حذر اللواء خالد نزار، وزير الدفاع الجزائري السابق وأحد أبرز القيادات العسكرية التي أوقفت انتخابات 1992، من مخاطر "اتخاذ قرارات متسرعة قد تمس بالتضحيات التي قدمت من أجل الحفاظ على الجمهورية". وشدد على أنه "من أنصار إعادة السلم والاستقرار في البلاد، لكن في مجال المصالحة يجب الحذر من أن لا تحدث تصدعات في ركائز الجمهورية من خلال اجراءات" تتخذ من دون دراسة عميقة. وهذه المرة الأولى التي يصدر فيها انتقاد مباشر من مسؤول عسكري رفيع المستوى ضد سياسة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة لإحلال السلم والمصالحة على رغم أن خطة "العفو عن جماعة جبهة الانقاذ الاسلامية والوئام المدني" وضعتها قيادة الجيش منذ أكثر من سنتين. وقال وزير الدفاع السابق في تصريح صحافي نشرته جريدة "لانوفال ربيبليك"، أمس، رداً على مقال نشرته صحيفة "لوماتان" يومي الاثنين والثلثاء وتضمن انتقاداً واضحاً لمسؤولي الأمن العسكري ووصفهم بأنهم وصلوا الى طريق مسدود لدى اختيارهم بوتفليقة لرئاسة الدولة. وقال: "اذا كان العسكريون الذين هم في مناصبهم مقيدين بواجب التحفظ فإن لدي الحق كمواطن عادي الدفاع عن هذه المؤسسة التي أنتمي اليها". وعبر عن رفضه مواصلة عناصر الجماعات المسلحة من خلال "المزايدة عبر مواصلة استعمال الرعب، كمبرر للمفاوضات"، مع الحكومة. وتضمن المقال الذي وقعه الصحافي عبدالرحمن محمودي، مدير صحيفة "ليبدو ليبيري" المتوقفة شرحاً مفصلاً لوضع المؤسسة العسكرية منذ الغاء الانتخابات وعرضا لصراع الزمر ازاء التقارب مع القوى الكبرى مثل فرنسا والولايات المتحدة. وقال الكاتب ان الرئيس السابق اليمين زروال ومستشاره للشؤون السياسية والأمنية الجنرال المتقاعد محمد بتشين عملا على الاقتراب من أميركا فيما كان قادة المؤسسة العسكرية يبحثون عن دعم فرنسا، وذكر من بين هؤلاء اللواء المتقاعد خالد نزار. ودافع المسؤول السابق عن المؤسسة العسكرية بشدة عن قادة مؤسسة الأمن العسكري مثل اللواء محمد مدين توفيق مدير الاستخبارات العسكرية واللواء اسماعيل العماري مسؤول مكافحة التجسس، وقال "لدي واجب معنوي إزاء هؤلاء الرجال الذين قدموا خلال السنوات العشر الماضية، رغم ما تعرضوا له من مواكب الدموع والدماء والموت" قبل أن يؤكد بأن الجيش الجزائري "لا يستحق انه توجه له مختلف لضربات للاجهاز عليه. جيشنا أثبت مستوى عالياً من الاحترام والتقدير وعلى الذين يريدون من وقت لآخر تقديم الدروس ان يدركوا ان الجيش ليس يتيماً". علماً ان جهات عدة وجهت انتقادات شديدة للمؤسسة العسكرية مثل الرئيس بوتفليقة الذي قال في احد لقاءاته لمناسبة الاستفتاء على قانون الوئام المدني، ان "المؤسسة العسكرية فيها العيوب السبعة كغيرها من المؤسسات الأخرى". وأكد نزار مجدداً انه غير نادم على قرار الغاء المسار الانتخابي وقال: "لقد اتخذنا قرار وضع حد لمسار انتخابي وكنا على اقتناع بأن ذلك كان في مصلحة الجزائر، وكنا على علم اننا بذلك وضعنا رؤوسنا على المقصلة لكن المهم كان، بالنسبة الينا، انقاذ الجمهورية". وأكد اللواء نزار وجود صراع الزمر بين مختلف مؤسسات الدولة وأشار الى انه "في وقت معين تركت لعبة الزمر بصماتها واضحة في تسيير بعض الحكام ومسؤولين آخرين، وانه من الضروري مكافحة هذه الطريقة التي تجاوزها الزمن ومنع هذه الممارسات البائدة". وعن علاقاته وبعض العسكريين بالأوساط الفرنسية، كما أشار الكاتب محمودي، نفى اللواء خالد نزار اي تقارب من أي نوع كان وأضاف: "يجب ان نعرف انه في كل الاحوال فرنسا بعيدة كل البعد عن الصف الأول، خصوصاً عندما نعرف المواقف المعلنة لهذا البلد الذي لم يتردد في تحريك السكين في الجرح لزيادة آلام شعب غارق في المعاناة منذ عشر سنوات من العنف". وأضاف "زمرتي الوحيدة هي الجزائر". وأضاف: "اننا في اقتصاد السوق والانفتاح الاقتصادي وفي مثل هذه الوضعية تبقى الجزائر مستعدة لاستقبال كل المستثمرين الذين في امكانهم تقديم المساهمة التي تحمل مزايا لبلدنا". وعلى الصعيد الأمني، ارتفعت الحصيلة الرسمية لمذبحة بريزينة في ولاية البيض الى اكثر من 24 ضحية بعد عثور مصالح الأمن على جثث اربعة اطفال. وأكدت تقارير حديثة من المنطقة وجود خمسة ناجين من العملية تمكنوا من الفرار بعد لجوء رب العائلة الى الهاء عناصر الجماعة المهاجمة باطلاق النار عليهم لتمكين اربعة من افراد عائلته من الهروب. وفي الولاية نفسها، اوردت صحيفة "ليبرتي" ان قوات الجيش قتلت خمسة من عناصر مجموعة مسلحة يرجح ان تكون وراء مذبحة بريزينة، ليل الأحد - الاثنين. وذكرت ان قوات الجيش شنت عملية تمشيط مركزة في منطقة دعية البركات مباشرة بعد المجزرة واسترجعت بعض الاسلحة وسيارة من نوع "تويوتا" سرقتها عناصر الجماعة من الضحايا. وفي منطقة غريب ولاية عين الدفلى، 150 كلم غرب الجزائر، قضت مصالح الأمن على ستة عناصر من الجماعة الاسلامية المسلحة اثر عملية تمشيط بعد مقتل عدد من افراد عائلة الخميس الماضي. وفي الشكفة، 300 كلم شرق الجزائر، قتل شاب على ايدي عناصر الجماعة المسلحة. وذكرت تقارير اعلامية ان الشاب انهى منذ أيام الخدمة العسكرية في صفوف الجيش.