الكويت - "الحياة" - تسعى الدول العربية الى تنسيق مواقفها في جولة المفاوضات الجديدة في شأن الزراعة والخدمات التي بات مرجحاً ان تنطلق في المؤتمر الوزاري الرابع لمنظمة التجارة الدولية الذي سيعقد في الدوحة من 9 الى 13 تشرين الثاني نوفمبر المقبل. ونظم المعهد العربي للتخطيط حلقة نقاشية أخيرا في الكويت في شأن "منظمة التجارة الدولية والقطاع الزراعي". وقال عماد الإمام وكيل المعهد ل"الحياة" انه من الضروري مشاركة الدول العربية بفرق تفاوضية على مستوى عالٍ من الكفاية تتمتع بصلاحيات كافية على صعيد أخذ القرارات، داعياً الى ضرورة التنسيق والتشاور الدائم بين الدول العربية بما يكفل تقوية موقفها التفاوضي. وعبّر المشاركون عن اقتناعهم بأن مؤتمر الدوحة قد ينجح في تجاوز فشل مؤتمر سياتل في اطلاق جولة جديدة من المفاوضات. وأشاروا الى أن الدول الصناعية متخوفة من أن يؤدي ركود الاقتصاد الاميركي الى تدعيم موقف جماعات الضغط وأعضاء الكونغرس المطالبين بتشديد اجراءات حماية الصناعة الاميركية. ونبهوا الى أن ذلك سيؤدي الى مواقف مماثلة من قبل الدول الأوروبية واليابان والنمور الآسيوية المتضررة أصلاً من تراجع الطلب على منتجاتها في السوق الأميركية بسبب الركود. وقال مشاركون ان التخوف من موجة سياسات حمائية تقضي على الانجازات المحققة على صعيد تحرير التجارة هو الذي سيدفع الدول الصناعية كافة الى ابداء قدر من المرونة في شأن قضايا طالما اعتبرت خطوطاً حمراً، كالقوانين المتشددة جداً الخاصة بالإغراق في أميركا والتي تعتبرها بقية الدول الصناعية ستاراً يخفي ممارسات حمائية، أو سياسة دعم القطاع الزراعي في أوروبا واليابان التي تعتبر واشنطن انها موجهة ضدها باعتبارها أكبر دولة مصدرة للمنتجات الزراعية. ويثير احتمال اطلاق جولة المفاوضات الجديدة قدراً كبيراً من التخوف لدى خبراء الاقتصاد العرب ومراكز البحث وبيوت الخبرة من تكرار تجربة جولة أوروغواي حيث كانت الدول العربية غائبة عملياً عن سير المفاوضات أو لم تشارك بفاعلية كافية لحماية مصالحها. وقال وكيل المعهد العربي للتخطيط ان هذا الأمر يدفع البلدان العربية الى توحيد مواقفها. ويشار الى ان المعهد مؤسسة اقليمية عربية مقرها الكويت وتهدف الى دعم مسيرة التنمية في الأقطار العربية من خلال التدريب والبحوث والاستشارات واللقاءات العلمية. وحض الإمام الدول العربية على اتخاذ المبادرات العاجلة للتنسيق بينها ومع بقية الدول النامية للاستفادة من تناقض المصالح بين الدول الصناعية في مفاوضات الزراعة وضمان عدم تكرار تجربة تحرير تجارة المنتجات الصناعية. وكانت الدول النامية عمدت، في هذا الصدد، الى فتح أسواقها أمام المنتجات الأجنبية من دون ان تستفيد في المقابل من فتح اسواق الدول الصناعية امام منتجاتها بل بالعكس شهدت السنوات التي تلت توقيع الاتفاق زيادة القيود المفروضة على منتجاتها لا سيما تلك المتعلقة بمكافحة الإغراق أو المعايير الصحية والبيئية أو بحقوق العمال والأطفال. وشدد الإمام على ان المفاوضات المتوقعة لتوسيع اتفاق الزراعة لا تهم الدول العربية المصدرة للمنتجات الزراعية وحسب، بل الدول العربية كافة إذ يمكن للدول غير الزراعية توظيف الميزات النسبية التي تمتلكها في هذا المجال كانخفاض معدل الرسوم الجمركية على واردات السلع الزراعية كورقة تفاوضية للحصول على مكاسب أكبر في مجالات أخرى. وتعتبر فترة الشهرين المقبلين حاسمة لأنها ستشهد وضع جدول أعمال مؤتمر الدوحة. وكان الاجتماع الذي نظمته منظمة التجارة الدولية في نهاية شهر آذار مارس الماضي لتقويم العروض التي تقدمت بها الدول مهد الطريق للاجتماع الحاسم الذي سيعقد في شهر تموز يوليو المقبل والذي سيتم خلاله الاتفاق على الصيغة النهائية لجدول أعمال المؤتمر. يذكر في هذا الصدد أن مدير عام منظمة التجارة الدولية مايك مور كان أعلن في محاضرة ألقاها في لندن في الثاني عشر من الشهر الماضي أن مؤتمر الدوحة سيعقد في ظل اتفاق مسبق على 95 في المئة من القضايا لتجنب مصير مؤتمر سياتل الذي عقد في ظل خلاف على 95 في المئة منها.