يحرص الفنان التونسي صابر الرباعي على أن يقدم للجمهور العربي فن بلاده في شكل عصري مركزاً على الجانب الطربي. وجديده "خلص تارك" يتضمن مجموعة من الأغنيات التي توالف بين الأصالة والحداثة في إطار من الرومانسية التي عودنا عليها المطرب المثقف. "الحياة" التقت الرباعي وكان هذا الحوار: نلاحظ في ال CD الجديد انه قليل التنوع بخلاف ما عودتنا عليه؟ - المواضيع هي التي حتمت عليّ ذلك سواء لجهة اللحن أم التوزيع أم الاداء التي اختلفت قليلاً عن الماضي، إذ ركزت على الكلمات والموضوع ورأيت انه من واجبي أن آخذ معي الناس الى الخط الذي أحبوني فيه وأن أمشي معهم حتى النهاية. هل ترى ان الطرب هو الأقرب الى الناس؟ - طبعاً، يبقى اللون الرومانسي الشعبي الطربي الأهم بالنسبة إلي لأني عندما أقول الكلمة أحس بالآه تطلع معها من الجمهور. بعض المطربين يعتمدون على موضة إدخال تقنية الآلات على الصوت، هل يحاول صابر الرباعي الابتعاد منها ليؤسس لنفسه خطاً خاصاً؟ - أنا أعتبر ان هذه ليست موضة بقدر ما هي حال أو استسهال وتبليغ شيء كفكرة ولكنها لا تُعتمد على المسرح لأنها ستكشف الحقيقة. وأنا أحاول قدر الإمكان أن أكون واقعياً ومنطقياً لأن حياتي هي المسرح وليست "الكاسيت"، فإذا استعملت تقنية معينة أو اعتمدت توسيع الصوت، لا أستطيع تقديمه على المسرح فينكشف الضعف، لهذا السبب قدمت شريطي الأخير ضمن حفلة توقيع أحييتها على المسرح وغنيت شريطي الجديد وبعضاً من قديمي حتى يسمعني الجمهور مباشرة. شهد العام 2001 زخماً كبيراً في المهرجانات التي نلت خلالها جوائز عدة، فهل تعتبر ان الجوائز هي أهم من الحفلات؟ - أظن ان كل حفلة لها وقعها وتأثيرها في حياة الفنان وهي التي تعطيه الحظ أو توضح مساره الفني وتقوّم العمل الذي قدمه من خلال حضور الجماهير وتجاوبها معه، وان كل حفلة أقدمها تكون عندي هي الجائزة المتميزة بحضور الجمهور. ما هي الجوائز الفعلية؟ - نلت جائزة نادي المواهب، وفي تونس جائزة افضل مبيعات والاسطوانة الذهبية عن الأغنية التونسية، والميكروفون الذهبي عن أغنية البحر الأبيض المتوسط في ايطاليا. وإضافة الى هذه الجوائز اعتزّ بوقوفي على مسرح قرطاج ثلاث مرات كان أولها عام 1994، وهي الجائزة المعنوية المهمة جداً بالنسبة الى كل مطرب عربي. لحنت لنفسك فهل ترى أنه من الضروري أن تختار ألحاناً تحس بها أو تفضل اللحن الجاهز؟ - لا، أبداً لأنني اذا لم أحس بالكلام لا أستطيع ان ألحن، أحياناً أقرأ كلاماً وألحنه ثم أعطيه لغيري ليلحنه وبعدها أقارن بين اللحنين والأقرب والأحسن نعتمده. هل أعطيت لحناً من ألحانك لأي مطرب آخر؟ - حتى الآن لم أعط أي لحن لغيري، فقد لحنت لنفسي حوالى 30 في المئة من أغانيَّ، علماً ان بعض المطربين طلب ألحاناً لكنني كنت أرفض دائماً. فالوقت ليس مناسباً لأن أكون ملحناً، مع العلم انني درست الموسيقى. شريط "سيدي منصور" أحييت فيه أغاني التراث التونسي وفي الشريط الأخير كان الجمهور ينتظر أن يتضمن أغنية ثانية من التراث التونسي، لماذا لم تقدم أغنية تونسية؟ - لم أكرر التجربة حتى لا يقال إن صابر اعتمد على التراث "ليمشّي حاله" وأريد في كل عمل جديد الاعتماد على إبداعي الشخصي، وليس على التراث، مع العلم أن التراث جميل جداً، في العمل المقبل قد أدخل اغنية من التراث، ولكن لدي شخصيتي وموهبتي وفكري وابداع معين يجب أن يظهر الى الناس، مثل أن أغني النمط التونسي والايقاع التونسي والجملة التونسية والمقام التونسي ولكن بطريقة عصرية وليس تراثية. في أغنية "علّي جرى" التي غنيتها لعُليّة التونسية كان هناك ارتجال على المسرح بينك وبين المطربة اصالة، والحفلة سجلت، ولكن لماذا لم تسجل الأغنية في الاستوديو؟ - أظن اننا لو أخرنا طرح الأغنية فمن الممكن ألاّ تتمتع بالحيوية نفسها. كان الأمر جميلاً عندما ارتجلناها على المسرح. منذ نحو سنة قلت ان هناك مشروع دويتو مع المطربة اصالة. أين هو؟ - كان من المفروض ان نغني أغنية "الأب" ولكن المطربة أصالة اعتذرت في النهاية لأسباب خاصة بها هي، وفكرة الدويتو ما زالت موجودة وليس بالضرورة ان تطبق مع المطربة أصالة. هل عندك مشروع دويتو آخر؟ - لدي فكرة عمل مع المطربة ذكرى وأيضاً مع المطربة أنغام، وتحقيق الفكرة مرتبط بظروف الفنان وبالنص وبالعمل بحد ذاته، لأن مشكلة التأخير ليست مع الفنان بل هي مشكلة ادارية، مثلاً أن تكون المطربة مرتبطة مع شركة انتاج وأنا مرتبط مع شركة أخرى، قد يحصل خلاف بين الشركتين على من سينفذ العمل. وهنا يوجد الاختلاف بوجهات النظر، ولن أتعمق في الموضوع أكثر. سمعنا أخيراً أنه عرض على صابر الرباعي بطولة فيلم سينمائي، فأين أصبح هذا العرض؟ - رفضته لأنني أحسست بأن الوقت غير مناسب لذلك، فأنا أحتاج الى نضوج على صعيد السينما وهذا يتطلب وقتاً، فقد أخذت وقتي حتى وصلت الى النضج الغنائي والموسيقي الذي أنا فيه. بعض المطربين اتهم الاعلام التونسي بأنه متحيز للفنان التونسي، هل هذا صحيح؟ - أبداً، الاعلام التونسي غير متحيز لأحد ويستضيف التلفزيون التونسي مطربين غير معروفين في بلادهم ويعطي الفنان الفرصة ليطل على الناس وليبرهن عن نفسه ويثبت جدارته عبر التلفزيون، والاعلام التونسي حريص على الفنان العربي بقدر ما هو حريص على اعلامه ويقدمه لجمهور ناقد لا يرحم من لا يمتلك الموهبة. وأود أن أقول ان أي مطرب عربي يتقاضى أجراً في تونس أكثر أربع مرات من بلده. وهذا دعم بحد ذاته، المهم أن يستغل المطرب هذه الفرصة نحو الأفضل.