أثار وجود عسكريين أميركيين في الأراضي الباكستانية لغطاً واسع النطاق، فيما سيطرت القيادة العسكرية الاميركية على الاجواء الباكستانية لتنظيم الرحلات الدولية القادمة والمغادرة، حتى لا تتضارب مع عمليات تحليق الطائرات المشاركة في الضربات على افغانستان. ويصل وزير الخارجية الأميركي كولين باول الى اسلام اباد غداً، لاجراء مشاورات مع القيادة الباكستانية تتناول المواضيع الشائكة، وأهمها التوتر في كشمير، والوضع الباكستاني الداخلي والحملة العسكرية على افغانستان وحجمها. ودعا نائب زعيم "جمعية علماء الاسلام" عبدالغفور حيدري أنصاره الى التوجه اليوم لمحاصرة قاعدة جاكوب اباد في ولاية السند حيث نقلت القيادة الأميركية قوات ومعدات لوجستية وطائرات هليكوبتر بينها "اباتشي" الهجومية. وأفادت مصادر مطلعة ان التحركات الأميركية توحي بأن ثمة عملية هجومية على افغانستان تستخدم فيها هذه الطائرات لاطلاق صواريخ عن قرب على أهداف محددة. وبحسب معلومات حصلت عليها "الحياة"، تسلمت القيادة العسكرية الأميركية قاعدتين في ولاية بلوشستان، هما ذهب وباسني وقاعدة بادابير في بيشاور، اضافة الى جاكوب آباد. وكان وزير الداخلية الباكستاني اعترف في تصريحات مساء أول من أمس بوجود قوات أميركية على الأراضي الباكستانية. ثم سارع الناطق باسم القوات المسلحة الباكستانية راشد قرشي الى نفي ذلك، مما أثار لغطاً، اضطرت على اثره القيادة الباكستانية الى الاعتراف بوجود القوات، لكنها "ليس لأهداف قتالية"، على ما أعلنه "مصدر رسمي" للصحافة ووسائل الاعلام أمس. في موازاة ذلك، علمت "الحياة" ان القيادة العسكرية الأميركية في منطقة الخليج تولت تنظيم ومراقبة الرحلات الجوية الدولية من باكستان واليها، فيما بقيت الرحلات الداخلية تحت سيطرة برج المراقبة المحلي، على ألا تحلق الطائرات الباكستانية في رحلاتها الداخلية الى ارتفاع يزيد عن ثلاثين ألف قدم وتبقى دون هذا الارتفاع. وأفاد أحد الخبراء في شؤون الملاحة ان لهذا القرار سببين: الأول رغبة القيادة الأميركية في متابعة مسار الرحلات القادمة من الخارج من أجل تفادي عمليات انتحارية تستهدف منشآت حساسة، كالتي وقعت في واشنطن ونيويورك في 11 الشهر الماضي. والسبب الثاني هو رغبة القيادة الأميركية في إبقاء مواعيد طلعات الطائرات المشاركة في العمليات على افغانستان سرية لأهداف أمنية. باول من جهة أخرى، علم ان وزير الخارجية الأميركي الذي يصل غداً الى اسلام اباد، سيبحث مع الرئيس الباكستاني برويز مشرف وعدد من كبار المسؤولين، في قضايا تتعلق بانعكاسات الضربات لافغانستان على الوضع الباكستاني الداخلي، خصوصاً في حال تزايد عدد الضحايا المدنيين وطول مدة الحملة، وهو موضوع بدا وكأن سوء تفاهم حصل حوله بين الجانبين، اذ أكد مشرف مراراً ان الحملة ستكون سريعة وخاطفة، فيما أكد الرئيس الأميركي جورج بوش انها طويلة. ويناقش الجانبان مسألة التعهدات الأميركية لباكستان والتي تتناول المساعدات المادية، في مقابل الاستعدادات الباكستانية لتوسيع اطار الدعم اللوجستي. جدول أعمال وفي المحادثات أيضاً، قضية كشمير وسبل احتواء التوتر بين باكستان والهند، خصوصاً وأن نيودلهي لم تتوقف عن التحذير من وجود تنظيمات "ارهابية" كشميرية، معربة عن رغبتها في أن تعمل اسلام اباد على وقف نشاطها، تحت طائلة تولي القوات الهندية معالجة الأمر. وكانت تصريحات لنائب وزير الخارجية الأميركي ريتشارد ارميتاج أثارت ردوداً سلبية، اذ قال ان "كشمير المنطقة الأكثر خطورة في العالم"، وذلك في تعليق على تقارير عن احتمال حصول غزو هندي للشطر الكشميري الواقع تحت سيطرة باكستان حيث تعمل منظمات مناهضة للهند. وتتخوف واشنطن من أي عملية هندية عبر الخط الفاصل بين شطري كشمير، باعتبار ان ذلك قد يشعل فتيل حرب بين الجارتين النوويتين ويؤدي الى تحويل اهتمام الأميركيين عن عملياتهم الدائرة حالياً في افغانستان. وكان الناطق باسم الخارجية الباكستانية وصف زيارة باول ب"انها زيارة بالغة الاهمية في وقت بالغ الاهمية"، موضحا ان محادثات الوزير الاميركي الذي يزور نيودلهي ايضا، يفترض ان تتناول العلاقات الباكستانية - الهندية، خصوصا الوضع في كشمير والذي وصفه بانه "منبع خطير للنزاع وتجبجب معالجة هذه المسالة بشكل جذري".