حظرت السلطات التركية امس التظاهرات في المدن الكبرى، متهمة احزاب المعارضة بالتحريض على الاضطرابات، بعد سقوط مئتي جريح بينهم خمسون شرطياً في مواجهات انقرة اول من امس. وشهد البرلمان نقاشاً حاداً في شأن الأزمة، بين نواب الحكومة ونواب حزب "الفضيلة" الاسلامي الذين حمّلوا الجيش مسؤولية الأزمة، عشية الموعد المقرر لاعلان برنامج الاصلاحات غداً. ورفض قادة الائتلاف الحكومي فكرة اجراء تعديل وزاري كحل وسط، بدلاً من استقالة رئيس الوزراء بولند اجاويد ووزرائه. وقال نائب رئيس الوزراء دولت بهشلي ان "من شأن ذلك أن يُضعف صورة الحكومة أمام البنك الدولي وصندوق النقد"، فيما اعتبر مسعود يلماز النائب الثاني لأجاويد ان من الأفضل تأجيل الحديث عن هذا الموضوع الى الشهر المقبل. واستمرت تظاهرات الاحتجاج في الشوارع التركية في مختلف المحافظات باستثناء أنقرة، إذ حظرت سلطاتها التظاهرات والتجمعات شهراً، بعد أحداث العنف الدموية اول من امس. وتبعتها السلطات في مدينة اسطنبول التي أعلنت ايضاً حظر التظاهرات شهراً، فيما اتهمت أوساط الحكومة المعارضة بتحريض التجار والمواطنين على العنف. وأشار وزير الداخلية سعد الدين طنطان الى أن مجموعة من انصار الاسلاميين وأحزاب المعارضة، "اندست" بين المتظاهرين في أنقرة وقذفت الشرطة بالعصي والحجارة، وتابع ان ذلك يهدد استقرار البلاد. في المقابل، رفض حزب "الفضيلة" هذه الاتهامات، وأثار ناطق باسمه تساؤلات عن كيفية تمكن هذه المجموعة من التسلل الى صفوف قوات الأمن. وقال: "اذا نظرنا الى نتائج الحادث، سنعلم جيداً من وراءه". وبدا ان الحكومة كسبت بعض الوقت، بعدما حظرت التظاهرات في كبرى المدن التركية لفترة شهر متذرعة بما جرى من أعمال عنف، لكن ذلك لم يمنع جمعية كبار رجال الأعمال الأتراك من توجيه، انتقادات شديدة الى الحكومة ومطالبتها بتنفيذ اصلاحات سياسية واقتصادية واسعة، ورفع الحصانة عن النواب والوزراء "الفاسدين" ومحاكمتهم. وجاء ذلك بعدما تبين أن محافظ البنك المركزي السابق غازي ارشيل كان قد حوّل كل امواله من العملة المحلية الى الدولار ،قبل يوم من قرار تعويم الليرة التركية. وأكد محرم كايهان رئيس الجمعية انه "لا توجد حكومة من دون بديل"، وطالب أجاويد ب "توسيع رقعة الديموقراطية". وشهد البرلمان نقاشاً حاداً عندما اتهم احد نواب "الفضيلة" الجيش ب"إثارة البلبلة والتحريض" معتبرا انه "السبب في ما وصلت اليه تركيا اليوم، بفعل الانقلاب السلمي الذي قام به ضد حكومة نجم الدين اربكان وجعل تركيا محكومة لأجاويد وأصدقائه". وأعلن وزير الدولة للاقتصاد كمال درويش تأجيلا جديدا لاعلان البرنامج الاقتصادي الذي يعده الى غد السبت، كما التقى درويش قائد الأركان الفريق أول حسين كفرك أوغلو وشرح له البرنامج وشكره لاعلان الجيش تأجيل وإلغاء صفقات تسليح بقيمة 19 بليون دولار.