عاد الحديث في الجزائر عن خلافات داخل أجهزة الحكم. ودافع قريبون من أجهزة صنع القرار عن اللواء "توفيق"، مدير الاستخبارات العسكرية، الذي ذكرت صحيفة محلية انه يستعد لترك منصبه. قلل مصدر جزائري مطلع من أهمية أنباء ترددت عن قرب تنحي مسؤول جهاز الاستعلامات والأمن الاستخبارات العسكرية اللواء محمد مدين المدعو "توفيق" بسبب مزاعم عن خلافات بينه وبين ضباط في الجيش. وكانت صحيفة "الوطن" تحدثت أول من أمس عن إمكان استقالة "توفيق". ونسبت صحيفة "النصر" الحكومية أمس إلى مصادر رسمية، أنه لن يحصل أي تغيير في الأجهزة العسكرية، وتحديداً الأمنية. وقال المصدر القريب من مسؤولين فاعلين في أجهزة صنع القرار إن المعلومات عن قرب تنحي اللواء توفيق عديمة الصحة. وأضاف ان "بقاء الجزائر اليوم ضمن خريطة الدول يعود أساساً إلى صرامة كبار العسكريين ووقوف الشعب الجزائري ضد الإرهاب حينما كان بعض الناس موجودين في الخارج". ويبدو ان المصدر يُلمح الى الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي كان خارج الجزائر عندما بدأت المواجهات مع الجماعات المسلحة سنة 1992. وتحدثت مصادر مطلعة في السابق عن نية اللواء "توفيق" ونائبه اللواء إسماعيل العماري مدير مكافحة التجسس التقاعد بعد تولي بوتفليقة رئاسة الجمهورية في نيسان أبريل 1999. لكن يبدو ان تطورات الوضع وبعض تصريحات رئيس الجمهورية عن المؤسسة العسكرية وسياسة الدولة في التعامل مع الجماعات المسلحة، دفعت المسؤولين الأمنيين إلى تأجيل تنفيذ رغبتهما في التنحي. وكان الرئيس الجزائري أبدى استياء من مدير الاستخبارات في تصريحات أدلى بها في نهاية آذار مارس خلال زيارته ولاية ورقلة الصحراء الجزائرية. إذ تحدث عن "صاحب السيجارة". وكان واضحاً انه يقصد "اللواء توفيق". وقال: "في كل مرة يخلق لي مشاكل، ارحموا هذا الشعب ولتأخذك به شفقة". وكان وزير الدفاع السابق اللواء المتقاعد خالد نزار قال في حوار نشرته مجلة "لوفيغارو ماغازين" الفرنسية السبت، إن سياسة الوئام المدني ليست من صنع الرئيس بوتفليقة. وقال إن دور الأخير كان تنفيذ الاتفاق الذي أجراه اللواء إسماعيل العماري مسؤول مكافحة التجسس مع قيادة "الجيش الإسلامي للإنقاذ". ويلاحظ أن هذه التطورات أتت بعد أيام فقط من إقالة بوتفليقة خمسة من كبار العسكريين مثل المستشار للشؤون العسكرية الجنرال حسن بن جلطي المدعو "عبدالرزاق" والجنرال زغلول مدير الاتصالات والعقيد عبدالجليل مدير الأمن الوقائي. وكان بوتفليقة أقال، في الخريف الماضي، مدير الأمن الرئاسي العقيد عبدالنور مصباح يدعي "العقيد صادق" ويتبع مباشرة لمدير الاستخبارات العسكرية بسبب خلاف شديد بينه وبين السعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر لرئيس الجمهورية، الذي يشغل منصب مستشار في الرئاسة. وبادر العسكريون إلى ترقية "العقيد صادق"، مطلع تشرين الثاني نوفمبر الماضي، إلى رتبة جنرال مع إحالته على التقاعد. إلى ذلك، طالبت جمعيات عائلات المفقودين اللواء خالد نزار ب"رفع الغطاء عن هذه المأساة الوطنية وكشف مصير آلاف الشباب الذين اختطفتهم قوات الأمن والجيش" خلال المواجهات ضد الجماعات الإسلامية المسلحة. وعبر ممثلو حوالى ستة آلاف شخص في رسالة نشرت، مساء الاثنين، عن اقتناعهم بأن "أبناءنا خطفتهم قوات الأمن والجيش وفي بعض الأحيان برفقة رجال المقاومة". وكان اللواء نزار غادر الجزائر إلى باريس، مساء الأحد. ويُتوقع أن يعرض اليوم كتابه الجديد "الجزائر: تقويض الانحدار المبرمج" الذي يروي فيه معلومات عن إدارة المواجهات ضد عناصر الجماعات المسلحة.