قبل أشهر وفي خضم الحديث عن قضية الكويتيتين ليلى العثمان وعالية شعيب، كتب أحد "المتخصصين" الألمان في الأدب العربي عارضاً - عن نية حسنة - قضيتهما ومستشهداً بأقوال من الصحف العربية، على افتراض أنه يتابعها باهتمام، وقد استشهد بقول، من بين أقوال أخرى "للكاتبة المصرية" رجاء النقاش. وهذا المتخصص كان عُرف عنه اهتمامه الخاص بمصر! لكن المشكلة ليست هنا، فمن منا لا يرتكب الأخطاء؟ بديهي في أن بعض هؤلاء السادة يدّعي أنه مالك المفتاح الوحيد والمقرّر الذي لا يخطئ والذي يقرر ما هو الأدب العربي، وما الذي يصلح منه للترجمة وما الذي لا يصلح! وإذا سوّلت لك نفسك وحاولت تبيان جوانب أخرى، فستُحارب وتُطرد من جيرة هؤلاء العارفين، لتُجيّر بعشرات الأوصاف ليس أقلها الجهل وأكوام أخرى من الاختلافات، فأنت لا تعرف ما يصلح منه للترجمة الى الألمانية ولا تعرف ما يلائم القارئ الألماني، إذ أنه هو وحده من يقرر هذا، ولا شريك له في هذا القرار. و"أنطولوجيا الشعر العربي الحديث" الصادرة حديثاً في المانيا وهي الثانية بعد الأنطولوجيا الموسعة التي حررها الشاعر العراقي خالد المعالي والتي ضمت مختارات لأكثر من ثمانين شاعراً والتي حررها وترجمها شتيفان فايدنر وصدرت تحت عنوان "لون البعد" في 296 صفحة، هذه الأنطولوجيا، هي من هذا القبيل الذي للأسف لا ينم عن الجهل فقط وانما هو منفوخ بعشرات الإدعاءات. فالرجل العاقل لا يفتخر بما لا يعلم فضلاً عما لا يعلم كما يقول الشيخ ركن الدين الوهراني! لكن هذا المستشرق الذي لم يكتف بالإدعاء باعتباره متخصصاً في الشعر العربي بالعربية والفرنسية، بل هو قدم مختارات ل36 شاعراً عربياً مترجم عن الفرنسية والعربية وهم: فدوى طوقان، خليل حاوي، محمد ديب، توفيق صايغ، نزار قباني، نازك الملائكة، بدر شاكر السيّاب، عبدالوهاب البياتي، صلاح ستيتيه، أدونيس، فؤاد رفقة، صلاح عبدالصبور، محمد الماغوط، سعدي يوسف، ناديا تويني، سنيه صالح، شوقي أبو شقرا، أنسي الحاج، فينوس خوري غاتا، أمل دنقل، محمود درويش وسواهم... انما لم يجد لدى شعراء آخرين ما يستحق الترجمة إلا سطرين أو ثلاثة أو أربعة. لهذا جمعهم في سلة واحدة وحذفهم حتى من الفهرست، بعدما اجتزأ من قصائدهم مسيئاً اليها واليهم، ومن هؤلاء: فوزية أبو خالد سطران، مريد البرغوثي 3 أسطر، سليم بركات 3 أسطر، أندريه شديد سطران، عبدالقادر الجنابي سطران، منعم الفقير سطران، فرج العشة سطران، صلاح نيازي 4 أسطر، سميح القاسم 4 أسطر، بول شاوول 3 أسطر، جورج شحادة 3 أسطر... أما الشعراء الذين لم يسمع بهم أو وجدهم لا يصلحون للقارئ الألماني أو للترجمة حتى في سطرين، وأكثرهم ترجم الى أكثر من لغة أوروبية، فنذكر منهم على سبيل المثال: جورج حنين، بلند الحيدري، أحمد عبدالمعطي حجازي، جويس منصور، محمد خيرالدين، وعبدالعزيز المقالح.