أقر مستشار الرئيس السوداني للشؤون السياسية الدكتور قطبي المهدي بأن حكومته مكنت الأجهزة الأمنية الأميركية من التحقق في شأن شكوك تتصل بتنظيم "القاعدة" الذي يتزعمه اسامة بن لادن، ونشاطاته الاستثمارية. وقال في حديث الى "الحياة" ان الفريق الأمني الأميركي الذي بدأ مهمة في الخرطوم قبل اكثر من 18 شهراً حصل على معلومات مباشرة من السلطات الأمنية السودانية عن اتهاماته وشكوكه، وتوصل الى اقتناع بعدم إيواء السودان عناصر ارهابية أو على صلة بأي جماعة تعتبرها واشنطن ارهابية. وكرر نفي بلاده ابرام صفقة مع الولاياتالمتحدة بتسليمها ارهابيين او لوائح أو منحها تسهيلات عسكرية. وعن المعلومات الرائجة في الخرطوم في شأن أبعاد التعاون الأمني بين السودان والولاياتالمتحدة، أوضح المهدي ان "الحوار الأمني بين الجانبين بدأ عقب ضرب مصنع الشفاء للأدوية عام 1998، لكن ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون، خصوصاً وزيرة الخارجية مادلين اولبرايت ومساعدتها للشؤون الافريقية سوزان رايس، عطلت الحوار الذي استؤنف لاحقاً بطريقة هادئة". وعزا المعلومات الرائجة عن حجم التعاون الى بروز نتائجه بصورة مفاجئة بعد الهجمات التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة أخيراً، اذ كان كثيرون يتوقعون ان يستهدف السودان. وأكد انه "لا توجد أي صفقة في هذا التعاون لأن الحوار السياسي لم يبدأ بعد بصورة جدية"، مشيراً الى ان المبعوث الرئاسي الأميركي جون دانفورث لم يزر السودان بعد. ورأى ان رفع العقوبات الدولية عن بلاده، وسحب ادارة الرئيس جورج بوش مشروع قانون معروض أمام الكونغرس اسمه "قانون السلام في السودان" يشمل تقديم دعم مالي للمعارضة، ويعاقب شركات النفط العاملة في البلد "مؤشر الى علاقات خالية من التوتر والمواجهات بين الخرطوموواشنطن". وأوضح ان السودان "لا يزال على اللائحة الأميركية للارهاب وتفرض عليه الولاياتالمتحدة عقوبات اقتصادية منذ العام 1997". وأبدى تفاؤلاً حذراً بمستقبل العلاقات بين البلدين، لافتاً الى ان "المستقبل غير مضمون في التعامل مع اميركا في ظل نشاط اللوبي الصهيوني والأصولية المسيحية". وتابع: "إذا تعاملت الولاياتالمتحدة معنا في اطار مصالحها القومية وليس مصالح مجموعات الضغط، فإننا مطمئنون الى علاقات جيدة". وعن مخاوف بعض قوى المعارضة من أن تدير الحكومة السودانية ظهرها للمصالحة الوطنية، في حال تحسن علاقاتها مع واشنطن قال مستشار الرئيس السوداني ان المعارضة كانت "تعتمد على عداء بعض الدول للخرطوم في سبيل الحصول على تسهيلات ودعم. وهي قلقة من أن يؤدي تحسن العلاقات الخارجية للبلد الى فقدانها دعماً". وأكد ان حكومته "ماضية في مساعي الوفاق" واعتبر ان "تحقيق تقدم نحو إقرار تسوية سياسية رهن بمواقف الأطراف الأخرى". وزاد: "نستغل الفرص المتاحة بحكمة للوصول الى وفاق وسلام عادل، وفي حال نبذت المعارضة الخارجية العنف وأقرت وقف النار ستتاح للأحزاب حرية ممارسة نشاطها، وتوسيع هامش الحريات". وعن مستقبل علاقة الحكومة مع حلفائها السابقين في حزب المؤتمر الوطني الشعبي بزعامة الدكتور حسن الترابي، قال المهدي: "العقدة في العلاقات أحدثتها مذكرة التفاهم التي وقعها الحزب مع الحركة الشعبية لتحرير السودان. وكانت السلطة تأمل بتراجع قيادة الحزب عن المذكرة لكنها مضت نحو تطويرها الى اتفاق ما زاد تعقيد الأمور". وذكر أن مساعدي الترابي الذين اطلقوا اخيراً لم تكن لهم مسؤولية مباشرة عما حدث، ورأى ان الباب مفتوح للحوار والتفاهم في حال زوال الحواجز بين الطرفين.