يبدو أن الطلاب قد فرضوا علينا أمرًا واقعًا، حيث لم يعودوا يعترفون فعليًا بدوام يوم الخميس، مما يستوجب دراسة الظاهرة وجدوى استمرار الأسبوع الدراسي بخمسة أيام، وإمكانية تقليص الأيام الدراسية إلى أربعة أيام! هذه فكرة للنقاش، لا سيما في ظل طول العام الدراسي وتعدد إجازاته، فتقليل عدد أيام الدراسة الأسبوعية قد يعيد التوازن بين حياة الطالب الدراسية وحياته الشخصية، خصوصًا مع توجه بعض المدارس نحو اليوم الدراسي الكامل أو الطويل، المرهق خاصةً للأطفال في مراحل التعليم المبكرة. كما أن هذه الخطوة قد تفتح المجال لفرص أخرى، مثل استخدامه (عن بعد) لتسليم الواجبات المدرسية، دروس التقوية، وقد يفتح أمام الطلاب آفاقًا جديدة لاكتشاف مهاراتهم وتوجهاتهم؛ فالطالب الذي يمتلك مساحة زمنية أكبر قد يجد الفرصة لتطوير مواهبه، سواء في المجالات العلمية والتقنية أو الفنية أو الرياضية، بالإضافة إلى إمكانية أن يكون هذا اليوم مخصصًا للمعلمين من أجل التدريب والتطوير المهني، وإعداد الدروس، مما يعزز كفاءة العملية التعليمية دون المساس بوقت الطلاب. ولا تبدو الفكرة سابقةً، ففي آيسلندا، أُجريت تجارب مماثلة في بعض المدارس، وحققت نتائج إيجابية في تعزيز التفاعل داخل الفصول الدراسية وتقليل الإرهاق، كما لوحظ تحسن في جودة التعلم وزيادة رضا الطلاب عن بيئتهم الدراسية، وكذلك الحال في فنلندا، التي تُعد نموذجًا تعليميًا عالميًا، حيث يعتمد نظامها على تقليل الساعات الدراسية مع التركيز على جودة التعلم، مما عزز مستوى الطلاب دون إرهاقهم. كما أكدت تجارب إسكتلندا والسويد أن التوازن بين الدراسة والحياة الشخصية قد يساعد في الحد من الضغوط النفسية على الطلاب؛ حيث ساهم تقليص الأيام الدراسية في زيادة الوقت الذي يقضيه الطلاب مع أسرهم، وتعزيز مشاركتهم في الأنشطة الاجتماعية والثقافية، وممارسة هواياتهم وتنمية مهاراتهم الشخصية. إن الانتقال إلى نموذج دراسي بأربعة أيام ليس مجرد فكرة لمواجهة ظاهرة الغياب يوم الخميس، بل هو مقترح يحمل العديد من الفوائد التعليمية والتربوية والاقتصادية والسياحية والاجتماعية، ومع وجود تجارب عالمية، فإن دراسة هذه التجارب وتقييم مدى ملاءمتها لواقعنا التعليمي ومتطلبات المرحلة ستكون خطوة تستحق الاهتمام والبحث.