أول الكلام: للشاعرة الأردنية/ زليخة أبو ريشة: - أرقب الليل مرايا لم أكن أمسك شيئاً غير قطن من فراغ وفقاقيع ابتهاج في الفراغ لم أكن أمسك إلا لحظةً فيها الصقيع كنتَ حزني جاء من فجٍّ عميق!!
اشتقت إلى... السفر!! شهور تطول وتتمدد بين أضلعي، وكأنها قضبان سجن، وما أنا بالسجين، إلا وراء الملل، والتعوُّد، وورقتَي الكربون والنشَّاف! الذي نُصبح عليه، نمسي عليه... وما يخترق أذني هو نفسه الذي يُُحدث فيها بعد ذلك: وقراً! حتى النساء المليحات على شاشة التلفاز، عبر الفضائيات الكربونية: فقدن جاذبية النظر اليهن... وكأنَّ جمالهن: صنعة، أو "سلوفان" يُخبئ تحته قبحاً! وفي لحظات التفاؤل العابرة... أتذكَّر صورة شعرية من محفوظاتي في الزمن البمبي: - "وكنت تقول لي في الصيف: نحن هنا: غريبان، وضيفان وكنت أقول في نفسي: غداً... يختال وجداني"!! وكأنني في عمق هذا الملل، والاستغراق في التثاؤب... لم تعد لي من قضية إلا: "كيف يختال وجداني"... أو: كيف هي الحياة إذا ما اختال وجداني؟!
ولم تعد تنفعني قاعدة الذين يشرئبُّون الى راحة البال، القائلة: أذن من طين، وأذن من عجين... فالطين كما صوّر الشاعر اللبناني الكبير/ ايليا أبو ماضي: "نسي الطين ساعة انه طين... فصال تيهاً وعَرْبد"... أو ان الكثير من بشَر هذا العصر، هم عجينة هذا الطين الذي نسي ساعة انه طين، فصال تيهاً وعربد!! أما "العجين"... فقد أصبح هو عمل الكثرة من الذين نعرفهم ولا نعرفهم... ممن خضعوا لما يسمونه في مصر الكنانة: "عجين الفلاحة"!
ولكني... عدت أقول: اشتقت الى السفر... اشتقت الى الشوق... الى ذلك التموُّج في الضوء المشرع، وفي ذلك الائتلاق الذي يُرينا مشهداً كأنه المدار الكامل للاكتشاف، أو للمعرفة، أو... للحب! وإذن... المطارات مزدحمة حتى الفوضى، والناس الذين فروا من شدة الحر، و"لسلسة" الرطوبة/ ذرافات ووحداناً: عادوا الى مسقط رؤوسهم بعد أن أهدروا من العملة الصعبة ليقعوا في ثمالة شبكة الحر! وهناك من تسمعه الآن: يضحك في الغرف الخالية... وهناك من يمتلئ بالدوار لأنه تعوَّد على اللف والدوران! ورغم كل ذلك، وفي كل ذلك: اشتقت الى السفر... وفي صدري ألف طعنة من الأصداء، وحقول أحلام اعتدى عليها الموج والزبد!! أما مساحاتي فما زالت حافلة بحوافر الخيل الصاهلة وترديد الصحراء لأناشيدي!!