اهتزت أجهزة الأمن الجزائرية بعد إلقاء القبض على المسؤول الأول عن مكافحة الإرهاب سابقاً بعد مرور أسابيع على تغييرات مهمة في قيادات الجيش والمخابرات، ما تم تفسيره بأن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة ومقربيه استعادوا السيطرة على جهاز المخابرات وعديد من مهامه. وفي 27 أغسطس ألقي القبض على الجنرال حسان الملقب ب «السيد مكافحة الإرهاب» وأودع السجن العسكري في البليدة، قرب العاصمة الجزائرية، بحسب الصحف. ولم يتم تأكيد هذا التوقيف من مصادر رسمية. وعلقت صحيفة الوطن الناطقة بالفرنسية على الخبر بالقول إن «الجنرال حسان أصيب في الأضرار الجانبية» لحرب الخنادق بين الرئاسة ودائرة الاستعلام والأمن وهي التسمية الرسمية للمخابرات الجزائرية. وكان الجنرال حسان واسمه الحقيقي عبدالقادر آيت واعراب، قائد مصلحة مكافحة الإرهاب في المخابرات التي تضم فرقة نخبة مسلحة جيداً وتملك شبكة واسعة من المخبرين. والجنرال حسان الذي أقاله الرئيس بوتفليقة «يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع» بشكل مفاجئ في بداية 2014، هو الذي قاد عملية اقتحام مصنع الغاز في تقنتورين جنوبالجزائر في 2013. ومنذ أسابيع تم إلحاق فرقة النخبة بقيادة الأركان بدلاً من المخابرات. ولا تخضع المخابرات الجزائرية لرئيس أركان الجيش بل تقع تحت السلطة المباشرة لوزير الدفاع أي الرئيس بوتفليقة. وقبل أسابيع من توقيف هذا الضابط المقرب من مدير المخابرات الفريق محمد مدين المعروف باسم توفيق، قام بوتفليقة بتغييرات في مناصب مهمة في قيادة الجيش والمخابرات. ومست هذه التغييرات لواءين من المقربين من الفريق توفيق، هما مدير مكافحة التجسس ومدير الأمن الرئاسي، المصلحة التي أُلحقت أيضاً بقيادة الأركان. وبحسب صحيفة الوطن، فإن «عديداً من الضباط خاصة الذين نجحوا في مكافحة الإرهاب أحيلوا على التقاعد المسبق بينما سنهم بين 38 و50 سنة». وينص قانون صدر في 2006 أن من حق رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة أن يحيل على التقاعد أي ضابط في الجيش كما يمكنه إبقاء ضباط تخطوا سن التقاعد في مناصبهم. وخلال سنة ونصف السنة فقد جهاز المخابرات عديداً من صلاحياته التي جعلته يمثل «السلطة الحقيقية» في بلد كان فيه لقيادة الجيش الكلمة الأخيرة في اختيار الرؤساء. لكن الرئيس بوتفليقة حذر منذ وصوله إلى السلطة في 1999 أنه لن يكون «ثلاثة أرباع رئيس». وبرأي المحلل السياسي رشيد غريم، فإن «الرئاسة تتحكم في السلطة في الوقت الحالي» كما صرح. ويذهب أستاذ العلوم السياسية في جامعة الجزائر رشيد تلمساني أبعد من ذلك قائلاً «الصراع يشارف على النهاية وبوتفليقة استعاد السلطة الخفية» للمخابرات التي تمثل «دولة داخل الدولة». ويقود الفريق توفيق (76 سنة) جهاز المخابرات منذ 1990، وهو رجل خفي لا يظهر في الإعلام ولا في المناسبات الرسمية، حتى أن الجزائريين لا يعرفون شكله. ويتهم المقربون من الرئيس الفريق توفيق بعدم دعم ترشح بوتفليقة لولاية رابعة فاز بها في أبريل 2004، ما تسبب له في هجمة غير مسبوقة من الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني الداعم القوي لبقاء بوتفليقة في السلطة.