بيروت - "الحياة" - غيّب الموت البطريرك السابق لطائفة الروم الكاثوليك مكسيموس الخامس حكيم عن 93 عاماً بعد معاناة مريرة مع المرض. ووافته المنية، ظهر امس، في مستشفى قلب يسوع، بعد حياة حافلة بالتجارب والمحطات التاريخية. ولد عام 1908 في مدينة طنطا في مصر ودرس في القدس وسيم كاهناً عام 1930، وتولى إدارة الكلية البطريركية في القاهرة ثم انتخب أسقفاً على أبرشية عكا وحيفا والناصرة وسائر الجليل عام 1943. واهتم ببناء المدارس والكنائس وأنشأ مجلات ومياتم عدة. انتخب عام 1967 بطريركاً للروم الكاثوليك، ونشط الحياة الإكليركية منذ عام 1970 في دمشق، وجدد مقر البطريركية في لبنان الربوة، وأنشأ مجلساً أعلى للطائفة عام 77 اهتم بشؤونها السياسية والاجتماعية. وقام بمشاريع اعمارية عدة لمصلحة نشاطات اجتماعية وتربوية. عاش مراحل الحرب اللبنانية متنقلاً بين المناطق اللبنانية خصوصاً ان مقر البطريركية التاريخي في بلدة عين تراز دمر اثناء حرب الجبل عام 1983، إثر الاجتياح الإسرائيلي للبنان. أدى دوراً نشطاً في جهود انهاء الحرب، سواء في اللقاءات الروحية أو السياسية، في الداخل والخارج، وكان يتمتع بعلاقات واسعة فيه، عربياً ودولياً. وبقي حكيم البطريرك الآتي من القدس، والذي استقال من منصبه البطريركي عام 2000 بسبب شيخوخته، على علاقة جيدة مع القيادات الفلسطينية والسورية والمصرية، إضافة الى الفاتيكان والدول الأوروبية وأميركا. ووصف بأنه بطريرك عربي لمواقفه الجريئة في عدد من القضايا. ومن أقواله تعليقاً على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل: "إذا كان لها من اثر فهو انها فككت الوحدة بين الشعوب العربية". و قال: "كمسيحيين عرب لا شيء يخيفنا في الثورة الإسلامية...". وعن القدس، قال: "هي قضية المسلمين العرب وغير العرب فلا يغترّ اليهود بموقف العرب اليوم عام 1979. ان المسيحيين والمسلمين لن يتركوا القدس ولو ظاهرت الدنيا كلها اليهود في موقفهم". وقال عام 1994: "إذا غلط الفاتيكان وسلم القدس فلن نسير معه... نحن احرار في المسائل السياسية. إسرائيل تريد جر الفاتيكان لنيل الاعتراف منه في شأن القدس". وغالط الرئيس السابق امين الجميل بعد اتفاق 17 ايار، فقال العام 1984: "قبل اتفاق العرب مع إسرائيل لا يستطيع المسيحيون ان يدافعوا عن مبدأ التفاهم مع إسرائيل...". وقال: "هناك خطر على وجودنا المسيحي في لبنان والرئيس الجميل تأخر في التوجه الى سورية". واعتبر بقاء الفلسطينيين في لبنان مقدمة لمشكلات، ودعا الى حل لهم غير التوطين. وأيد اتفاق الطائف لأنه "الحل النهائي في الوقت الحاضر ولا رجوع عنه". ورفض ان تكون ضمانات المسيحيين من الخارج، مطالباً بأن تكون من ضمن القوانين والدستور. وكان يردد منذ العام 1980 ان "لا توطين ولا تقسيم ولبنان سيتجه نحو السلام". وقال، أواسط التسعينات، ان الإحباط "ليس موجوداً لدى كل المسيحيين. فالكاثوليك ليسوا محبطين. هو موجود لدى الطائفة المارونية". وأعلن ان الخلاف الوحيد بينه وبين البطريرك الماروني نصر الله صفير كان في شأن الانتخابات النيابية عام 1992 إذ كان هو مع إجرائها في مقابل تأييد صفير لمقاطعتها. وينتظر اركان الطائفة في بيروت عودة البطريرك غريغوريوس لحام من اللاذقية ليعلن مراسم دفن الراحل الكبير.