عمان، بروكسل - أ ف ب - دخلت العقوبات المشددة التي فرضها الاتحاد الاوروبي ضد النظام السوري، وتمنع أي استثمار جديد في القطاع النفطي وتزويد البلاد بالقطع النقدية والاوراق المالية، حيز التطبيق أمس السبت بعد نشرها في الجريدة الرسمية الاوروبية، فيما اعتبر تجار ان حظر الاستيراد الذي أعلنته الحكومة السورية الخميس أحدث صدمة في مجتمع الاعمال في البلاد، وتوقع بعضهم أن يلحق مزيداً من الاضرار. وجاء في نص القرار الاوروبي الذي نشرته الجريدة أمس: «من أجل تأمين فعالية التدابير الواردة في القرار الحالي، يدخل هذا القرار حيز التطبيق فوراً بعد نشره». واتخذت دول الاتحاد ال27 الجمعة هذه القرارات بسبب «استمرار الحملة الوحشية للنظام السوري ضد شعبه»، كما قالت وزيرة الخارجية الاوروبية كاثرين اشتون. وسيضاف شخصان وست شركات الى لائحة العقوبات الاوروبية التي تتضمن تجميد أرصدة ومنع تأشيرات الدخول. وباتت العقوبات تستهدف بالاجمال 56 شخصاً و18 شركة. وذكرت وزارة الخارجية الفرنسية الجمعة، ان الشخصين المستهدفين هما وزيرا العدل والاعلام السوريان. وشملت العقوبات وزير العدل تيسير قلا عواد «لأنه أيد سياسات وممارسات التوقيف والسجن التعسفي»، اما وزير الاعلام عدنان حسن محمود فقد استهدف لانه ساهم في «السياسة الاعلامية» للنظام السوري. ومن الشركات الست المعاقبة، ثلاث يملكها رامي مخلوف، ابن خال الرئيس السوري بشار الاسد، الذي يعاقب بصورة فردية منذ تموز (يوليو)، وهي «شام هولدينغ اول شركة قابضة في سورية تستفيد من سياسات النظام وتؤيدها»، وشركة «صروح» التي تمول استثمارات في الصناعة العسكرية السورية، وشركة «سيرياتل» للاتصالات التي «تدفع 50 في المئة من ارباحها الى الحكومة عبر عقد الاجازة»، كما يقول الاتحاد الاوروبي. وفي ما بدا دليلاً على تأثر الاقتصاد السوري بالعقوبات الاقتصادية ذكر رجال أعمال سوريون أمس ان الحكومة فرضت حظراً على استيراد معظم السلع المصنعة في الخارج عدا المواد الخام والحبوب في خطوة تهدف الى المحافظة على احتياطات العملة الصعبة. وأوضح أحد التجار في دمشق ان الحكومة قررت الخميس الماضي حظر جميع الواردات التي تزيد رسومها الجمركية على خمسة في المئة، مما يعني كل البضائع الاجنبية من الاجهزة الكهربائية الى السيارات والسلع الفاخرة. لكن القرار يستثني المواد الخام الضرورية للصناعات المحلية اضافة الى مشتريات القمح والحبوب التي تقوم بها الدولة لتلبية الاستهلاك المحلي. وكان وزير الاقتصاد والتجارة محمد نضال الشعار أعلن الخميس ان الحكومة قررت تعليق استيراد السيارات وبعض الكماليات بهدف المحافظة على احتياطي العملات الصعبة ، موضحاً ان هذه القرار جاء «في اطار اتخاذ الاجراءات الوقائية لحماية الاقتصاد الوطني وحماية المنتجات المحلية». وقال التجار ان حظر الاستيراد أحدث صدمة في مجتمع الاعمال في البلاد، ويتوقع أن يزيد الضغوط التضخمية ويلحق مزيداً من الاضرار بثقة الشركات المتأثرة سلباً بالفعل من جراء الاضطرابات. وقال تاجر سيارات في منطقة السبع بحرات التجارية بدمشق طالباً عدم كشف هويته «لا يوجد بيع أو شراء. والوضع سيّء حتى أن التجار ورجال الاعمال لا يبيعون نقداً أو بالائتمان. أسعار البضائع الاجنبية الموجودة ستقفز». وحذر رجل أعمال آخر في حي الحلبوني في العاصمة «هذه الخطوة لن تسفر الا عن زيادة الوضع سوءاً وعدم اليقين»، لافتاً الى أن المستثمرين والتجار يتخذون موقف الانتظار والترقب. وقال: «انهم يقبضون أيديهم ولا يشترون أي بضائع بل يجلسون وينتظرون، لكنهم ليسوا في حال ذعر حتى الآن». وقال رجال أعمال ان الاقتصاد يواجه ضغوطاً في سوق الصرف مما قد يستنزف الاحتياطات الاجنبية التي كانت تقدر بنحو 18 بليون دولار في وقت سابق هذا العام. ويقول اقتصاديون ومصرفيون ان الاحتياطات تتراجع مع قيام البنك المركزي بضخ العملة الصعبة لوقف تراجع سعر صرف الليرة السورية في السوق السوداء. ولفت تجار الى تأثر الاقتصاد السوري سلباً جراء العقوبات الدولية لا سيما حظر صادرات النفط السورية الى الاتحاد الاوروبي، فضلاً عن تراجع الاستثمار الاجنبي بدرجة كبيرة. وتوقع صندوق النقد الدولي الاسبوع الماضي أن ينكمش الاقتصاد السوري اثنين في المئة هذا العام بعد أن كان يتوقع نمواً نسبته ثلاثة في المئة في نيسان (ابريل).