دافع الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله عن رئيس البرلمان نبيه بري في شأن ما نسب إليه في وثائق "ويكيليكس" عن حرب تموز 2006 وما بعدها مؤكداً علاقة التعاون والتكامل معه ومع حركة "أمل". وهاجم تصريحات رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري على موقفه ضد إيران وانتقد نية مملكة البحرين ترحيل بعض اللبنانيين من المنامة. ودخل الرئيس اللبناني ميشال سليمان أمس على خط السجال الداخلي، الذي بات يشمل موقف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ضد "التدخل الإيراني" في الدول العربية ولبنان، وردود "حزب الله" والخارجية الإيرانية عليه، فأكد أن "سياسة لبنان الخارجية ترتكز على مبدأ الابتعاد عن المحاور وتلافي جعله ساحة للصراعات الإقليمية والدولية". وجاء موقف سليمان بعد مطالبة إعلامية له من فريق "حزب الله" بالرد على انتقادات الحريري للسياسة الإيرانية، ولفتت مصادر مراقبة الى أن موقف سليمان يفهم منه أنه موجه الى الحريري وبعض حلفائه كما قال تلفزيون "المنار" ليل أمس، كما يفهم منه أيضاً أنه موجّه الى الأمين العام ل "حزب الله" السيد حسن نصرالله أيضاً رداً على مهاجمته مملكة البحرين ودول الخليج العربي قبل 3 أسابيع. وقال مصدر مطلع على خلفيات موقف الحريري ضد السياسة الإيرانية، إنه على رغم أن هذا السجال يدخل لبنان في سياق الوضع الإقليمي فإن الحريري "لم يدخل طرفاً في تصاعد المواجهة بين إيران والدول الخليجية على خلفية ما حصل في مملكة البحرين تجنباً لإقحام البلد في صراع إقليمي، الى أن أدلى السيد نصرالله بموقف تسبب بالتحضير لإجراءات ضد اللبنانيين من دول خليجية وينذر بتأثير ذلك على الاقتصاد اللبناني ومجيء السياح والمصطافين والمستثمرين العرب الى لبنان ولأنه لا يجوز أن يترك لحزب الله أن يحدد سياسة لبنان الخارجية عبر التدخل في شؤون الخليج وغيره". وتناول نصرالله في كلمة عبر قناة "المنار" الخلافات السياسية فاتهم "قوى 14 آذار" بالسعي الى إنهاء المقاومة من خلال ما نشر في وثائق "ويكيليكس" وتجاوز ما نشر عن نواب في "التيار الوطني الحر" وعلى لسان رئيس "جبهة النضال الوطني" النيابية وليد جنبلاط. واتهم 14 آذار بالتواطؤ "ولم تقدروا أن تعملوا شيئاً وهذه العقلية لن تنقلكم إلا من فشل الى فشل". وتناول نصرالله نشر جريدة "الأخبار" لوثائق "ويكيليكس" فاعتبر أن الصنف الأول منها تناول قيادات من قوى 8 آذار وقال: "حاول البعض استغلال ما نشر لإيجاد شرخ بيننا وبين حركة "أمل" ومع "التيار الوطني الحر" والنيل من التحالف المستجد مع النائب وليد جنبلاط". ودافع نصرالله عن رئيس البرلمان نبيه بري بقوة مكرراً كلاماً قاله في حرب تموز عنه "ليس من باب المجاملة" بأنه كان "شريكاً كاملاً في قيادة هذه المعركة وكنا سوياً نحمل الأهداف نفسها وننسق يومياً، وعمل ليل نهار وناضل وفاوض وجادل وخاطر من أجل حماية لبنان وحفظ المقاومة وتحقيق الانتصار". وأضاف: "لولا جهوده وذكائه وحضوره وإخلاصه وسهره، لا أعلم إذا كان يمكن أن تكون النتائج السياسية التي وصلنا إليها هي هذه، ولربما كان المشهد مختلفاً". وقال: "منذ اليوم الأول كنت أنا أتابع الميدان والرئيس بري يتابع المفاوضات وقال لي كيف يفاوض كيف سيقنع الأميركيين، هذه مسؤوليتي فاتركوا الأمر لي ونحن سلمنا له بهذا الأمر ونحن نسلّم له بالأستذة وكان هدفنا أنه إذا انتهت الحرب على قاعدة استعادة مزارع شبعا نعتبر هذا انتصاراً كبيراً". واعتبر نصرالله أن هناك رهاناً "عند من يستهدفون المقاومة وموقعها على العمل للتفرقة بين "أمل" وحزب الله وأقول لهؤلاء إن عليهم أن ييأسوا". وأكد التكامل مع "أمل". ورأى أن ما ذكر في ويكيليكس عن "التيار الحر" "كان أخف بكثير ولن يؤثر على علاقتنا وهم نفوا الموضوع، وما جاء في شأن جنبلاط فهو أصدر بياناً وقال إنه كان في موقع ما واليوم هو على تحالف مع المقاومة وهو تجاوز النقاش نهائياً". ونفى نصرالله أن تكون جريدة "الأخبار" تلتزم بأوامر وطلبات "حزب الله" أو تابعة له، مؤكداً أنها "لا تتلقى حتى نصائح"، لكنه أشار الى أننا "شجعناهم على الحصول على وثائق ويكيليكس". وتحدث عن الوثائق المنشورة عن قيادات 14 آذار في ويكيليكس، مشدداً على أن "نية هذا الفريق إبعاد الرئيس بري عن "حزب الله" وتحطيم العماد عون لأنه غطاء مسيحي للحزب، وضرب المقاومة والتخلص منها في الحرب وقبلها". وتحدث عن صفقة بين 14 آذار وأميركا تقوم على "نعطيكم السلطة مقابل رأس المقاومة". وسأل: "هل هذه العقلية تبني دولة الاستقرار والأمن؟ وهل هكذا تكافأ المقاومة؟". وقال: "بقيت المقاومة وذهبت السلطة وأدعو الذين خسروا السلطة الى أن يراجعوا حساباتهم". وقال: "في لبنان لا أحد له مصلحة بإلغاء أحد، ومصلحة اللبنانيين بتجاوز مشاكلهم، ولكن هذا لا يتنافى مع أن يذهب الناس الى القضاء ومن يريد أن يأخذنا الى القضاء فنحن جاهزون وقالوا إنهم يريدون تحضير ملف عن أسرنا لجنديين إسرائيليين فليحضروا ونحن أيضاً لدينا ملف قضائي". وتطرق الى وضع اللبنانيين في ساحل العاج، فسأل: "أين كانت الحكومة عندما كانت حكومة فعلية؟ أين خلية الأزمة؟ كان هناك غياب تام". وامتنع عن الدخول في تفاصيل قرار وزارة الخارجية بحضور السفير في أبيدجان حفل تنصيب الرئيس المنتهية ولايته لوران غباغبو. وزاد نصرالله: "عندما يكون هناك خطر على اللبنانيين، بدل أن نتعاون كدولة لمواجهة الكارثة يتم فتح النار من قبل الرئيس الحريري ونوابه على الخارجية. وتناول موقف الحريري من إيران، وقال: "نفتخر بعلاقتنا معها، وتحالفنا مع سورية ودول أخرى، ولكن عندما يساء الى دولة وقفت الى جانب لبنان على كل الصعد لا يمكن أن نسكت، وعندما يقول أحد إن إيران عدو و سبب التأزيم في لبنان وليس إسرائيل وأميركا، هذه غلطة كبيرة، خصوصاً أن (من يقول ذلك) رئيس حكومة. أنا لم أقل هو إسرائيلي لكن أقول هذه لغة ومنطق إسرائيل". وأضاف: "عندما تحدثت عن تونس وليبيا وغيرها لم يعترض أحد، أنا لست مسؤولاً رسمياً ولا ألزم الدولة بكلامي... لكن طالما أنت رئيس حكومة تصريف أعمال، وعندما تتحدث عن إخراج لبنان من سياسة المحاور، أنت ملزم بإخراج لبنان من سياسة المحاور. إذا أحد زعلان منا لأننا أسقطنا حكومته، فإيران لا علاقة لها، الإيرانيون عرفوا من وسائل الإعلام. فلا أحد يحاسب إيران على ذلك". وتابع نصرالله: "عندما تحدثت عن البحرين اعترضوا واعتبروا أن هذا الخطاب يمس بالعلاقات اللبنانية والعربية وعلاقة لبنان مع البحرين". واعتبر أنه كان في إمكان لبنان أن يعلن رسمياً أن مواقف "حزب الله" لا تلزم الدولة اللبنانية، وقال مخاطباً الحريري: "ما علاقتك بالصراع العربي – الإيراني؟... أنت رئيس حكومة تصريف أعمال، وعندما ترجع رئيس حزب المستقبل قل ما تريد". ورأى نصرالله أن "الهجوم" على سلاح "حزب الله" هدفه "شد عصب جمهورهم، وتحليلي أن هذا تقديم أوراق اعتماد". وأشار الى ما أشيع عن طرد لبنانيين في البحرين بسبب مواقفه، وقال: "هذا أسلوب خاطئ"، مذكراً "بالشتائم والتآمر على سورية من لبنان منذ عام 2005... ولم ترد سورية، ولم تطرد اللبنانيين ولم تصنف الناس طائفياً ومذهبياً، اليوم الرئيس الحريري أخذ موقفاً حاداً ضد إيران... فهل ترد إيران بطرد اللبنانيين؟ هذا المنطق يدل على ضيق صدر حكومة البحرين وعلى أنهم لا يتصرفون لا بحكمة ولا بعقل ولا بمسؤولية ولا هكذا يعالجون موضوعهم الداخلي ومع من يعترض عليهم". وزاد: "إذا كانوا يعتقدون أن الضغط على اللبنانيين في البحرين قد يعدل من موقفنا السياسي، فهم مشتبهون... لا أحد يضغط علينا في هذا الموضوع، هذا يزيدنا عناداً وإصراراً بأن موقفنا موقف حق ولماذا نعاقب عليه؟". ودعا حكومة البحرين الى "عدم الإقدام على هذه الخطوة الخاطئة تماماً، والتي لن تحقق أي هدف سوى المزيد من التعقيد". وأضاف نصرالله: "قيل إذاًَ، إن دول مجلس التعاون الخليجي من الممكن أن تستهدف اللبنانيين عموماً من مذهب معين نتيجة الموقف من البحرين، أنا لست متأكداً إذا كان هذا الكلام صحيحاً، لكن أعتقد بأن هناك العديد من دول الخليج صديقة للبنان وتتصرف بمسؤولية وبعقل هادئ وليس كما تصرفت حكومة البحرين"، مذكراً بإبعاد كثيرين من اللبنانيين من الإمارات "ولم نعلم السبب"، ومعتبراً أن في الأمر "استغلالاً لظرف سياسي معين لاستهدافات أخرى لها علاقة بالمشروع الكبير في المنطقة". وقال: "من الخطأ الضغط على اللبنانيين الموجودين في البحرين، ولا علاقة لهم لا بموقفنا السياسي". وأشار نصرالله الى التمرد الذي حصل في سجن رومية، منتقداً "مقاربة الموضوع من قبل 14 آذار بعقلية الكيد السياسي، يتهمون حزب الله بأنه هو الذي حرض السجناء". ونفى وجود أي بعد طائفي للتحرك، مشدداً على الجانب الإنساني للملف، وداعياً الى معالجته بسرعة". وفي موضوع تشكيل الحكومة، نفى نصرالله ما يقال عن أن الشيعة يسمون رئيس الحكومة السني، رافضاً تعبير انه يستدعي الأشخاص. وذكر بأن الرئيس الراحل رفيق الحريري كان يأتي لزيارته في مقره لاعتبارات أمنية... من المعيب على قوى 14 آذار و"المستقبل" ان يستخدموا هذا الموضوع بسياق غير منصف عبر لقائي مع أي شخصية سنية". وزاد نصرالله: "لسنا نحن من نشكل الحكومة بل نحاول أن نساعد كما غيرنا، وهناك خطوات تقدمنا بها وتقريباً وصلنا الى نتيجة، كما أن تمثيل الكتل وطبيعة الحكومة تقريباً حُسما ووضع الأسماء سيكون سهلاً، ولكن كلنا نتعرض لضغوط وأعرف كم تم الضغط لحكومة تكنوقراط وكل القوى بالغالبية الجديدة كانت مع حكومة سياسية مطعمة بتكنوقراط ووصلنا الى نتيجة حكومة مختلطة، واليوم يقولون إن حزب الله يريد تأخير الحكومة وهو يقول لعون بتأخيرها ولكن هذا غير صحيح، كما انه ليس هناك ما يُسمى عقدة عونية، ولكن هناك حق يجب أن تتم المناقشة فيه، لكي نصل الى توزيع الحقائب... وعلى الناس أن "تطول بالها" قليلاً".