ديربان جنوب افريقيا - ا ف ب، رويترز، ا ب - في ختام اليوم الاول لمؤتمر الاممالمتحدة لمناهضة العنصرية في ديربان امس، طغى سجال حول "تراجع" الرئيس ياسر عرفات عن إدانة اسرائيل والصهيونية، وتكهنات باحتمال تراجع وزير الخارجية الاميركي كولن باول عن قرار عدم حضوره المؤتمر. طرفا السجال كانا الوفد الفلسطيني والقس الاميركي داعية حقوق الانسان جيسي جاكسون الذي اعلن بعد اجتماع استمر ثلاث ساعات مع عرفات ان الاخير وافق على سحب إدانته لاسرائيل والصهيونية من مسودة مشروع إعلان ديربان. وقلل الوفد الفلسطيني من تصريحات جاكسون مشدداً على ان لا تعديل في الموقف من إدانة ممارسات الدولة العبرية، علماً ان عرفات في كلمته امام المؤتمر حمل بعنف على "عقلية التمييز العنصري والتهجير والتطهير وفرض المستوطنين على الشعب الفلسطيني" راجع ص 5. وعرض جاكسون وثيقة من ثماني صفحات مكتوبة بخط اليد، وقعها عرفات تشير الى ان الوفد لن يدعم لغة تساوي الصهيونية بالعنصرية، ويقر بواقع الدولة العبرية واستمرارها، ولا يدينها كدولة عنصرية، ويعترف ب"الهولوكوست" المحرقة النازية ضد اليهود كأسوأ جريمة في القرن العشرين .واقر وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني نبيل شعث بكتابة الوثيقة، مشيراً الى انها لا تتعهد عدم السعي الى إدانة "ممارسات اسرائيل" بوصفها "عنصرية". وعلم ان جاكسون اجرى اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية الاميركي ليبلغه التوصل الى تلك "التسوية"، فيما ذكر احد مساعدي داعية حقوق الانسان ان الوقت ليس متأخراً لحضور باول المؤتمر، على رغم خفض واشنطن مستوى تمثيل وفدها. ودان عرفات في كلمته امام المؤتمر "التصعيد العسكري" الاسرائيلي معتبراً ان "الفظاظة والعنف نابعان من عقلية استعلاء وعقلية تمييز عنصري، وتهجير للسكان وتطهير وفرض المستوطنين يومياً على شعبنا". وزاد :"ان شعبنا الفلسطيني المعذب الذي يواجه هذه المعاملة، والاستعمار والتمييز العنصري ينتظر من المؤتمر ان يقف الى جانبنا والى جانب العدل والشرعية الدولية التي تدوسها الآن الحكومة الاسرائيلية بالارجل. شعبنا استنكر باستمرار شتى الممارسات العنصرية التي استهدفت اليهود عبر التاريخ المعاصر". واستدرك ان "الاعتداء المتواصل الذي تقوم به الحكومة الاسرائيلية ضد شعبنا لا يهدف كما تدعي الى ضمان امن اسرائيل وشعبها". وبدا واضحاً التنسيق الاميركي الاسرائيلي في المؤتمر، والذي أكدته الاذاعة الاسرائيلية امس مشيرة الى ان رئيس الوزراء آرييل شارون قرر خفض مستوى تمثيل الدولة العبرية في ديربان بالتنسيق مع الخارجية الاميركية. وأرسلت الوزارة وفداً يرأسه نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية مايكل ساوث ويك، الذي احتل مقعده كمشارك في المؤتمر امس. لكن مسؤولاً في الوزارة اكد امس ان تعليمات أُعطيت لساوث ويك بعدم الكلام. وقال: "هناك شخص من الادارة يجلس على مقعد في المؤتمر ولكن ليس بالضرورة ان يشارك، وهو لن يتكلم. نحن نراقب، واعتقد ان هذا هو الوصف الدقيق الذي يمكن ان أطلقه" على المندوب الاميركي. وكانت اسرائيل أوفدت الخميس نائب وزير الخارجية ميخائيل مالكيئور ليرأس وفدها المؤلف من 12 شخصاً، لكنها أعلنت امس خفض مستواه على رغم وجود مالكيئور في ديربان، حيث اعلن "ان المدير المساعد لقسم المنظمات غير الحكومية في وزارة الخارجية موردخاي يادي هو الذي يرأس الوفد". وزاد ان خفض التمثيل "يعبّر عن شكوكنا في المؤتمر". وكانت كل من الولاياتالمتحدة وكندا واسرائيل اعلنت ان سبب خفض مستوى وفودها الى المؤتمر "لهجة معادية لاسرائيل" في مسودة الاعلان الختامي. ولا تساوي المسودة الصهيونية بالعنصرية، لكنها تنص على ان "الاحتلال الأجنبي القائم على المستوطنات شكل جديد من اشكال التفرقة العنصرية وجريمة ضد الانسانية". وسيناقش حوالى ستة آلاف وفد من 130 دولة اعلاناً للمبادئ وخطة عمل لمكافحة العنصرية وحماية حقوق الأقليات العرقية في العالم. وكان أنان أشار في كلمته الافتتاحية الى النزاع في الشرق الاوسط قائلاً: "كان الشعب اليهودي ضحية لمعاداة السامية في أجزاء من العالم، وفي اوروبا كان ضحية لمحرقة النازي … منتهى الكراهية. يجب عدم نسيان تلك الحقيقة او التقليل منها". واضاف: "مع ذلك لا يمكننا ان نتوقع ان يقبل الفلسطينيون هذه المحرقة كمبرر للتغاضي عن المساوئ التي تعرضوا لها، من تشريد واحتلال وحصار وقتل من دون محاكمة". ووصف رئيس جنوب افريقيا ثابو مبيكي الفقر الذي يرزح تحت وطأته "الملونون والسود" في القارة الافريقية بأنه نتيجة للاستعباد والاستعمار.