التقت "الحياة" النائب الجديد لرئيس البنك الدولي المسؤول عن الشرق الأوسط وشمال افريقيا جان لوي سربيب، الذي حضر إلى باريس للمشاركة، إلى جانب رئيس البنك الدولي جيمس وولفنسن، في المؤتمر الذي رعاه الرئيس الفرنسي جاك شيراك لمساعدة لبنان، بحضور رئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي ووزير المال الفرنسي لوران فابيوس. وأجرت "الحياة" حواراً مع سربيب في شأن البنك الدولي في بعض دول الشرق الأوسط ومنها سورية والمناطق الفلسطينية ومصر. سألت "الحياة" سربيب عما إذا كان هناك خطر يواجهه لبنان، على غرار ما حصل في تركيا وأدى إلى انهيار قيمة الليرة التركية، فقال إن انهيار الليرة التركية يعود أساساً لخلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، فالبرنامج الحكومي كان ملائماً إلى أن برزت حال من عدم الثقة بسبب عدم وجود جبهة سياسية موحدة. وأضاف ان العبرة التي يمكن أن يستخلصها اللبنانيون هو أنه يتوجب عليهم أن يعملوا معاً للحؤول دون تعرضهم لفقدان الثقة في الأسواق الدولية. وقال سربيب إن لدى البنك الدولي اتصالات عدة مع السلطات السورية، وانه وبطلب منهم يجري إعداد بعض الدراسات لقطاعات مختلفة تهم الجانب السوري، مشيراً إلى أن سورية طلبت مساعدة تقنية في إدارة الموازنة والاقتصاد. وأضاف: "نحن نرحب بالقيام بذلك، ولكن ما يعيق العودة الكاملة للعلاقات بين البنك الدولي وسورية القواعد المالية المرتبطة بكون سورية مديونة لدى البنك الدولي، وقواعدنا لا تسمح لنا بالتدخل مالياً في سورية طالما لم تسدد هذه الديون". وتابع ان السلطات السورية تسدد حالياً متأخراتها شهرياً، و"أعتقد أنه في غضون 18 شهراً ستكون سددت ديونها، وعندها سيكون بإمكان البنك الدولي أن يستعيد علاقاته الطبيعية مع هذا البلد". وأشار سربيب إلى أنه "استعداداً لهذه العودة، فإن عدداً من الموظفين في البنك الدولي يزورون سورية باستمرار، إعداداً لإطلاق برنامج التعاون معها". وعن نشاط البنك الدولي في مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، على ضوء تحذير مسؤول في الأممالمتحدة من انهيار السلطة الوطنية في حال استمرار الاغلاق الاقتصادي، قال سربيب: "نحن نشطون جداً في المناطق الفلسطينية، حيث قمنا بعمل استثنائي تمثل بإعطاء هبة للسلطة الفلسطينية لمساعدتها على انشاء وظائف والتخفيف من العبء الاقتصادي الضاغط". وأضاف: "لقد ساهمنا في التقويمات التي أجراها المسؤولون في الأممالمتحدة ولدينا أيضاً برنامج قروض نقدمها في قطاعات التربية والصحة والمياه والبنية التحتية للبلديات". وأشار إلى أن زميله المسؤول عن نشاطات البنك الدولي في المناطق الفلسطينية نقل إليه ارتياح البلديات الفلسطينية لمساعدة البنك الدولي لها. وذكر سربيب أن البنك الدولي يعمل أيضاً على مشروع مع المنظمات غير الحكومية لتسهيل انشاء نشاط اقتصادي في المناطق الفلسطينية. وأضاف: "نحن، على غرار باقي الأسرة الدولية، قلقون جداً حيال الوضع الضريبي... لأنه من الصعب ترقب تطوير حقيقي لمسيرة الحوار والسلام عندما تكون السلطة الوطنية على شفير الافلاس". وأضاف ان الاتحاد الأوروبي قدم مساعدة للسلطة الوطنية وان الدول العربية رصدت في القاهرة بليون دولار لمساعدتها، وان "البنك الإسلامي للتنمية" سيدير هذا المبلغ بمساعدة تقنية من البنك الدولي. وبالنسبة إلى الأردن الذي يعاني أيضاً من وضع اقتصادي سيئ، قال سربيب إن السلطات الأردنية تحاول بذل الجهود في إدارة الموازنة، وان عدداً من دول المنطقة يواجه مشاكل في إدارة موازناته، نظراً لعدم التوازن بين الموارد والنفقات. وأضاف انه غالباً ما يرتبط هذا الوضع بوزن القطاع العام في اقتصاد الدول، مشيراً إلى أن الأردن بصدد وضع برنامج شديد التفصيل لاصلاح القطاع العام، و"نحن نعمل معهم على ذلك من أجل تحسين الأمور". لكنه قال إن استراتيجية التطور عبر القطاع الخاص تبقى معتمدة على الجو العام الاقليمي، مشيراً إلى أن الاصلاحات الاقتصادية ضرورية، ولكنها تتطلب أيضاً أجواء سلام التي لم تكن، لسوء الحظ، متوافرة في الأشهر الأخيرة. وعن الصعوبات الاقتصادية في مصر، على رغم جو السلام الذي يسودها، قال سربيب: "إن أحد أكبر تحديات المنطقة بأكملها هو أن تتمكن دولها من استعادة توازن أفضل بين القطاعين العام والخاص، ولذا ينبغي العمل على تنقية القطاع العام وتحسين فعالية الخدمات التي تقدم للمواطنين وتحرير الموارد والطاقات التي يتطلبها القطاع الخاص". وأضاف ان كل هذه الدول تنفق أموالاً طائلة على الصحة والتربية، ولكن بطريقة غير فعالة نسبياً، إذ أن هناك إمكان لتحقيق أرباح في هذا المجال، وهذا ينطبق على الأردن ومصر ولبنان، لكنه يختلف في المناطق الفلسطينية حيث الدولة قيد الانشاء.