خيبة الأمل في الاصلاحات والخوف من تحول روسيا دولة ثانوية دفع عشرات الآلاف من الروس للمشاركة في تظاهرات لمناسبة ذكرى "ثورة اكتوبر" البلشفية. ودعا المتظاهرون الى "تغيير جذري" وسمعت للمرة الاولى هتافات ضد الرئىس فلاديمير بوتين فيما رفع متظاهرون راديكاليون شعارات تؤيد حركة "طالبان" وأسامة بن لادن. ونظمت الحركات اليسارية وأهمها الحزب الشيوعي تظاهرة في موسكو شارك فيها رئىس مجلس الدوما البرلمان غيتادي سيليزتيوت والزعيم الشيوعي غينادي زيوغانوف. وقدرت الشرطة عدد المشاركين فيها ب5،9 ألف فيما ذكرت مصادر محايدة ان الرقم الحقيقي قد يصل الى 40 ألفاً، وسارت تظاهرات حاشدة في غالبية المدن الروسية وقادها في عدد من المناطق محافظو الاقاليم، كما شارك عشرات الآلاف في مسيرات نظمت للمناسبة في سائر جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. وظل يوم الثورة البلشفية عام 1917 عطلة رسمية على رغم ان الرئىس السابق بوريس يلتسن كان اعلن انه "دق المسمار الاخير في نعش الشيوعية". وقد غير اسم العطلة ليصبح "يوم الوفاق والمصالحة" كناية عن انتهاء "حال الاحتراب" في المجتمع. الا ان استطلاعات الرأي العام اظهرت ان اكثر من نصف المواطنين ما زالوا يحتفلون ب"عيد الثورة" وان 2 في المئة فقط على ابعد تقدير، يعتبرون هذا اليوم "رمزاً لانقلاب دموي". كما لوحظ ان المشاركين في تظاهرات الأمس كان ضعف العدد المسجل في احتفالات العام الماضي. وأكد تلفزيون "ان كي في" المستقل ان نسبة الشباب المشاركين بلغت قرابة 40 في المئة بينما كانت المسيرات تفتقر في الاعوام السابقة على الشيوخ والمسنين. وأجمع المراقبون على ان غالبية المتظاهرين ارادت التعبير عن استيائها من "الاصلاحات" التي بدأت قبل عشرة اعوام بالضبط. وأشار تقرير اعدته وكالة "انتر فاكس" الى ان حصيلة العقد الماضي تمثلت في خفض الناتج الوطني الاجمالي بنسبة 27 في المئة وارتفاع الاسعار 2،10 مرة وخفض المداخيل الفعلية 47 في المئة. وخلال هذه الفترة، انكمش الانتاج الصناعي بنسبة 35 في المئة بينما تقلصت الاستثمارات بنسبة 67 في المئة. وكان كثر من الروس علقوا آمالهم على عهد فلاديمير بوتين الذي حقق بالفعل استقراراً سياسياً محسوساً ونمواً اقتصادياً طفيفاً، الا ان التوجه العام لسياسة الرئيس الروسي يثير مخاوف قطاعات واسعة، وخصوصاً بعدما اخذ الكرملين يقدم تنازلات الى الغرب ويؤيد سياسة الولاياتالمتحدة في استخدام القوة في مختلف مناطق العالم وخصوصاً في افغانستان. وطالب المشاركون في تظاهرات موسكو ب"وقف الاصلاحات التي دمرت البلد" وأقروا بالاجماع بياناً يؤكد ان "بوتين وريث يلتسن" وهو "يرقص على انغام اميركية". ورفع عدد من المتظاهرين شعارات تؤيد "طالبان" وبن لادن. وأكد غينادي زيوغانوف ان روسيا "تواجه خطر الثورة" في الحرب الافغانية وأضاف ان الارهاب "لا يحارب بغارات تمشيطية" واتهم الولاياتالمتحدة بتنظيم الحملة العسكرية من اجل بسط هيمنتها على العالم "واقامة هرم تتربع هي على قمته وتجعل من سائر الدول خدماً لها". مسيرة مضادة ونظم انصار بوتين من جانبهم مسيرة مضادة قالت الشرطة ان عشرة آلاف شخص شاركوا فيها. وأجمع المراقبون على ان عدد المشاركين كان اقل بمرات من المتظاهرين اليساريين. وقامت منظمة "السائرون معاً" الموالية للكرملين بحملة "تنظيف رمزي" للشوارع وأكد قادتها ان البلد بحاجة الى "غسل دماغ" لتخليصه من إرث الماضي. الا ان المعسكرين المتخاصمين اجمعا على تأييد مسيرة ثالثة اقيمت في الساحة الحمراء وشارك فيها محاربون قدماء كانوا أسهموا في استعراض عسكري اقيم في 7 تشرين الثاني نوفمبر عام 1941 اي عندما كانت القوات الالمانية تحاصر موسكو وتقصفها. وأصرت القيادة السوفياتية آنذاك على تنظيم مسيرة لاثبات "الوجود" وكان المشاركون فيها يتوجهون فوراً الى خط الجبهة وتمكنوا من وقف الزحف الهتلري. وشارك امس في المسيرة التي نظمت بعد 60 عاماً من الاستعراض الاول من بقى على قيد الحياة او من ما زال قادراً على المشي. وبعد انتهاء المسيرة الاحتفالية اقيمت للمشاركين فيها مأدبة غداء للمحاربين القدماء الذين لا يجد الكثر منهم الآن قوت يومهم.