من الشرق إلى الغرب... من الماضي إلى الحاضر... من الكلمة إلى الصورة، يأخذك كتاب «أصوات نساء» برحلة إلى عالم جميل بطلته «امرأة». عالم حاكت خيوطه نساء يتباعدن في الجغرافيا والثقافة واللغة والتاريخ، ويلتقين في كونهنّ نساء، نساء صنعن الفن. ينقل هذا الكتاب أصوات نسوة تجاوزن بفنهن حدود المكان والزمان ليصلن إلى العالم كلّه، من سافو إلى شاعرات من هذا العصر. تتشكّل هذه الأنطولوجيا من 477 قصيدة من 162 بلداً و84 لغة انتقاها الشاعر الفرنسي ليونيل راي بالتعاون مع أ. تورغت على مدار ثلاث سنوات من العمل الدؤوب الذي أرسى أخيراً على 343 شاعرة و49 مصورة من آلاسكا إلى سيبيريا، مروراً بأفريقيا الجنوبية والشرق الأوسط. أنطولوجيا «أصوات النساء» الصادرة عن دار «توركواز» الفرنسية تجمع مختارات من قصائد لشاعرات عربيات كتبن بالعربية أو بلغات أجنية من الخنساء إلى نازك الملائكة ونادية تويني وفينوس غاتا خوري وزليخة أبو ريشة وفوزية أبو خالد وفدوى طوقان وسنيّة صالح. وتولّت مهمة الترجمة من العربية رانيا سمارة، إضافة إلى مترجمات لهنّ باعهنّ الطويلة في مجال الترجمة من لغاتهن الأصليّة إلى الفرنسية. «أصوات نساء» لا يُمثّل أنطولوجيا عادية تهدف إلى جمع مختارات من قصائد أو صور معينة، بل هو كتاب ضخم تتلاقى عبر صفحاته العصور وتتزاوج الثقافات وتنصهر اللغات. هو ألبوم يحتفي بالمرأة ويُشيد بها كفنانة وشاعرة بعدما اعتُبرت طويلاً مجرّد مُلهمة للفنون، فنون «الذكور». تُعبّر هذه الأنطولوجيا عن النظرة الاجتماعية - الثقافية لكاتباتها وفناناتها. بل إنها تصوّر حضور المرأة في مجتمعها وتُسطّر موقعها في العالم في ظلّ الظروف التي تعيش فيها. وفي هذا الصدد تقول أ. تورغوت عن هذا الكتاب إنّه «إصغاء حسّاس إلى الأنفاس والإيقاعات بدلاً من الخطابات والنظريات... إنّه انتباه لآثار المرأة في كلّ زمان ومكان». أمّا الشاعر ليونيل راي فيذكر في بداية مقدّمته دور المرأة الرائد في مجال الفنون في كلّ دول العالم وتعاطف اللغة معها، باعتبار أنّ معظم مفردات الفنّ والشعر مؤنثة مثل: «القصيدة، الصورة، الكلمة، الجملة، الحكاية، القيثارة...»، ثمّ يؤكّد في مجمل مقدّمته ضرورة تعديل بعض المصطلحات الأدبية غير الصحيحة كقولهم «الشعر النسائي»، لأنه لا يوجد ما يُسمى شعراً نسائياً بل ثمّة نساء يكتبن الشعر. ومع هذا الكم الهائل من القصائد والصور والأسماء واللغات والجنسيات يبدو تصنيف المختارات أمراً معقداً. لذا، تمّ اعتماد الترتيب القارّي والمناطقي لكونه يُسهّل على القارئ فهم ماهية القصائد التي تدور كلّ واحدة منها في فلكها الخاص. تُشكّل هذه الأنطولوجيا سيمفونية تجمع أصواتاً نسائية «تقول» الحياة وتصورها كلمةً ورسماً. ويبقى هذا المشروع الجريء والرائد والمفاجئ بمثابة هديّة إلى «المرأة»، كلّ امرأة في أيّ زمان أو مكان.