وضعت التطورات التصعيدية في المنطقة سورية في قلب المواجهة، بعدما اختارت منذ ما قبل قمة عمان العربية، اعادة وصل ما انقطع بالسلطة الوطنية الفلسطينية وبات تضامنها مع الانتفاضة اقتناعاً، اضافة الى كونه مصلحة سياسية تعزز دورها الاقليمي. فالعدوان الاسرائيلي على الرادار السوري في ضهر البيدر في لبنان بات جزءاً من المشهد كله، مشهد الاقتحامات الاسرائيلية للمناطق الفلسطينية، وما تشهده الساحة الدولية من تحركات ومواقف وما تنويه واشنطن بالنسبة الى العراق ولم يعد مجرد رد فعل على عملية "حزب الله" في مزارع شبعا، على رغم ان التسلسل الزمني للأحداث يجعله كذلك. وهذا كله يضع لبنان، خاصرة سورية، في دائرة الاحتمالات كافة سواء كانت الأمور ستتجه نحو "ضبط النفس"، أم نحو الانفلات الذي يصعب وقفه الا بعد ان يحصل. لذلك يشعر حلفاء سورية بأن ثمة ملفات تحتاج الى ادارة تساعد على فكفكتها كما يقول اللبنانيون ومعالجتها تخفيفاً من عبئها على دمشق. وفي ما يتعلق بملف الوجود العسكري السوري وحملة معارضي دمشق عليه، فان هؤلاء الحلفاء يتحدثون عن قرار بانفتاح كبير على البطريرك الماروني نصرالله صفير، بعد رسالته في عيد الفصح التي تضمنت لهجة ودية حيال سورية، ولقائه مع رئيس الجمهورية إميل لحود ولقائه المرتقب اليوم مع رئيس الحكومة رفيق الحريري. بل يتوقع هؤلاء فتح صفحة جديدة في محطات "لا يستبعدون ان نصل اليها قريباً". وبين ركائز الانفتاح ان البطريرك معتدل قياساً الى بعض القوى المتطرفة التي تحت عباءته. والركيزة الثانية هي سحب الملف من الشارع الى الغرف المغلقة. أما الملف الثاني، الذي فتحه السجال على عملية المقاومة في مزارع شبعا وتوقيتها الذي أثاره الحريري، فتجهد القيادة السورية الى ابقائه في اطار العلاقة بين الدولة والمقاومة ودمشق، ضمن القنوات البعيدة من الأضواء بدلاً من العلنية التي ظهر فيها خلال الأسبوع الجاري، الى درجة خروج السجال في شأنه داخل مجلس الوزراء الى الصحف. فكيف التوفيق بين مقتضيات المواجهة أو "ضبط النفس" وحساباتهما من جهة، وموقف لبناني يدعو الى "استمرار عمليات" المقاومة ومنطق الحريري الداعي الى "جهوزية المقاومة ليبقى توقيت تحركها مضبوطاً على ساعة المعالجات الاقتصادية وتجنباً لضغوط على لبنان، يرفضها، لنشر الجيش، وتلافياً للتأزم الذي يدفع افرقاء لبنانيين الى المطالبة بالانسحاب السوري؟ وموقف دمشق في هذا الصدد يقوم على رفض أي صيغة توحي بوقف عمليات المقاومة... وعليه فانها تنصح حلفاءها بوقف الحملة على موقف الحريري مثلما ساءها ان يبدي ملاحظاته على المقاومة علناً.