أثار قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سحب القاعدة العسكرية الروسية من فيتنام واغلاق مركز المراقبة الالكترونية في كوبا ردود فعل متباينة. وفيما رفضت هافانا القرار ودعت الى حوار مع موسكو في شأنه، وصفته واشنطن بأنه "شاهد جديد على نهاية الحرب الباردة"، بينما اعتبره مراقبون في موسكو قبولاً روسياً بالترتيبات الجديدة في العالم. وكان الرئيس الروسي أعلن القرار عقب اجتماعه مع مسؤولين في وزارة الدفاع. وذكر القائد العام لسلاح البحرية الروسي فلاديمير كورويدوف انه كان قدم تقريراً في هذا الشأن الى بوتين ضمنه توصيات بسحب القاعدة العسكرية من فيتنام، مشيراً الى انها "لم تعد تحقق فوائد تذكر"، وتحولت الى "عائق يثقل كاهل الموازنة الروسية". وكانت القاعدة الواقعة في شبه جزيرة كامران الفيتنامية انتقلت الى سيطرة الاسطول السوفياتي عام 1979 بعدما كانت قاعدة اميركية خلال سنوات الحرب الاميركية - الفيتنامية، ووقعت الحكومتان السوفياتية والفيتنامية اتفاقاً عام 1981 ينظم الوجود العسكري السوفياتي فيها، وتولت القطعات المتمركزة فيها مسؤولية صيانة قطع البحرية الروسية في المحيط الهادئ وتزويدها بالوقود. وشهدت القاعدة أول تقليص لطاقمها عام 1991، ثم تراجع الاهتمام بها منذ عام 1994 بعدما آلت الى روسيا اثر انهيار الاتحاد السوفياتي. اما محطة المراقبة الالكترونية في بلدة ريدوس الكوبية التي تبعد عن شواطئ اميركا 150 كيلومتراً فتأسست عام 1964 ولعبت خلال سنوات الحرب الباردة دوراً بالغ الاهمية في حرب التجسس بين موسكووواشنطن، وتعد حالياً أهم نقاط الخلاف بين الجانبين. وكان الكونغرس الاميركي اتخذ قراراً العام الماضي يربط اعادة جدولة الديون الخارجية الروسية بإغلاق هذه المحطة. وفور اعلان القرار عبر الرئيس جورج بوش عن ترحيبه به ووصفه بأنه "شاهد آخر على نهاية الحرب الباردة"، ولفت الى ان موسكو أعلنت قرارها قبل ايام من لقاء القمة المقرر بين الرئيسين الاميركي والروسي بعد غد الأحد في مدينة شنغهاي الصينية. وكان مراقبون في موسكو وصفوا القرار بأنه قبول بالترتيبات الاميركية الجديدة في العالم، ويتوقع ان تصعد القوى اليسارية من حدة الاعتراض على القرار، خصوصاً في ضوء التطورات الجارية في آسيا الوسطى. من جهتها، رفضت كوبا القرار الروسي، واكد مصدر رسمي في الحكومة الكوبية ان الاتفاق الموقع بين الجانبين بشأن محطة المراقبة لا يمكن الغاؤه من طرف واحد. وأشار الى ان اغلاق المحطة يعرض الأمن الكوبي لخطر شديد، داعياً موسكو الى الحوار مع كوبا في شأن عدد من القضايا المتعلقة بالمحطة قبل الشروع في تنفيذ القرار. وشدد المصدر الكوبي على ان التوقيت الذي اختير لإعلان القرار غير مناسب ويأتي في وقت "تتزايد فيه التهديدات العدوانية الاميركية لعدد من الدول في ظل اشتعال الحرب ضد افغانستان" واصفاً قرار موسكو بأنه "تنازل ليس له مبرر لواشنطن". وفي موسكو اكد الناطق باسم الخارجية الروسية الكسندر ياكوفينكو ان بلاده بحثت في مسألة اغلاق المحطة منذ زمن طويل مع هافانا، وشدد على ضرورة عدم تأثر العلاقات بين الجانبين بهذا القرار الذي "يأتي لأسباب اقتصادية". واضاف ان موسكو تعمل على "اتخاذ اجراءات اقتصادية صارمة لتركيز جهودها على محاربة الارهاب الذي أصبح يشكل الخطر الاساسي ضد أمنها القومي بعد نهاية الحرب الباردة". وكان نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان قسطنطين كوساتشيف اشار الى ان موسكو تتجه نحو "سياسة براغماتية تساعدها في الحفاظ على مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية في العالم". وتكررت هذه العبارات على ألسنة عدد من السياسيين والعسكريين الروس، وذكر رئيس الاركان الروسي اناتولي كفاشنين ان "الاوضاع السياسية والعسكرية في العالم تغيرت وعلى روسيا ان تكيف نفسها حسب متطلبات المرحلة الجديدة".