} بعد مرور نحو شهر على حادث اختطاف شيشانيين طائرة روسية في مطار اسطنبول، هزّ المدينة اقتحام 13 مسلحاً تركياً من أصل شيشاني مبنى فندق "سويس اوتيل" Swissotel، واحتجاز 122 من نزلائه رهائن في ساعة متقدمة من ليل الأحد. وعلى رغم انتهاء الحادث سلماً واعتقال المنفذين، حملت موسكوأنقره مسؤولية الحادث في صورة غير مباشرة، لتساهلها مع من وصفتهم ب"الارهابيين" الشيشانيين. أكد محمد طوكشان زعيم المجموعة الشيشانية التي احتجزت رهائن في فندق "سويس اوتيل" وسط اسطنبول، ان هدف العملية لفت أنظار العالم الى القضية الشيشانية و"الفظائع" التي يرتكبها الجيش الروسي في حق الشيشانيين. وبخلاف حادث الطائرة السابق، انتهى الاحتجاز بعد 12 ساعة فقط، خصوصاً ان المجموعة الخاطفة لم تهدف الى قتل أحد، ولم تهدد بذلك، وحصرت مطالبها بتوجيه رسالة إعلامية الى العالم فقط. وطالب طوكشان، في بداية العملية، لقاء وزير الداخلية سعد الدين طنطان بحجة ان لديه مطالب سياسية تتضمن وقف التعاون الأمني بين أنقرهوموسكو، ووقف مضايقة الشيشانيين الذين يأتون الى تركيا للعلاج او للقاء أقاربهم، ووقف عرقلة ايصال المساعدات الفردية المالية من الأتراك الى المقاتلين الشيشانيين، اضافة الى طلب عقد مؤتمر صحافي لقراءة بيان أعدوه. ولم يستطع مدير أمن اسطنبول كاظم أبانوز، خلال مفاوضات استمرت ثلاث ساعات في الطبقة الخامسة من الفندق، اقناع افراد المجموعة بتسليم أنفسهم، الى أن قبل وزير الداخلية طنطان لقاءهم في اطار صفقة لتسليم أنفسهم. وقال طنطان، بعد خروجه من الفندق، أنه رفض مساومة المجموعة، أو استجابة مطالبها، لكنه سمح لرئيس جمعية دعم شيشان - القوقاز مهدي شتين باش الذي استدعي على عجل، بقراءة بيان تضمن نداء الى العالم لوقف "فظائع الجيش الروسي"، واعتذاراً من تركيا ومن شعبها عن استخدام أراضيها للقيام بمثل هذه العملية، وتشديداً على ان المجموعة التي نفذتها ليست تابعة لأي حزب، وان توقيتها جاء في ذكرى مرور خمس سنوات على وفاة الزعيم الشيشاني جوهر دوداييف. وأشار البيان الى حسن معاملة الرهائن، إذ سمح لهم بالحركة حيث احتجزوا. وكانت المجموعة أفرغت الفندق من نزلائه ال600 والعاملين فيه فور استيلائهم عليه، واستبقوا الرهائن ال122 وجميعهم من النزلاء الاجانب عرب وأوروبيون وأميركيون وأربعة روس. وعملت الشرطة على توزيع النزلاء الذين خرجوا من الفندق، على فنادق اخرى في اسطنبول الى حين عودتهم الى Swissotel بعد انتهاء الحادث. وقال محمد طوكشان خلال التحقيق معه، بعد تسليم نفسه، انه خدع زملاءه الاثني عشر الذين شاركوه تنفيذ العملية. وقال لهم إنهم ذاهبون للقتال في الشيشان، وانهم لم يكونوا على علم بما خطط له للهجوم على الفندق. ولم يعثر مع الخاطفين على قنابل او رشاشات، وانما عدد من بنادق الصيد. وكان طوكشان اختطف سفينة روسية عام 1996 للغرض نفسه، واحتجز 200 من المسافرين على متنها، لكنه سلم نفسه الى السلطات التركية طوعاً وحكم عليه بالسجن ثماني سنوات وتمكن من الفرار من سجنه سريعاً لكنه اعتقل لدى محاولته مغادرة تركيا الى كوسوفو. وخرج من السجن قبل أربعة أشهر في اطار عفو عام أصدره البرلمان. وكان تعهد خلال لقاءات صحافية مواصلة نشاطه للفت أنظار العالم الى القضية الشيشانية. ويأتي هذا الحادث على خلفية توتر بين موسكووأنقره بعدما اتهم مسؤولون روس تركيا بمواصلة دعمها، ولو معنوياً، المقاتلين الشيشان، على رغم توقيع اتفاق أمني بينهما يمنع ذلك. وقال مسؤولون في السفارة الروسية ل"الحياة" ان الحكومة التركية لم تجر أي تحقيق في عملية اختطاف الطائرة الروسية التي وقعت الشهر الماضي، او في الطريقة التي استطاع عبرها الخاطفون تهريب أسلحة الى الطائرة. وتتعرض أنقره لحملة صحافية روسية عنيفة بعد اعتقال السلطات الروسية مواطناً تركياً في موسكو بتهمة التجسس. وتقول الصحف الروسية إن انقره تكثف جهودها الاستخباراتية ضد روسيا بدلاً من التزام تنفيذ كل ما جاء في الاتفاق الأمني الموقع بينهما لمواجهة الارهاب. ويذكر ان أنقره في موقف حرج حيال القضية الشيشانية التي يدعمها معظم الشعب التركي بدافع قومي، وبسبب روابط القرابة بين الشيشانيين والأتراك، فيما تضطر الحكومة الى التصرف عكس ذلك، وقد وقعت اتفاق تعاون أمني مع روسيا ضد المقاتلين الشيشان، في مقابل اغلاق موسكو مكاتب حزب العمال الكردستاني ووقف نشاطاته. واعتبرت موسكو الهجوم على الفندق دليلاً الى ان تركيا "لا تتخذ اجراءات كافية" ضد المنظمات الشيشانية "الارهابية". وطلبت منها تعزيز إجراءات الحماية على سفارتها وقنصلياتها في الأراضي التركية. وأعرب الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر ياكوفنكو عن ارتياح بلاده الى انتهاء الحادث في سلام، لكنه أشار الى ان أنقره كانت تجاهلت تحذيرات روسية من احتمال تنظيم مثل هذه العمليات. وأعرب عن استغرابه إفراج السلطات التركية عن قائد العملية طوكشان على رغم صدور حكم عليه بالسجن ثماني سنوات لاحتجازه السفينة "ادراسيا" عام 1996. ونقلت وكالة "ايتار تاس" الرسمية عن مصادر حكومية ان انقره مقصرة في التصدي لنشاط المنظمات "الارهابية والانفصالية" الشيشانية. وأشارت الى ان تركيا تؤوي عدداً من الشخصيات المعادية لروسيا، مثل نائب رئيس الوزراء في الحكومة الشيشانية السابقة مولودي أودوغوف. وذكرت موسكو ان عدداً من المواطنين الأتراك يشارك في عمليات قتالية ضد القوات الروسية الاتحادية في الشيشان.