قالت مصادر مطلعة في الجزائر أن قيادة المؤسسة العسكرية أبلغت رئاسة الجمهورية تحفظاتها عن بعض الأسماء المرشحة لتولي مناصب رفيعة في عهد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة. وأوضحت ان مسؤولين في قيادتي الأركان يرأسها الفريق محمد لعماري والإستخبارات يقودها محمد مدين المعروف ب "توفيق" أكدوا للرئاسة ان المؤسسة العسكرية تتحفظ عن تعيين جنرالات متقاعدين في مناصب في الجيش. تقول مصادر جزائرية أخرى ان بوتفليقة يرغب، على ما يبدو، في إسناد منصب رفيع للجنرال المتقاعد العربي بلخير الذي كان أحد الذين عملوا بفاعلية، من وراء الستار، من أجل وصوله الى الرئاسة في نيسان ابريل الماضي. وكان بلخير ابتعد عن الأضواء بعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد في 1992، بعدما شغل منصب وزير الداخلية. كذلك تردد ان بوتفليقة كان ينوي أيضاً منح منصب للجنرال المتقاعد محمد عطايلية، وهو من المؤيدين البارزين له. وأحاط بوتفليقة نفسه، منذ وصوله الى الرئاسة، بضباط سابقين في الجيش، مثل العقيد محمد يزيد زرهوني كان يشغل منصب نائب رئيس الإستخبارات في عهد الراحل قاصدي مرباح والجنرال سليم بوعبدالله الذي يعمل حالياً مدير تشريفات في الرئاسة، فضلاً عن العقيد رشيد عيسات وآخرين. وقالت المصادر نفسها ان بعض قادة المؤسسة العسكرية يتحفظ أيضاً عن منح مناصب وزارية لزعماء الأحزاب الجزائرية التي ستتمثل في الحكومة المقبلة. وذكرت ان هناك من رشّح الدكتور سعيد سعدي الأمين العام لحزب التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية لوزارة الصحة، والسيد أحمد أويحيى الأمين العام للتجمع الوطني الديموقراطي لوزارة الخارجية، والسيد بوعلام بن حمودة الأمين العام لجبهة التحرير الوطني والشيخ محفوظ نحناح حركة مجتمع السلم لوزارة دولة بصفة مستشار لدى الرئاسة. غير ان مصادر أخرى قالت ان قادة الأحزاب الجزائرية أنفسهم لم يكونوا متحمسين لتولي مناصب في الحكومة. ويأتي كلام هذه المصادر بعدما نفى بوتفليقة، أول من أمس، ان يكون اختلف مع قيادة الجيش في شأن تشكيلة حكومته المقبلة. لكنه شدد على ان تعيين الحكومة يدخل من ضمن صلاحياته هو وان الجيش وأجهزة الأمن الأخرى لا يحق لها التدخل في هذا الموضوع. وكان بوتفليقة يُعلّق على اللغط الذي أثاره نقل "وكالة الأنباء الجزائرية" عن وكالة "رويترز" للأنباء في شأن اعتراض قيادة الجيش على وزارته المقبلة. وقال الرئيس الجزائري انه هو من طلب من الوكالة الجزائرية إعادة بث ما أوردته "رويترز". وتضاربت الأنباء في الجزائر في شأن المصدر الذي سرّب الكلام الى "رويترز" في المقام الأول. إذ قال بعض المصادر ان المصدر ضابط رفيع متقاعد، قالت مصادر أخرى ان وزيراً قريباً من بوتفليقة هو مصدر الخبر بهدف تمرير "رسالة" الى قيادة الجيش. وأضافت هذه المصادر ان بوتفليقة أوعز الى الوكالة الجزائرية بإعادة توزيع الخبر عندما رأى ان الصحف المحلية تجاهلته، وانه لم يؤد تالياً الغرض المطلوب منه. واعتبرت أوساط سياسية ان رئيس الجمهورية سعى، عبر إعادة تمرير "الخبر-الرسالة"، الى محاولة جس نبض الشارع الجزائري لمعرفة مدى التأييد الذي يحظى به في حال قرر اتخاذ قرارات مهمة مستقبلاً. وأشارت هذه الأوساط الى تلويح بوتفليقة، هذا الإسبوع، بأنه لن يبقى في منصبه في 13 كانون الثاني يناير المقبل في حال إستمرت عرقلة سياساته. وأضافت ان بعض قادة المؤسسة العسكرية لم يعجبه تلويح بوتفليقة بالتنحي على إعتبار ان كلامه يدخل في "إطار الضغط عليها" لقبول الأسماء التي يقترح منحها مناصب في الأجهزة الأمنية.