رفرف فوق الساحة الحمراء في وسط موسكو امس العلم الأحمر وعليه المطرقة والمنجل، وأدى التحية له قادة الدولة وفي مقدمهم الرئيس فلاديمير بوتين الذي خاطب الضباط والجنود بعبارة "أيها الرفاق"، واكد ان روسيا "بلد جبار ... لن يهزم سلاحه". لم يحصل في روسيا انقلاب أعاد الشيوعيين الى السلطة، إلا ان موسكو احتفلت بذكرى مرور 55 عاماً على توقيع وثيقة استسلام المانيا النازية في الحرب العالمية الثانية. ومعروف ان الأوروبيين يحتفلون بهذه الذكرى في الثامن من ايار مايو، اذ ان التوقيع جرى في وقت متأخر مساء ذلك اليوم من عام 1945، يوافق الساعة الواحدة بعد منتصف ليل 9 ايار بتوقيت موسكو. وقدرت خسائر الاتحاد السوفياتي في حينه ب20 مليون قتيل الا ان الاحصاءات الأخيرة ذكرت ان الرقم الحقيقي يصل الى 30 مليوناً. وأكد بوتين ان "اسهامنا كان حاسماً في الانتصار على الفاشية". ووقف للمرة الأولى على منصة خاصة أمام ضريح فلاديمير لينين والى جواره سلفه بوريس يلتسن وبالقرب منه عدوه اللدود الرئيس السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف. وحيا الروساء وسائر قادة الدولة ثلة جنود حملوا الراية الحمراء التي كانت رفعت فوق قبة البرلمان الألماني الرايخشتاغ في برلين لتؤذن عام 1945 بانتهاء الدولة النازية وبزوغ نجم قطب جديد هو الاتحاد السوفياتي الذي انهار بعد 46 عاماً من انتصاره التاريخي. وسار في أثر الراية خمسة الاف من المحاربين القدامى الذين صنعوا النصر، لكنهم اليوم على هامش الحياة ويكادون لا يجدون ما يقيم أودهم، بل ان بعضهم يتلقى مساعدة من "المهزومين" الألمان. و"كوفئ" أبطال الحرب المشاركون في مسيرة الأمس ببذلات موحدة وزعت عليهم لكي يعدوا في مظهر لائق ب"الدولة العظمى" التي يتحدث عنها الرئيس الروسي الجديد. واكد بوتين امس ان روسيا "على مدى القرون هي البلد المنتصر". وتابع انه "لا توجد قوة قادرة على ان تهزم جيش روسيا وسلاحها". وفي اشارة الى الغرب والى أنصاره داخل روسيا حمل الرئيس بشدة على "من يحاولون ان يطمسوا من ذاكرتنا اننا بلد كبير جبار". ولوحظ ان سيد الكرملين الجديد لا يكف عن استخدام التعابير "السوفياتية" في خطبه والتذكير بالماضي التليد، بل انه شارك امس في افتتاح لوحة داخل الكرملين حفرت عليها اسماء عدد من القادة العسكريين السوفيات الذين منحوا "وسام النصر"، ومن بينهم يوسف ستالين الذي كان اسمه يعد في عهد بوريس يلتسن رمزاً ل"الديكتاتورية والإجرام" وشطب عملياً من تاريخ الدولة. وحملت صور ستالين في مسيرة كبرى نظمتها القوى اليسارية لمناسبة يوم النصر وقدر عدد المشاركين فيها ب100 ألف. وذكر زعيم الحزب الشيوعي غينادي زيوغانوف ان "قادة يشبهون الأساطير" على رأسهم ستالين هم الذين صنعوا النصر في الحرب. وحذر رئيس الدولة من تنفيذ البرنامج الاقتصادي الذي اعدته مجموعة من الخبراء الليبراليين بتكليف من الكرملين، وقال ان تطبيقه سيكون "بربادوسا" اخرى، مشيراً بذلك الى الخطة التي و ضعها هتلر للاستيلاء على العاصمة السوفياتية وحملت اسم "باربادوسا".