ظهرت أمس في دمشق مؤشرات الى "اتجاه" لاغلاق "سجن تدمر العسكري"، وإلى قرب حصول تغيير حكومي واسع بعد انتهاء الدراسات على 400 مرشح لشغل مئة منصب تشمل وزراء ومديرين عامين. وقال معتقلون سياسيون سابقون ل"الحياة" ان السلطات السورية "افرغت سجن تدمر العسكري وسط البلاد تمهيداً لاغلاقه نهائياً"، كما حصل مع سجن المزة العسكري في تشرين الثاني نوفمبر الماضي. وأوضح أحد المعتقلين أن نحو 500 معتقل سياسي نقلوا الى سجن صيدنايا قرب دمشق على دفعتين، ونقل في الاولى 284 معتقلاً في نهاية تموز يوليو الماضي، ونقل الباقون في الثانية قبل ايام، وذلك "تنفيذاً لتوجه رسمي نحو اغلاق السجن". ولم تنف مصادر رسمية وجود "اتجاه كهذا"، لكنها تكتمت على موعد حصول هذا القرار الذي يصدره الرئيس الاسد، علماً بأن المصادر الرسمية كانت حرصت على القول ان قرار اغلاق "سجن المزة العسكري" حصل في عهد الرئيس الراحل حافظ الاسد وتم تنفيذه بأمر من الدكتور بشار. ويعتقد مراقبون أن اغلاق سجن تدمر "يساهم في شكل كبير في تحسين صورة سورية الخارجية" وان ذلك يأتي في اطار "الصورة الجديدة" التي يسعى الرئيس الاسد الى تقديمها عبر اصلاحات اقتصادية وزيارات الى دول اوروبية ستشمل قريباً ايطاليا وبريطانيا وبروكسيل بعد المانيا وفرنسا. وكانت "اللجنة العربية لحقوق الانسان" اعلنت ان السلطات الامنية السورية "انهت عملية نقل كبيرة للسجناء السياسيين من سجن تدمر تمهيداً لإعلان اغلاقه رسمياً في الذكرى السنوية لتسلم الرئيس الراحل الحكم في 16 تشرين الثاني نوفمبر العام 1970"، علماً بأن منتدى لحقوق الانسان شكله المحامي خليل معتوق في نهاية العام الماضي، كان أول من دعا الى "اغلاق السجن سيئ الصيت". كما ان الناطق باسم "لجان الدفاع عن حقوق الانسان في سورية" المحامي اكثم نعيسة كتب في نيسان ابريل الماضي في اول تقرير سنوي يوزع في البلاد منذ عقود عن وضع حقوق الانسان ان سجن تدمر "يتميز باعتباره السجن الأكثر سوءاً من حيث معاملة السجناء وهو رمز الظلم والقسوة والقهر في تاريخ سورية الحديث والمعاصر، حيث كانت تمارس فيه في مرحلة ليست ببعيدة ضروب التعذيب المختلفة والبشعة التي شكلت الخبز اليومي للسجناء"، لافتاً الى أن معلومات أفادت أن "تحسناً بدأ في معاملة السجناء في العام 1992 وتكرس التحسن في العام 1999 مع زيادة الاهتمام باوضاع السجناء الغذائية والصحية وتوقفت عمليات التعذيب اليومية من دون الاهانة الحاطة بالكرامة". وقال المحامي نعيسة ان اغلاق السجن "سيكون ذا دلالة عميقة وايجابية حقاً". ويتفق سجنا المزة الدمشقي وتدمر الصحراوي على عودة تاريخهما الى فترة الانتداب الفرنسي والحكم العثماني وبأنهما يتبعان الى الاستخبارات العسكرية، لكن الأول اشتهر بأن زعماء البلاد السياسيين مثل الرئيس الراحل نور الدين الاتاسي وصلاح جديد والرئيس الأسد امضوا فترات مختلفة فيه، في حين ان سجن تدمر اشتهر بقسوة التعذيب فيه ومرور مسؤولين وكوادر في "حزب العمل الشيوعي" والجناح العراقي ل"البعث" وعناصر في "حزب التحرير الاسلامي" و"الاخوان المسلمين". ومن السجناء البارزين المهندس مروان حديد رئيس "الطليعة المقاتلة" الجناح المتشدد في "الاخوان المسلمين" الذي توفي في مستشفى السجن العام 1976. وهناك اعتقاد بأن الدكتور رفعت الاسد اعطى اوامر لقتل بين 500 و750 شخصاً من "الاخوان المسلمين" في 27 حزيران يونيو 1980 بعد يوم واحد من محاولة "الاخوان" اغتيال الرئيس الراحل في وسط دمشق، لكن الدكتور رفعت نفى ذلك اخيراً. ويسعى الصحافي نزار نيوف الى ملاحقة الدكتور رفعت قضائياً في اوروبا على هذه العملية، لكن مراقبين يأخذون على نيوف اثارته موضوع ملاحقة قياديي "الاخوان المسلمين".