شييع آلاف الأفغان في وادي بنجشير شمال كابول امس، القائد احمد شاه مسعود المتحدر من هذه المنطقة وبطل المقاومة الافغانية للاجتياح السوفياتي. وتعهد الرئيس برهان الدين رباني بالقضاء على "طالبان" وحلفائها، ووقف الى جانبه نجل مسعود البالغ من العمر 13 عاماً والقائد الجديد للقوات الافغانية الجنرال فهيم. وادي بنجشير افغانستان، باريس - أ ف ب، رويترز - تجمع آلاف من الأفغان على جانبي الطرقات في منطقتي بوزاراك وجانغالاك وبدت عليهم علامات التأثر لدى مشاركتهم امس، في تشييع "اسد بنجشير" الذي توفي اثر تعرضه لهجوم انتحاري الاحد الماضي. ولف نعش مسعود بالعلم الاخضر والابيض والاسود لحكومة الرئيس برهان الدين رباني التي كان وزيراً للدفاع فيها. ووصل النعش بطائرة هليكوبتر من اقليم تخار شمال شرقي حيث توفي مسعود اول من امس. وحاول مئات الاشخاص الاقتراب من النعش او رشقه بالازهار وسط صيحات التكبير. وحضر مراسم التشييع الى جانب رباني، خلف مسعود على رأس قيادة قوات المعارضة الجنرال فهيم. وتوسطهما محمد نجل مسعود البالغ من العمر 13 عاماً الذي تعهد متابعة القتال ضد "طالبان". وقال محمد مسعود بصوت حازم امام الحاضرين الذين اغرورقت عيونهم بالدموع: "أريد فقط متابعة نهج والدي وتحقيق استقلال بلادي". واضاف: "كان احد اهداف والدي ان يكون شهيداً وهو حقق ذلك لكن ليس في الوقت المناسب". وخلّف مقتل مسعود فراغاً كبيراً في التحالف المناهض ل"طالبان". وكان مسعود الطاجيكي الاصل الذي توفي عن 48 عاماً، دافع عن بنجشير في مواجهة غزو الجيش السوفياتي بين 1979 و1989 وحال دون سقوطها امام "طالبان" منذ استولت الاخيرة على كابول عام 1996. ورفعت الاعلام السود على كل منزل وسيارة تقريباً في المنطقة، اضافة الى صور له ويافطات تحيي بطولته. وكتب تحت احدى الصور: "انت في قلب كل افغاني، لقد حطمت قلوبنا بوفاتك". ولدى توقف النعش امام المنزل المتواضع لمسعود، ألقى رباني كلمة شن فيها هجوماً على حركة "طالبان" وحلفائها الرئيسيين باكستان وأسامة بن لادن. وقال ان "طالبان تخضع لسيطرة بن لادن وهي من صنع باكستان"، مضيفاً: "سيتم القضاء عليهم ان شاء الله". وعلت الاصوات عبر مكبرات للصوت تنادي: "الموت لباكستان والموت لطالبان والموت لأسامة... سنحارب من أجل الحرية حتى النهاية". ودارت في المنطقة تكهنات تربط بين اغتيال مسعود والاعتداءات على الولاياتالمتحدة، خصوصاً ان "طالبان" وبن لادن اتهما بالتواطؤ في الهجوم الانتحاري. وكان ابرز الغائبين عن مراسم التشييع من التحالف المعارض: عبدالرشيد دوستم الزعيم من اصل اوزبكي الذي يتخذ من اقليم بلخ الشمالي مقراً له، واسماعيل خان الحاكم السابق لاقليم هراة الغربي. وأدى رجل دين الصلاة على الجثمان بمكبر الصوت من آلية عسكرية ثم نقل النعش الى عربة مدفع تجرها آلية عسكرية. وانطلق الموكب الى قرية ساريشا في وسط بنجشير. ووجه البرلمان الاوروبي وروسيا وبريطانيا رسائل تعزية بمقتل مسعود. وكان مسعود التقى القادة الاوروبيين في خطوة ديبلوماسية نادرة له خارج افغانستان في وقت سابق من السنة الحالية. وكان مسعود يعتبر بمثابة العقبة الاخيرة امام سيطرة "طالبان" على كل انحاء افغانستان. تجمّع باريس وفي باريس، تجمع حوالى 300 شخص بينهم رئيسة البرلمان الاوروبي نيكول فونتين اول من امس، تكريماً لذكرى مسعود. وشارك في التجمع عدد من رجال السياسة الفرنسيين وبينهم رئيسة منظمة لحماية البيئة "جينراسيون ايكولوجي" بريس لالوند وريشار كازيناف، نائب من التجمع من اجل الجمهورية ورئيس المجموعة البرلمانية المكلفة شؤون افغانستان. وبعدما ربط المشاركون في شكل مباشر بين الاعتداء على مسعود والاعتداء على مركز التجارة العالمية في نيويورك، طلبوا من الديموقراطيات الغربية وبينها فرنسا، ان تساعد المقاومة الافغانية التي تحمل السلاح ضد "طالبان". وقالت شكيبة هاشمي، رئيسة جمعية "افغانستان حرة" ان "الارهابيين انفسهم هم الذي اعتدوا على مسعود ونفذوا الاعتداء على الولاياتالمتحدة". وقالت بريس لالوند: "امتنعنا عن مساعدة مسعود وها هو بن لادن يحل مكانه لأننا رفضنا مساعدته". وقالت رئيسة البرلمان الاوروبي التي استقبلت مسعود في الربيع الماضي خلال زيارته لأوروبا، انها تعتزم التوجه في نهاية تشرين الاول اكتوبر الى الخليج للتحذير من المخاطر التي تشكلها "طالبان" على المنطقة وتطلب "مساعدة الاسلام المعتدل".