أكد وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني الدكتور نبيل شعث أن الاتحاد الأوروبي يبحث اليوم جدياً إمكانية اتخاذ موقف من عملية السلام مختلف عن الذي لعبته الدول الأوروبية حتى اليوم، ولا يغضب الولاياتالمتحدة ويستطيع أن يتحمل نتيجة الابتزاز الإسرائيلي بشكل معقول. وأضاف: "يتميز هذا العمل بتبني المشروع المصري _ الأردني، والضغط على الإسرائيليين وحلفائهم لقبول هذا المشروع وتنفيذه. وثانياً، الضغط على الإدارة الأميركية لقبول حماية دولية للفلسطينيين. وثالثاً، العودة إلى اجتماعات الدول الموقعة على اتفاقيات جنيف من أجل فرض عقوبات على إسرائيل على أن تكون هذه العقوبات محدودة وتتركز أساساً على صادرات المستوطنات إلى أوروبا، مكتفين بمثل هذه العقوبات في هذه الفترة، تاركين العقوبات الأكبر مثل وقف العمل بالاتفاقية التكنولوجية الموقعة مع أوروبا لفترة لاحقه، أو ربما وقف كل الاتفاقات التجارية السارية مع أوروبا كسلاح مستقبلي. وأخيراً العودة إلى تقديم دعم مادي كبير للشعب الفلسطيني. وهذه هي أهم عناصر توجه العمل الأوروبي الذي يتم بحثه اليوم. وكان شعث يتحدث ل"الحياة" خلال زيارته إلى لندن في جولة أوروبية زار خلالها السويد وفنلندا والنروج وبلجيكا وفرنسا والمملكة المتحدة. ورداً على سؤال حول ما قاله وزير الخارجية الفرنسي هوبير فيدرين من أن بلاده تتوقع حروباً محدودة ولكن حتمية في المنطقة، أجاب وزير التخطيط الفلسطيني: "الواقع أن الوزير الفرنسي فيدرين وغيره من المسؤولين الأوروبيين قلقون بالفعل من إمكانية توسيع رقعة الصراع في المنطقة. وتصعيد العدوان الإسرائيلي قد يعني أن ما حدث في مزارع شبعا قد يتكرر وترد إسرائيل بضرب سورية، وهذا سيفجر الصراع على الساحتين اللبنانية والسورية وينعكس في صورة رفض شعبي عربي، مثل ما حصل عند قيام الانتفاضة، وهذا بدوره سيضغط على الحكومات العربية بما في ذلك الخليجية، وعلى مواقفها، ومن ضمنها الموقف العربي تجاه العراق وسيؤدي الى تغيير معادلة العمل الديبلوماسي في المنطقة، وسينعكس موجة عداء للغرب وأهدافه. وهذا ما حصل إلى حد ما في السابق حين أغلقت 13 سفارة أميركية في المنطقة وضربت البارجة الأميركية في اليمن. وأضاف شعث: "الواقع أن الخوف الأوروبي مبرر، وكولن باول لم يكن ليتدخل لإخراج الإسرائيليين من غزة بعد ساعات من دخولها لولا هذا القلق". وتعليقاً على ما قيل عن امكانية اضطرار السلطة الفلسطينية للعودة الى تونس، قال شعث: "هذا غير وارد اطلاقاً، والواقع انه ليس هناك أي قائد أو مسؤول فلسطيني مستعداً ان يغادر فلسطين بإرادته، هم يستطيعون اعتقالنا وقتلنا، وهم يحاولون ضرب السلطة ورموزها، ولكننا لن نغادر أرضنا". واعتبر شعث إمكانية الوصول إلى حل سلمي للقضية الفلسطينية في عهد حكومة ارييل شارون أمراً شبه مستحيل "فإسرائيل بقيادة شارون لا تريد إلاّ وقف النار من الجانب الفلسطيني، ولا تريد أي ربط بين وقف إطلاق النار والحل السياسي، كما أنها لا تريد التوقف عن بناء المستوطنات. وهي اليوم غيرت موقفها قليلاً، وتقول أنها تقبل بوقف إطلاق النار من الجانبين، شرط أن لا يكون مربوطاً بالحل السلمي أو وقف الاستيطان، وهذا ما صرح به وزير الخارجية شمعون بيريز عندما قال: "نوافق على المبادرة ولكن شرط أن لا نوقف الاستيطان وألا يفرض سقف زمني لإعادة البدء بالمفاوضات". وأضاف شعث: "قد يكون السقف الزمني الذي يريدونه عشرين سنة أو خمسين. ولكن هذين الشرطين ينسفان الجانب العملي من المبادرة ولن نقبل أبداً بهذه الشروط. وهذا يعني أن المبادرة اليوم لا تزال رهينة للرفض الإسرائيلي، علماً أن الدول الأوروبية تبنتها بالكامل، وقد قال كولن باول أنها اللعبة الوحيدة الموجودة اليوم". وأكد الدكتور شعث أيضاً أن الأميركيين لم يحددوا حتى الآن موعداً لزيارة الرئيس ياسر عرفات الى واشنطن للقاء الرئيس جورج بوش "والواقع أن الأميركيين لم يقولوا نعم لهذه الزيارة ولم يقولوا لا. ولكن لم يحدد موعد لها حتى اليوم". وشدد شعث على التوافق الكامل بين القيادة الفلسطينية والشعب الفلسطيني، وقال: "الواقع أن الرئيس الفلسطيني لا بد وأن ينظر له على أنه رئيس شعب ورئيس حكومة مقيد تقييداً كبيراً بالتزام التوافق مع شعبه حول السياسة التي تتبعها هذه الحكومة. وهذا الالتزام والتوافق اليوم يعنيان استمرار الانتفاضة الى ان يتوقف العدوان الإسرائيلي، توطئة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وهذه الانتفاضة هي التوجه الشعبي الواضح، سواء لفتح أو القوى المعارضة الأخرى. وهذا التوافق الشعبي يشمل أيضاً عدم الاستسلام للإرادة الإسرائيلية. وإيقاف الانتفاضة مرهون بتحقيق مطالبها وأسبابها. ومن هذه الأسباب الاستيطان وتهويد القدس واستمرار الاحتلال وعدم تنفيذ الاتفاقات والعودة إلى مفاوضات جادة تحقق هذه المطالب ضمن جدول زمني محدد تكون نهايته حتماً زوال الاحتلال. وأبو عمار وقيادته على اتفاق تام مع شعبه حول هذه الأهداف وهذه الانتفاضة مع أنه قد يختلف معهم في وسائل وأدوات الانتفاضة، مثل استخدام الهاون. ولكن هذه مواضيع تكتيكية لا تمس الجوهر. ومن المؤكد أن أبو عمار لن يطلب من شعبه وقف الانتفاضة إلاّ بما يتماشى والتوافق الشعبي، وفقط إذا ما حصل توافق سياسي للوصول إلى الأهداف التي ذكرت، وحتى اليوم لم يصل أبو عمار إلى أي اتفاق مع الجانب الإسرائيلي، يمكن أن يحصل عليه توافق شعبي".