رغبة } شعراء عراقيون تائهون في المنافي. بالكلمات فقط يستعيدون الزمن الضائع. العراق قبل الحروب وبغداد القديمة والطبيعة الخضراء. هنا قصائد من شاعرين عراقيين مقيمين في لندن: رغبة وأنت تُسرفُ في الصمت وَتدلقُ كأسَ الكلام على المائدة ترنو إليك وجوهٌ كثيرةٌ من المرآة تسمع همهماتٍ فتنتبه لحشد ظلال خلف النافذة رياح تعبث بالستائر ترى آثار يديك على أشجار المدرسة الرياحُ ذاتها تعبثُ بدفاترك الأولى تسمع وقع خطى بين الأشجار وقع خطى خافت على الأعشاب صوت أبيك وخشخشة مسبحته وهو يهمُّ بإخراجها من جيب سترته خشخشة أشجار بعيدة... قريبة أعشاب تبلل قدميك بندى الصباح فتنتابك رغبة بالبكاء رغبة بالكتابة عن شيء ما... 2-6-2001 في قاعة لندن! المعرفة تكرج في الممرات تسأل عني: أنا الإنسان الأخرس أضعتُ الطريق الى الباب ورواد الندوة يمرون ويختفون فلا أقوى على التمسك بأحدهم ولا هم يدركون حيرتي لكنني وجدت نفسي هناك. قادتني الصدفة أو الضرورة الحيرة وانتظار الفرج وصوت المغني حين يقول: "جيين للدنيا منعرف ليه..." وسمعتُ خشخشة مفاتيح في لغط الجمهور الأصوات تعلو والأشباح تهرب وصوت المغني يعلو "خايف طيور الحب تهجر عشها وتهرب بعيد..." فأدركت الهمزة وحنين الباء وانفتحت أبواب الكلمات ومعاني الأشياء كان المشهد أخاذاً في صمت القاعة في قاعة لندن حيث الدنيا واسعة الدنيا ماء فركبنا في زوارق مختلفة ومؤتلفة وانحدر الماء بنا ونحن نغني في الماء "المبتلي بالحب مهما تهنا برضو مبتلي..." ونعود الى القاعة مذهولين فيستقبلنا الجيش وشيوخ قريش وحديث الدرهم والدينار وسيف السلطان ورطانات الأشباح فتكر علينا مسبحة الأوراق وخشخشة مفاتيح الجنة وصوت الإنسان: أنا الإنسان الأخرس، أنا الإنسان أين بلادي وأبواب بلادي؟! أين الأبواب؟! وأين مفاتيح الأبواب؟! العراق صغاراً بثيابنا التي بللها المطر نقترب من السبورة وهي تتسع تتسع السبورة وتتسع لكننا لم نكتب سوى جملة واحدة: يعيش العراق في ساحة المدرسة التي تتسع بنا وتتسع وللسماء الزرقاء البعيدة للغيوم الخفيضة للأمطار لم نقرأ سوى نشيد واحد: يعيش العراق ول"الحرس القومي" الذين دخلوا الصف بصراخ بنادقهم الأهوج وقتلوا المعلم أمامنا، لم نصرح سوى: يعيش العراق وفي المنافي خلف الحدود السود حين تقتلنا الليالي التي لا تنتهي لا يوقظنا سوى صوت حزين مبحوح يأتي من جميع الجهات: يعيش العراق... يعيش العراق