت كلها محطات مهمة في تاريخي الفني. هل تميل الى الاغنية التونسية خصوصاً، أم الاغنية العربية أو التراثية؟ - أنا أغني ما أقتنع به، وهذا لا يتعارض مع أدائي الاغاني التي تمثل شخصيتي ووطنيتي كتونسي، وأحاول في الاساس ان أقنع المستمع بما اغني بصرف النظر عن هوية الاغنية، تونسية كانت أو لبنانية أو خليجية أو مصرية، المهم إقناع المستمع بما أغني من خلال النص والأداء واللحن. هل تلحن للآخرين أم تكتفي بتلحين أغانيك؟ وما الاغاني التي لحنتها بنفسك؟ - ألحن لنفسي فقط، مثل "مزيانة" و"البديل" و"كلمة" و"يعيشك" و"عاللي راح"، ومجموعة كبيرة من الألحان. أي من النشاطين يحظى بتركيز اكبر منك: الغناء أم التلحين؟ -الاثنان ولا استطيع إلغاء واحد من اجل الآخر فطالما انهما في الجو الفني نفسه في النهاية الناتج أنك تقدم أعمالاً موسيقية سواء لحنتها بنفسك وغنيتها او أخذت ألحاناً من الآخرين. ما المراحل الفنية التي مر بها صابر الرباعي وماذا اكتشف فيها؟ - في التسعينات كان اكتشاف صابر الملحن من خلال مجموعة من الأغاني ربما لم تصل الى الوطن العربي، ولكن أخيراً أعيد صوغها، وفي المرحلة الثانية أصبح صابر اكثر تجربة ونضجاً فنياً. والفترة الحالية وهي المرحلة الثالثة تميزها اختيارات اخرى، اختيارات اجتماعية اكثر منها عاطفية، والسنوات المقبلة ستحفل بمواضيع واختيارات أخرى. أي من الفنانين أثَّر في تكوينك الفني وماذا تعلمت منه؟ - أنتمي الى مدرسة محمد عبدالوهاب في الغناء، واستفدت من ذكاء عبدالحليم في اختيار أعماله وأدائها، وتعلمت من أم كلثوم الثبات على المسرح، وقوة الصوت والحضور وما زالت الدروس المستفادة تؤثر فيَّ وتساعد في تطويري فنياً. مَنْ هم الملحنون الذين قدموا لك ألحاناً أكثر ملاءمة لصوتك؟ - وليد سعد وحمدي صديق من مصر، واللبناني مروان خوري والموسيقار الكبير عبدالرب ادريس من السعودية وتفهموا صوتي واكتشفوا مساحات فيه وقدموا لي ألحاناً أبرزت هذه المساحات وكانت ملائمة للغاية لطبيعة صوتي وأدائي. هل تؤثر اعادة توزيع الأغاني التراثية في قيمتها الفنية؟ - اذا قدمت الاغنية في شكل جيد واعيد توزيعها في شكل لا يخل بمضمونها الفني وقيمتها الفنية فلا يؤثر التوزيع في هذه الحال في الاغنية وانما يضيف اليها عنصر الحداثة والعصرية، خصوصاً ان الفنان يضيف ايضاً اسلوبه وشخصيته الى أداء الاغنية، فيعيد احياء "الغنوة" ولكن بأسلوب وطريقة جديدين. كيف يصل المطرب الى العالمية برأيك؟ - لا بد للمطرب من ان يحافظ على هويته وخصوصيته، خصوصاً حين نتكلم على المطرب العربي ولا يمنع هذا من وصولها الى العالمية من خلال نقل اللحن الشرقي ومعاني الكلمات الى اللغات الاجنبية وغنائها باللغات الاجنبية، وأنا شخصياً لي تجربة في هذا حين شاركت في مهرجان الاغنية الفرنكوفونية في باريس وغنيت باللغتين الانكليزية والفرنسية، ولاقت اغانيَّ العربية نجاحاً كبيراً، خصوصاً ان الجمهور تمكن من فهم الأغاني المغناة بلغته الاصلية.